يعتبر دير "الراهب بحيرا" في مدينة "بصرى" الأثرية، من الآثار البيزنطية الهامة في المدينة، يختلف في تصميم بنائه عن سائر الأديرة والكنائس في المنطقة، ويعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي.

وكان الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" في رحلاته التجارية إلى دمشق قد مر "ببصرى" وقابل "الراهب بحيرا" المسيحي الذي تنبأ بنبوته والمذكورة في القرآن الكريم والكتب المقدسة. وهذا ما ساهم بدخول المدينة على قائمة التراث العالمي كمدينة ذات قيمة دينية لدى المسلمين في كافة أصقاع الأرض، وجعلها محجاً للسياحة الإسلامية.

يعد دير "الرهب بحيرا" من أقدم كنائس المدينة القديمة، تم تشييده كبناء وثني على الطراز الملكي، يبعد 30م شمال الكاتدرائية، ما يبعث على احتمال تشييده في مطلع القرن الرابع بعد الميلاد، بني فوق أنقاض بناء قديم وكان قصدهم من إبقاء الأنقاض المتراكمة على حالها أن يجعلوا لبناء المعبد ارتفاعاً ملحوظاً بين أبنيته القديمة القائمة في ذلك الحين، كي يبدو لأعين السكان المقيمين في جميع أنحاء المدينة، ويطلق عليه سكان مدينة "بصرى" اسم دير "الراهب بحيرا"، وقد عاش الراهب بحيرا في "بصرى" خلال فترة قصيرة قبل مجيء الإسلام

المهندسة "وفاء العودة" مديرة آثار "بصرى" تحدثت لموقع eDaraa بتاريخ 20/2/2012 عن الأهمية التاريخية للدير فقالت لنا: «يعد دير "الرهب بحيرا" من أقدم كنائس المدينة القديمة، تم تشييده كبناء وثني على الطراز الملكي، يبعد 30م شمال الكاتدرائية، ما يبعث على احتمال تشييده في مطلع القرن الرابع بعد الميلاد، بني فوق أنقاض بناء قديم وكان قصدهم من إبقاء الأنقاض المتراكمة على حالها أن يجعلوا لبناء المعبد ارتفاعاً ملحوظاً بين أبنيته القديمة القائمة في ذلك الحين، كي يبدو لأعين السكان المقيمين في جميع أنحاء المدينة، ويطلق عليه سكان مدينة "بصرى" اسم دير "الراهب بحيرا"، وقد عاش الراهب بحيرا في "بصرى" خلال فترة قصيرة قبل مجيء الإسلام».

الدير من الداخل

للدير أهمية دينية هامة لكون "الراهب بحيرا" تنبأ للنبي الكريم بالنبوة وهنا تقول: «تشير المصادر إلى أن "الراهب بحيرا" أشار على عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، "أبي طالب"، بالتيقظ على ابن أخيه، وحمايته من المشركين وتنبأ له بأنه سيكون له شأن عظيم، وهو الذي بشر النبي الكريم بالنبوة أثناء رحلاته التجارية إلى "دمشق"، حيث مر "ببصرى" وقابل "الراهب بحيرا" المسيحي.

ومن هنا جاءت أهمية مدينة "بصرى" التي سجلت على قائمة التراث العالمي كمدينة ذات قيمة دينية لدى المسلمين في كافة أصقاع الأرض، وهذا ما جعلها محجاً للسياحة الإسلامية في المنطقة. والوضع الحالي للدير هو نتيجة لتغيرات الزمن المختلفة، إضافة لفعل الزلازل، فالجزء الأمامي الكامل من الدير والواجهة تقدم علامات للتغيرات في الواجهة والأعمدة الجانبية والجدران العليا».

المهندسة وفاء العودة

وعن الوصف المعماري والهندسي للدير الذي يتميز بمهارة البناء، وجمال المنظر ودقة النحت، يقول الآثاري "علاء الصلاح" من دائرة آثار "بصرى": «يختلف مبنى دير "الرهب بحيرا" في طراز بنائه عن كل الكنائس المشيدة في هذه المدينة، وتتخذ نمط المباني البازليكية في المنطقة شكلاً مستطيلاً، والمحراب يكون في الجهة الشرقية وإنه المبنى الوحيد من المباني الكلاسيكية التي كان سقفها على شكل جملوني، ويبدو البناء على شكل مستطيل بإبعاده 14-23 م، يفضي إلى حنية نصف مستديرة فتحتها 9م، وعمق الفتحة 4،60م متجهة إلى الشرق، وكان مسقوفاً بالخشب على شكل هرمي، ويبدو الهيكل من الجهة الشرقية أي من الخارج على شكل نصف دائرة مقببة، وينفذ النور إلى داخله من تسع عشرة نافذة، منها ثماني نوافذ في الجدار الشمالي، ومثلها في الجدار الجنوبي، وثلاث نوافذ في أعلى قوس الهيكل البيضوي الشكل الذي يعد من أروع الأقواس المبنية في الكنائس البيزنطية، حيث تجلت مهارة البناء، وجمال المنظر ودقة النحت».

ويتابع حديثه بنفس السياق فيقول: «يتوسط القوس حجر مزخرف بشكل كرمة وعناقيدها، وسائر حجارته منحوتة ومزينة وتستند عليه نصف قبة مبنية بالحجر المغموس بالكلس، زالت بعض أقسامها. تغير شكل المبنى أكثر من مرة عبر التاريخ خاصة في واجهته، وقد تبدو بشكل يختلف عن وضعها السابق، وكانت الواجهة الرئيسية مبنية على شكل هرمين، أحدهما يعلوا الآخر فالأول يبدأ عند جانبي تاج نصف العمود الأيوني الذي يزين الواجهة، واستبدلت بقوس شاهق مغلق فتحت تحته ثلاث نوافذ، وبابان ينفذ منهما إلى داخل المعبد، وتم الكشف في ملحقات للدير عن بعض أساساته الشمالية والغربية، حيث يوجد مكان يسمى الصومعة، ويعتقد أنه المكان الذي قابل فيه الرسول "ص" الراهب بحيرا».

جانب من الدير

ويقول الباحث في التراث "تيسر الفقيه" عن الدير وأهميته التاريخية للمدينة الأثرية: «كانت "بصرى" عاصمة دينية ومركزاً تجارياً هاماً وممراً على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين، ومنارة للحضارة في عدة عصور تعود لآلاف السنين، كما كانت نقطة توقف على طريق قوافل الحجيج لمكة المكرمة. اسمها ارتبط بالقلب فكل فحجارتها كالبشر تروي الكثير من الأساطير وتداعب خيال الزائر ومشاعره، وهي منطقة حافلة بالآثار الرومانية واليونانية وغيرها، ومن أهم مناطقها وآثارها الغنية، دير "الراهب بحيرا"، الذي يطلق عليه السكان المحليون اسم دير "الراهب بحيرا" ليستعيدوا دائماً ذكرى الراهب النسطوري الذي عاش في "بصرى" قبل ظهور الإسلام بفترة قليلة. وكان الرسول "محمد بن عبد الله" "ص" في رحلاته التجارية إلى دمشق قد مر بمدينة "بصرى"، وقابل "الراهب بحيرا" المسيحي الذي تنبأ بنبوته والمذكورة في القرآن الكريم والكتب المقدسة».