تحتضن مدينة "الصنمين" الكثيرمن الأوابد الأثرية التي تعود للعصرين الروماني والبيزنطي، كالمعبد الوثني الروماني، والمعبد النبطي، والأقنية والبرك والحمّامات، وغيرها من الآثار التي مازالت شاهدة على الحضارات القديمة فيها.

وحول الآثار الموجودة في مدينة "الصنمين" تحدث الآثاري "اسماعيل الزوكاني"، من شعبة آثار "الصنمين" بتاريخ 1/4/2011 لموقع "eDaraa" قائلاً: «تضم مدينة "الصنمين" الكثير من المباني والأوابد الأثرية، التي تعود لفترات زمنية متلاحقة، وأغلبها يعود للفترتين الرومانية والبيزنطية، وذلك نظراً لازدهار المنطقة في هذه الفترة، ولكونها كانت تعتمد على الزراعة بشكل رئيسي.

إن جميع العناصر المستعملة في بناء الجدران والأبواب والنوافذ والأعمدة والتيجان والإطارات والسطوح والأقواس والقواعد والبلاط الأرضي كلها من الحجر البازلتي الأزرق

ما انعكس على ترف الحياة الاجتماعية فيها، فبنيت القصور والمعابد والمباني المختلفة فيها من الحجر البازلتي الأسود، وساعد على ذلك طبيعة المنطقة البازلتية، وتشير المراجع التاريخية إلى أنه كان يوجد فيها بركة تملأ بالماء من نهر "العرام" القادم من "جبل الشيخ"، وكان المصلون يتطهرون من مائها قبل الدخول للمعبد، إلا أنها ردمت بفعل تطور العمران والعوامل الزمنية».

الآثاري اسماعيل الزوكاني

وفيما يتعلق بالمعبد الروماني فيها يقول "الزوكاني": «يعد معبد "تيكا" من أهم آثارها، ويعود تاريحه لنهاية القرن الثاني الميلادي للعام \191\ ميلادي، وما زال ماثلاً للعيان حتى اليوم، اكتشف منذ القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، من قبل الرحالة والآثاريين الذين زاروا "حوران"، وتحدثوا عن كتاباتها وآثارها.

ومعبد "تيكا" عبارة عن مبنى مستطيل الشكل أبعاده/ 150/ م شمال جنوب، و/100 /م شرق غرب تقريباً، ومحاط بأروقة ومحاريب ومداخل متعددة، أكبرها المدخل الرئيسي ذو الحجم الهائل، والذي يبلغ طوله وعرضه حوالي /5 /م.

الباحث نضال شرف

وللمعبد مدخل من الجهة الشمالية، يتوسطه من الداخل في جهة الجنوب محاريب وخزن غاية في الروعة والإتقان، محمولة على أعمدة تعلوها تيجان مزخرفة ومحراب مقبب بقبة حجرية نصف دائرية، وهو من أجمل المباني ليس في "الصنمين" فحسب، وإنما في الجنوب السوري كله، زاره الرحالة الأمريكي "باتلر"، وكتب عنه ووضع له مخططات.

وتعد مقصورة الآلهة من أبرز معالمه، ترتفع عن الأرضية بمبنى واحد، يعلوه إكليل مزين بزخارف هندسية جميلة، يتوسطها حجرتان غربية وشرقية، غربية يمنى مزودة بدرج يقود لسطحها، وآخر يتم الصعود عن طريقه إلى المصطبة، التي يتوضع فوقها تمثال "تيكا"، وهناك حجرة شمالية يسرى مزودة بطابقين، تحوي مدخلاً يؤدي لحجرة صغيرة مفرغة أسفل المحراب، الذي يتوسط المقصورة في الجزء الجنوبي.

جدار معبد تيكا الغربي

وللمحراب حنية نصف دائرية عالية المستوى، تزينها الأفاريز في جانبها العلوي، وكوات جدارية كانت مكرسة لوضع التماثيل، أما عن أجمل الأشياء التي تزين المعبد، فهي تلك الأعمدة المتناظرة في الجهتين الغربية والشرقية، والتي تحمل تزيينات نباتية وهندسية في غاية الجمال، ويلاحظ وجود بعض الكتابات التأسيسية باللاتينية على ساكف المدخل الرئيسي، تشيرإلى أن أحد أبناء المنطقة هو من بنى المعبد وأهداه للآلهة "ايرابوليس"».

وفيما يخص العناصر المستعملة في بنائه ذكر "الزوكاني": «إن جميع العناصر المستعملة في بناء الجدران والأبواب والنوافذ والأعمدة والتيجان والإطارات والسطوح والأقواس والقواعد والبلاط الأرضي كلها من الحجر البازلتي الأزرق».

وعن القيمة التاريخية للمعبد قال السيد "نضال شرف" باحث في التاريخ والتراث الحوراني: «للمعبد قيمة تاريخية حيث يعتبر النموذج الأقدم لبناء البازليكات في "سورية"، ويعتقد بأن سقفه القديم كان من الخشب على شكل هرمي، لكن ذلك السقف سقط ولم يبق منه شيء.

ويذكر أن تلك المحاريب المتوزعة على الجدران كانت مخصصة لحمل التماثيل والمنحوتات الجميلة، وربما لأسرجة الإنارة، في حين كانت أرضيته مبلطة بالحجر البازلتي الأسود، لكنها تعرضت للتخريب في بعض أجزائها، وقد شهدت تنقيبات أثرية في وسطها، عثر جراء تلك الأعمال على بعض الكسر الفخارية العائدة لمختلف العصور خاصة الروماني».

وفيما يتعلق بالآثار الأخرى الموجودة في مدينة "الصنمين" قال "الزوكاني": «يوجد في "الصنمين" الكثير من الأبنية الأثرية أبرزها: المعبد النبطي والأقنية والبرك والحمّامات، ومعظمها من العصرين الروماني والبيزنطي، وفيها جامع "عمر بن الخطاب"، وقبر الصحابي "جبير بن مطعم"، وبرج من قلعة إسلامية، وجامع "عثماني"، وبيوت "رومانية"، وتلة قديمة تسمى "الصورة" فيها الكثير من المعالم القديمة».