تعتبر العيون في الشعر الفراتي إحدى المفاتن الأساسية عند شعراء الغزل، فقد صورها الشعراء بأشكال مختلفة بعضها حمل الجمال والوداعة والقوة، وبعضها كتبها بألوان "السويحلي" و"العتابا" و"أبو الرود" حتى اتصف الشعر الذي يصف العيون بالشعر العذري والكلمة الرقيقة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 11 نيسان 2014 السيدة "سلوى المحمد" فقالت: «لم يخل الشعر الشعبي في وادي الفرات من ذكر محاسن العيون وصفاتها بل وحتى في قوالبها وألوانها، ولقد أبدع شعراء الفرات في وصف العيون الجميلة التي يمتزج فيها الغموض والجمال والسحر، فقالوا:

لا يزال أهل "الدير" يرددون أبياتاً من الشعر حول ملامح وجه المرأة ومفاتنها، ومنها تغزلهم بالعيون دون أن يعرف قائلها، أو في أي عصر قيلت أو لمن قيلت له، يكفيه من ذلك المعنى المتضمن بالأبيات التي يسقطها بدافع الإحساس النفسي

"أمس وردن على الخابور والعين... ومعجبني سواد الهدب والعين

الباحث المرحوم "عبد القادر عياش"

وجــع مابيج بــس الرمد والعين... ومكدرة على فــرق الحبـاب"».

ويشير الباحث المرحوم "عبد القادر عياش" في مجلة "صوت الفرات" بالقول: «وصف شعراء الفرات العيون أرق إحساساً وأرهف شاعرية لأن شعرهم يطفو فوق نهر صاف من العواطف الصادقة التي تغرق القلوب الوفية بألم الوجد،

فقالوا في "السويحلي":

الباحث في التراث الفراتي "محمد الحومد"

"عينك علينا مازلنا جيران عينك علينا... وإلا تجينا بحجة غرض يازين الإ تجينا".

وفي غناء "الهلابا":

"جتلتيني ياعنز الجراجب... سودة عين مقرون حواجب

عسى الياخذج ماله عواجب... ولا له وليد كبره يصيح يابا"».

ويضيف "عياش": «لا يزال أهل "الدير" يرددون أبياتاً من الشعر حول ملامح وجه المرأة ومفاتنها، ومنها تغزلهم بالعيون دون أن يعرف قائلها، أو في أي عصر قيلت أو لمن قيلت له، يكفيه من ذلك المعنى المتضمن بالأبيات التي يسقطها بدافع الإحساس النفسي».

فيقولون في لون "الهلابا":

"شفت الزين يغمز لي بعينه... ويجر الميل من عيني لعينه

أبو "فلان" ياربي تعينـــه... عبنه زين لورد الجوابــا

شفت الزين عل خابور... ودمع العين عل وجنات حدر

طولي على طولج مقدر... وبيجي الزود ياسمحه الرقابا".

وفي غناء "أبو الورد" قالوا:

"طلعت بصورة نونها... والكتب اللي يقرونها

حبر ياسود عيونها... عيون الغزال اللي يرد".

ويشير مدرس اللغة العربية حول الغزل الفراتي في العيون بالقول: «العيون تتكلّم ولكن بلا صوت، فتوحي إلى ما بداخل الشاعر من لهبُ الحواس، وتغزو القلوب، فهي معين الجمال، وينابيع الإلهام، يستقي منها الشعراء شعرهم، والأدباء والمفكرون أدبهم وفكرهم، هي وحيهم الذي يستهلمون، وطريقتهم التي يختارون، هي خلاصة إنسانيتهم ومستودع أسرارهم».

فيقولون في غناء "يابربانه":

"شفته بالحميدية... عيونه سود مجليه

يمه اش مرت بنيه... سلبت عقلي وإيمانه".

وفي غناء "علسيه" يقولون:

"علسيه يابو السيه... بالله ردي عليه

يوم أشوف عيونج... روحي ترجع عليه".

ويشير الباحث "محمد الموسى الحومد" في كتابه "أحاديث على الهامش في الشعر" قائلاً: «يرى شعراء الفرات في العيون مكمناً للجمال وسحر للقلوب، ولذلك حظيت العيون بنصيب كبير من الشعر الفراتي، سواء أكان ذلك في القصيد أم العتابا أم الموليا أم النايل أم اللكاحي، فقد رآها شاعر القصيد مكحلة واسعة يعلوها حاجبان كخطوط القلم:

"امزوق العينين رعل الروابيع... خطوط القلم من فوقهن يناجي

امــدور الخدين بدر المطاليــع... نجم الثريـــا بجبينو أظن".

أما شعراء الموليا فقد أولوا العيون أهمية بالغة حيث أخذت مكان الصدارة بين أوصاف الحبيب، فهي قاتلة كطلقات البندقية تارة:

"عيونو فشك ماطلي موزر ومد ابها... عيون ما تشوف الولف عود الرمد ابها

لضرب فجوج الفلا بالليل والوبها... مثل مغلوث نتزع شوفو عن المية".

وذابحة تارة أخرى:

"بعد ما بان الفجر الغر صابحني... ونسلهمت عينها بالهدب تذبحني

من بعد هرج الغلط سامحنـــي... لانت المسامح ولالك بالغدر شيه".

أما شاعر النايل فيرى عيني الحبيب كعيني الغزالة الضامرة في شهر تموز:

"الطول كله رقبة والصدر كله حروز... والعين عين الغزالة الضامرة بتموز".

وفي لون اللكاحي يرى الشاعر حبيبته كغزالة ضامرة وقد كحلت عينيها:

"لاعن عنين المكسور اللي أهلو يدارونوه... ولفي غزال مضمر ومكملات عيونه"».