يقصد آلاف الزوار بلدة "جباب" الواقعة في منتصف المسافة تقريباً بين "دمشق" و"درعا" وإلى الغرب من الطريق الدولي "الأوتوستراد" بعدة مئات من الأمتار طلباً للاستشفاء والاستجمام من حمامات المياه المعدنية الكبريتية الحارة المتدفقة من بئر عمقه (777) متراً, بدأ استثمار مياهه عام/2003/عبر إقامة منشأة صحية حملت اسم منتجع "نبع الحياة".

يقول السيد "عبد الله الأسعد" (50 عاما) الذي يشكو من آلام مفصلية في ركبتيه لموقع eDaraa بتاريخ 8/5/2010: «أزور النبع مرتين شهرياً, وحصلت على نتائج جيدة، ولكنها غير كافية».

أزور النبع مرتين شهرياً, وحصلت على نتائج جيدة، ولكنها غير كافية

أما "أحمد العتمة" (46 عاما) فقد أوضح أنه شفي بعد عدة زيارات من بثور كانت منتشرة في فروة جلدة رأسه, كما أكد عدد من رواد المنتجع أنهم استفادوا من المياه في حالات معالجة المفاصل وتشنجات العضلات وأمراض الجهاز العصبي.

المهندس زهير شبيب

وبعد قيام eDaraa بجولة في أقسام المنتجع, التقى المهندس "زهير شبيب" مدير المنشأة ليحدثنا قائلاً: «جاءت فكرة المشروع بعد أن اكتشفت البعثة الفضائية "السورية"– "السوفييتية" في تموز/ عام /1987/ وجود مكمن حار في منطقة "جباب" شمالي محافظة "درعا", ومن خلال الاستشعار عن بعد, تم حفر بئر بعمق (777) متراً، حيث تدفقت مياه معدنية كبريتية حارة تصل درجة حرارتها إلى (45°) مئوية, وغنية بمجموعة كبيرة من المعادن والغازات المنحلة الضرورية لصحة الإنسان, وأوصى معهد أبحاث الشيخوخة في "الاتحاد السوفييتي السابق" بإقامة منشأة صحية على هذا المصدر الهام للمياه, الذي يعد من المصادر النادرة ليس في سورية فحسب, وإنما في العالم, لغنى هذه المياه وقدراتها العالية على مساعدة الناس على الاستشفاء من طيف واسع من الأمراض الجلدية والهضمية والنسائية، ومجموعة من الأمراض المرتبطة بالجهاز العصبي, إضافة إلى قدرة المياه على تحفيز الأجسام لرفع مناعتها الداخلية».

وعلى حد قول المهندس "شبيب": «إن الاستحمام في هذه المياه يؤخر الشيخوخة حيث تحتوي المياه على عناصر الزنك وغاز كبريت الهيدروجين والسلينويوم والباريوم وغيرها من العناصر المفيدة لصحة الإنسان ولا سيما لجلده, وإن قدراتنا على استعادة الحيوية والشباب، وإيقاف زحف الشيخوخة يتوقف على إخراج السموم من أجسامنا، وإعادة بعض المواد النادرة والمعادن التي فقدناها عبر الزمن إلى أجســامنا».

المعالج الفيزيائي في المنتجع

ويضيف المهندس "شبيب": «إن أهم ما في الموضوع هو استخدام هذه المياه بشكل طبيعي دون تسخين أو تبريد أو مزج أو فلترة, ويحرص المنتجع على الابتعاد عن العقاقير الكيميائية, والاقتصار على الاستشفاء بالغطس في مياه تصل درجة حرارتها إلى (45)ْ مئوية».

ولدى السؤال عن ماهية المعادن والشوارد والغازات المنحلة بمياه هذا النبع، وكم عددها، وهل يتم تحليل مياه النبع بشكل دوري, وهل تتغير نسبة المعادن أم تبقى ثابتة؟ يقول المهندس " شبيب": «تكمن أهمية مياه نبع الحياة في أن مجمل المعادن والشوارد والغازات المنحلة موجودة ضمن النسب النموذجية للاستشفاء, وجرى تحليل هذه المياه في عدد من المخابر العالمية، وفي مختلف أصقاع العالم في الاتحاد السوفيتي سابقاً وفي جمهورية التشيك وفي يوغسلافيا سابقاً، وهذه أشهر الدول التي تمتلك أهم منتجعات العالم للمياه المعدنية, وفوجئنا عند ظهور نتائج التحاليل في "مخبر أبحاث الشيخوخة" في "موسكو" بقولهم: «إننا نحسدكم على هذه المياه التي يمكن استخدامها مباشرة دون أي فلترة أو تبريد أو تسخين أو تمديد أو مزج».

