قامت الحمامات الرومانية في محافظة "درعا" بأدوار متعددة عبر التاريخ، منها الاجتماعي والاقتصادي والتجاري، إضافة لكونها مكاناً للاستحمام والتسلية، ولاتزال معالمها وبصماتها واضحة تروي قصص التاريخ.

وحول تاريخ الحمامات الرومانية في "درعا"، والتطورات التي طرأت عليها، تحدث الدكتور "محمد نصر الله" مدير آثار "درعا" بتاريخ 10/2/2011 لموقع "eDaraa" قائلاً: «يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، ومن ثم عصر الحديد، وتطورت في منتصف القرن الثاني الميلادي، وأزداد طولها شرقا وغربا بشكل تدريجي ومرحلي، وتشير المعطيات الأثرية التي تم الكشف عنها ولا سيما الأدوات والكسر الفخارية، إلى أن الحمامات شهدت في القرن الرابع ومطلع القرن الخامس مرحلة إصلاحات وتنظيم دقيق ومتسع.

كانت الحمامات الرومانية مكاناً لتبادل المعلومات وعقد الصفقات التجارية، ونالت أهمية كبرى في حياة السكان الاجتماعية، الذين كانوا يتوافدون إليها ليقوموا أولاً بالتمارين الرياضية، وليسترخوا بعدها تاركين لعامل خاص مهمة تدليك أعضاء جسمهم. ومع أن الحمامات الخاصة كانت منتشرة لدى المترفين، إلا أن ذلك لم يكن يمنع دخول فئة منهم إلى الحمامات العامة بغية التعارف والتواصل مع الأصدقاء

وفي القرن السادس تم إشادة أبنية جديدة لها وبناء فسحة خارجية، لتتغير صورة التنظيم والتوظيف للحمامات في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، من خلال بناء مجموعة حوانيت تجارية فوق الشوارع المحيطة بها، ومد شبكة من الطرقات تخترق الأبنية القديمة، وإنشاء تمديدات جديدة من قساطل المياه المصنوعة من الفخار المشوي».

وفيما يخص مواصفاتها ومحتوياتها قال "نصر الله": «عند مدخل الحمام الروماني يوجد بابان رئيسيان، وبداخله يوجد أربع صالات بنيت جميعها من الحجارة البازلتية المنحوتة بشكل جيد، وبمقاييس كبيرة على شكل مداميك منتظمة متساوية الارتفاع، مع وجود أخاديد في الجدران، ونوافذ مغلقة بمصاريع خشبية مزدوجة من الخارج، وبالزجاج الملون من الداخل، كما يحتوي الحمام على أحواض زجاجية مفتوحة وضعت داخل الجص، بين ركائز من القرميد.

في حين تكون القباب من الأسفل مرتكزة على الجدران، وتحتوي على أنابيب المياه الساخنة والهواء الحار، وترس معلق بسلسلة لتعديل حرارة المياه، يستطيع المستحم أن يجذبه أو يرسله فينزل ويصعد الترس أمام الفوهة، وهكذا ينطلق الهواء الساخن والبخار، ليمد البلاط بالحرارة، أما الماء فكان يندفع من خلال قساطل من الفخار تدخل في أقنية معدة في الجدران، إضافة لذلك كسيت حجرات الحمامات بالألواح الرخامية، وزينت بالرسوم الجدارية، وفرشت الأرضية بالرخام أيضاً أو الفسيفساء، كما تم بناء ساحات مكشوفة مزينة بأروقة معمدة».

وعن الحمامات الرومانية الأثرية المنتشرة في المحافظة ذكر الآثاري "ياسر أبو نقطة"، من مديرية آثار "درعا": «تتوزع الحمامات على الكثير من مناطق المحافظة أهمها "الحمام الروماني" في مدينة "الصنمين"، ويعد واحداً من المواقع الأثرية الهامة، ويقع جنوب المعبد الروماني، وحمامات بلدة "شعارة" التي تقع في مدخل الجهة الشمالية للبلدة، ومازالت حالتها جيدة، وأقسامها الثلاثة الرئيسية واضحة، الوسطاني والبراني والجواني.

وكذا حمام "الأشعري" الذي تم اكتشافه في عام /2005/م، وظهرت فيه بعض الأقسام الرئيسية والقنوات والقطع القرميدية المتراكمة فوق بعضها، إضافةً للممرات المقنطرة المرتكزة فوق القنوات».

وفيما يتعلق بحمامات مدينة "بصرى" الأثرية، يقول "أبونقطة": «تشغل الحمامات الرومانية فيها، موقعا متميزا وسط المدينة القديمة، حيث كان يوجد ثلاثة حمامات كبيرة عامة تقدم خدمة التدليك للزبائن عبر اختصاصيين، وحمامات خاصة بمعظم البيوت، يقع الحمام الأول جنوب المدينة بين المسرح والشارع المستقيم، فيما تمتد بقايا الحمامات المركزية إلى الجانب الغربي من سور المدينة.

في حين يقع الحمام المسمى "حمام المعسكر" شمالي المدينة بالقرب من النبع، وتحجب البيوت الحديثة معظم أجزاء الحمامات الشمالية، التي ينفذ إلى سطحها عن طريق البيوت المجاورة، وفي السابق كان يُدخل إليها من الشارع المستقيم بعد اجتياز فناء مرتفع، مزين بثمانية أعمدة من الطراز الأيوبي».

وحول دور الحمامات الاجتماعي والاقتصادي قال "أبو نقطة": «كانت الحمامات الرومانية مكاناً لتبادل المعلومات وعقد الصفقات التجارية، ونالت أهمية كبرى في حياة السكان الاجتماعية، الذين كانوا يتوافدون إليها ليقوموا أولاً بالتمارين الرياضية، وليسترخوا بعدها تاركين لعامل خاص مهمة تدليك أعضاء جسمهم.

ومع أن الحمامات الخاصة كانت منتشرة لدى المترفين، إلا أن ذلك لم يكن يمنع دخول فئة منهم إلى الحمامات العامة بغية التعارف والتواصل مع الأصدقاء».