لا تزال تستمر أيام جني المحصول في "حوران" بأجواء أسرية تسودها الألفة والمحبة والتعاون بين المزارعين، للانتهاء من حصاد الموسم الذي يشمل القمح والحمص والعدس والشعير، بعد عودة مواسم الخير ونزول قطرات الندى التي تسارع المزارعين لاقتناص الفرص والانتهاء من الحصيد والرجيد، اللذين بدأا باستعارة أدوات الحصاد من بعضهم بعضاً ومنها "المنجل"، ومع مرور الزمن ودخول عادات وآلات جديدة في مواسم الحصاد لم تتغير العديد من العادات وبقيت تحافظ على أصالتها وعاداتها التي توارثها المزارعون عبر الأجيال.

يقول الفلاح "نبيل المنزل" وهو أحد المزارعين بقرية "تل شهاب" لموقع eDaraa في 17/7/2010: «خلال أيام الحصاد نستيقظ باكراً منذ بزوغ الفجر، وهذا الأمر ضرورة لا بد منها أيام الحصاد، إذ لا يمكن العمل مع ارتفاع حرارة الشمس، في حين يستمر العمل خلال الأيام الرطبة والندية، وفور وصول الفلاحين يصطفون في مكان الحصاد على نسق واحد خلف سنابل القمح أو الشعير أو "خصال" العدس بشكل القرفصاء ويتوسطهم "الشقّاق"، وهو الذي يكون من الداخل باتجاه الزرع، ويحدد طول وعرض "الوجه"، أي المكان المراد حصاده، و"الشقاق" يكون أكثر الموجودين خبرة وأكبرهم سناً، وصاحب لياقة عالية لكي يبقى الحصادون على جانبه طوال حصاد الوجه، ومن الكلمات التي يرددها "الشقاق" أثناء العمل، "اليوم يومكم يالربع" و"وينهم النشاما"، ويستخدم العبارات التي ترافقها الزغاريد وتزيد الحماس وتثير الحفيظة لديهم. يتخلل الحصاد فترات للراحة وتناول طعام الإفطار الذي يتألف على الغالب من الخبز واللبن والتمر».

عمليات الحصاد ما زالت تترافق بأغان حماسية خاصة بالموسم لزيادة الهمة والنشاط في النفوس من قبل العمال والفلاحين، باختلاف أعمار العمال، لتخفف عنهم بعض العناء وتشجعهم على العمل، والأغاني تتحدث عن العمليات التي تتم خلال الحصاد، وأهمها مهنة "المغمر" وهي تجميع القش المحصود على شكل أكوام، ليبدأ بعدها عملية "الرجاد" وهي نقل القش من مكان الحصاد في الحقول إلى البيادر، و"الدراسة اليدوية" التي تستخدم في أيام الرياح الشرقية لتسهيل فرز الحبوب عن التبن

الحاجة "فاطمة العقلة" "أم خالد" قالت لنا: «عمليات الحصاد ما زالت تترافق بأغان حماسية خاصة بالموسم لزيادة الهمة والنشاط في النفوس من قبل العمال والفلاحين، باختلاف أعمار العمال، لتخفف عنهم بعض العناء وتشجعهم على العمل، والأغاني تتحدث عن العمليات التي تتم خلال الحصاد، وأهمها مهنة "المغمر" وهي تجميع القش المحصود على شكل أكوام، ليبدأ بعدها عملية "الرجاد" وهي نقل القش من مكان الحصاد في الحقول إلى البيادر، و"الدراسة اليدوية" التي تستخدم في أيام الرياح الشرقية لتسهيل فرز الحبوب عن التبن».

مرحلة الغمار وجمع الحصاد

وعن أهمية تساقط حبات الندى لدى الفلاحين يقول السيد "حسين الراشد" "أبو أيمن": «نفضل خلال فترة وأيام الحصاد "أيام الندى" التي ننتظرها بفارغ الصبر لحصاد موسم الشعير والقمح، والسبب هو لعدم فقدان كميات كبيرة من القمح، حيث توفر أيام الندى سهولة قطف سنابل القمح لكونها تكون لينة وسهلة بين "يدي" الفلاح، ما يساعد في عملية اقتلاعها من جذورها لتكون كميات التبن أكبر، لتخزينها لنستفيد منها كطعام للمواشي، والتي تشهد أسعارها انخفاضاً ملحوظاً مع بدء مواسم الحصاد، وهو ما ينعكس انخفاضاً على سعر مبيع المنتجات الحيوانية، ويرافق آخر أيام الحصاد "الجورعة"، وهي الانتهاء من عملية الحصاد، حيث يقدم صاحب الأرض والمحصول ألذ الأطعمة وأشهاها للحصادين».

السيد "حسين الشقران" أحد المزارعين الكبار في منطقة "زيزون" يقول: «نظراً لقلة عدد أيام الندى التي تنزل، يعمل الفلاحون على استثمار أكبر وقت للحصاد، للانتهاء من الموسم قبل انتهاء أيام الندى لجني أكبر مساحة ممكنة، حيث يترافق مع الحصاد عادات كثيرة بين الفلاحين، وأهمها "المعونة" ويتساعد من خلالها أغلبية الحصادين بمساعدة من يكون قد قصر في عمله، ولا يغادرون حقولهم إلا بعد انتهاء جميع المزارعين من حولهم من الحصاد ثم يغادرون سوية، وعند الانتهاء من الحصاد بشكل نهائي يخصص من انتهى من الرجاد والحصيدة، بعض الكميات من المحصول، وإرسالها إلى الأقارب والأسر الفقيرة في القرية، من أجل عمل السليقة وتخزينها للمونة».

تحويل الحصاد الى تبن
اكوام الرجيد