مقصورات خاصة في نبع الحياة

وأضاف: «لقد كانت مياه هذا النبع نادرة لأنها تستطيع أن تقدم مجموعة من الحلول الاستشفائية لأجسامنا، وبشكل بسيط جداً، وعلى سبيل المثال: تحتوي المياه على غاز الأوكسجين المنحل بالماء بثلاثة أشكال:"O" أوكسجين وليد وحيد الذرة, و"O2" أوكسجين منحل جزيئي, و"O3" أوزون قلق كيميائياً يتحلل فوراً إلى "O"+"O2"، وإن هذه التركيبة النادرة في المياه الطبيعية, التي يصعب توفيرها بشكل اصطناعي هي التي جعلت فعالية المياه في "نبع الحياة" مختلفة جداً، وطبعاً مركبات الكبريت"S" و"SO" و"SO2" و"SO3" و"SO4" بالإضافة إلى مركبات "OH) +S وكذلك H2S».

وقال"شبيب": «إن كل هذه المركبات بالإضافة إلى مركبات النتروجين تساعد على طرد السموم من أجسامنا، ويقوم الامتصاص الجلدي باختيار المواد المفضلة لاستعادة الحيوية والنشاط، وبشكل عام تشير المخابر إلى وجود (46) عنصراً معدنياً في هذه المياه، وهو ما يعطي الإستراتيجية العملية للمياه.

كما أن الجهات الوصائية (السياحة, الصحة) تقوم بإجراء التحاليل الدورية للمياه، وتراقب استمرارية فعاليتها على تقديم الشفاء للرواد, وثبت باستمرار من خلال التحاليل أن المواصفات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للمياه ثابتة لأن مصدر المياه بعيد عن مصادر التلوث».

وقال "شبيب": «يسمح لكل الرواد بالولوج إلى المياه المعدنية الكبريتية الحارة في المنتجع، بل إن المياه تساعد جميع الرواد على الشعور بأن أجسامهم أصبحت أفضل بعد الولوج فيها, مضيفاً: «أن القسم الطبي يقدم الاستشارات، النصائح الصحية، السلوكية الغذائية، والرياضية المستمرة للرواد, للاستفادة النموذجية من المياه المعدنية الكبريتية الحارة، وللانتقال من وضع صحي معين إلى الوضع الأفضل بما يلائم الحالة الصحية والأعمار والظروف البيئية المحيطة».

وعن الخدمات العلاجية المتممة قال "شبيب": «إن المنتجع يحتوي على قسم يدعى "المركز الحيوي" الذي يقدم خدمة المساج المائي واستخدام الزيوت الطبيعية على مختلف أنواعها في التدليك, إضافة إلى جلسات الاسترخاء والاستفادة من الساحة المغناطيسية والأمواج فوق الصوتية والمساجات اليابانية والصينية, وتقدم صيدلية الطب البديل التي تحتوي على معظم أنواع الزيوت والأعشاب والتجهيزات المساعدة للشفاء، كما بدأ المنتجع بتقديم خدمة الإطعام الصحي، وتقديم اللحوم الغنية بهرمونات النمو الطبيعية مثل طائر السلوى (الفري) الذي يتميز باحتوائه على هرمونات النمو».

المعالج الفيزيائي "فنر شيخ زين" يؤكد فائدة المياه الكبريتية قائلاً: «لمياه "نبع الحياة" الكبريتية مزايا عدة أهمها درجة الحرارة النموذجية، والمفيدة في حالات الاستشفاء للعضلات، ومعالجة الروماتيزم، وآلام الرقبة, فضلاً عن وجود كمية من الشوارد المعدنية الموجودة في المياه تدفع إلى الاسترخاء والراحة, كما أن الكبريت يدخل بتركيب الكولاجين العنصر الترميمي في الإصابات المفصلية والأربطة والغضاريف, كما أن العلاج الطبيعي عقب الحمامات الكبريتية مهم من أجل التسريع بالشفاء».

وقال"زين": «إن وجود الكبريت والشوارد مهم لعلاج الأمراض الجلدية حيث تفيد في القضاء على الفطور والأكزيما والصدفية والثعلبة، كما تعقم الجلد وتنظفه وتفتح المسام ويمكن أن تعالج بعض حالات التهاب الأعصاب».

وقال مدير المنتجع: «لقد استطعنا استقطاب جميع شرائح المجتمع من خلال تأمين المرافق التي لا تتعارض مع الموروث الثقافي والتراثي, وبما لا يتعارض مع معتقداتنا وتقاليدنا».

"علاء يوسف" "من قسم الاستقبال" قال: «يستقبل المنتجع رواده على مدار الساعة وطوال أيام السنة، ويحتوي المنتجع على أحواض سباحة جماعية عامة كبيرة للذكور وسط صالة واسعة, ومثلها للنساء, ‏إضافة إلى أجنحة وحمامات خاصة (شاليهات) تعطي المرضى والعائلات الخصوصية ‏المناسبة».

وتحوي المنشأة مزارع لطيور "الفري أو السلوى"، والنعام والإوز والبط, فضلا عن صالة مغلقة لألعاب الأطفال.

وعن الخطط المستقبلية أوضح " شبيب": «نقوم حالياً بإنشاء مركز معالجة متطور يتضمن إمكانية المبيت في المنتجع, ويشتمل على ستة عشر نوعاً من أنواع المعالجة بعيداً عن العقاقير الكيميائية والأعمال الجراحية, وإن شاء الله سيوضع في الخدمة مع بدايات العام القادم, ونأمل أن يكون هذا المركز الأول في المنطقة».