لم يدرس النحات "إبراهيم أبازيد" علوم النحت وفنونه في أكاديميات عليا، لكن الموهبة كانت الدافع والمدرسة التي تخرج منها بشهادة عمل قدم من خلالها أكثر من /200/ منحوتة صغيرة الحجم ومتوسطة، اتبعها اليوم بعمل منحوتة الجديدة التي تتجاوز /117/ طناً من ذات الصخر الأسود تحمل رسالة بعنوان "صخرة حب وسلام للعالم"، والتي تعد أكبر كتاب تاريخ صخري يجمع حضارات العالم.

موقع eDaraa يوم 10/3/2010 زار النحات "إبراهيم أبازيد" ليحدثنا عن منحوتته الجديدة ورسالته التي أطلقها للعالم فقال: «النحت والفن إحساس قبل أي شيء آخر، وبجميع أعمالي النحتية لا استعمل إلا الأدوات اليدوية، ولم استعمل أي من الأدوات الكهربائية خلال أي عمل، كما اليوم في المنحوتة التي يتجاوز وزنها /117/ طناً من الصخر الأسود. والتي بدأت العمل فيها منذ أربع سنوات لم أجسد فيها شخصاً أو مشهداً عابراً إنما اخترتها لتكون صخرة "حب وسلام للعالم"، أردت من خلال هذه المنحوتة إعادة إحياء فكرة أن الحضارات الإنسانية هي نتاج الجميع، وتسجيل رسالة سلام من سورية إلى العالم أجمع.

كانت بداية شهرتي المحلية بعد ما استطعت الانتهاء من إنجازي لمنحوتتي البازلتية التي تزن أكثر من /6/ أطنان من الحجر البازلتي الذي تشتهر به منطقة حوران، وعملت خلال حياتي ومسيرتي النحتية أكثر من /200/ منحوتة صغيرة الحجم ومتوسطة

وعن رموز العمل يقول: «بدأت من تجسيد شجرة "أدم" عليه السلام ونزول "أدم" عليه السلام، ثم توزيع البشرية في الكرة الأرضية كاملة، وسيكون على اللوحة 25 لوحة وحضارة، انتهيت حالياً من عمل عدة لوحات تمثل بعض الحضارات منها الكعبة المشرفة- المسلة المصرية- حضارة سبأ في اليمن- الفينيقيون- الكنعانيون البابليون- الحضارة الفارسية في إيران- روسيا الكرملين- الهند "تاج محل"- الصين الحضارة الكنغوشية».

لوحة الكعبة المشرفة

ويضيف: «آخر مرحلة نحتية من الأسفل هي مجسم لوعاء كبير دائري الشكل يرمز لحاضنة الحضارة، أما أطراف المنحوتة هي صور لأقدم توقيت في العالم وتاريخ الاستعانة بالكواكب الشمسية، وهدفي من هذا التوزع التركيز على فكرة أن الحضارات الإنسانية هي نتاج الجميع فالإنسان أخ الإنسان، وهذه المنطقة الجغرافية هي أم الحضارات، على أرضها عرفت الحروف الأولى وتنزل الوحي من الله فهي مهد الديانات السماوية».

وعن تفاصيل العمل يخبرنا السيد "أبازيد" قائلاً: «أحضرت الصخرة الكبيرة من "وادي الزيدي" غرب منطقة "الضاحية" بـ"درعا"، استغرق العمل فيها ثمانية أشهر لحين وصلت إلى المنحت، استعملت فيها رافعتين وآليات ثقيلة "تركس- بلدوزر" وناقلة كبيرة بقيت حوالي اليوم وهي تحمل الصخرة لحين وصلت للمنحت وقطعت تسعة كيلومترات».

مقطع من المنحوتة الصخرية

وعن أهم الأعمال التي قام بنحتها يقول: «كانت بداية شهرتي المحلية بعد ما استطعت الانتهاء من إنجازي لمنحوتتي البازلتية التي تزن أكثر من /6/ أطنان من الحجر البازلتي الذي تشتهر به منطقة حوران، وعملت خلال حياتي ومسيرتي النحتية أكثر من /200/ منحوتة صغيرة الحجم ومتوسطة».

وعن الشهادات العلمية والدراسات النحتية والدورات التي اتبعها يقول: «لم ادرس سوى للمرحلة الابتدائية، كانت الطبيعة منذ طفولتي تجذبني بكل تفاصيلها وأغراني الحجر الصلب عندما وجدته سهلا بين يدي أتفنن بصناعته ونحته، ويحقق حلماً وخيالاً ارسمه بمخيلتي، ولم أدرس علوم النحت وفنونه في أكاديميات عليا، ولو أكملت تعليمي لكنت اليوم من ألمع النحاتين على المستوى العالمي، منذ الصغر وجدت نفسي انحت على الصابون أعيده مجدداً إلى المنزل بهيئة أخرى، انتقلت بعدها إلى النحت بالحجارة الكلسية لكن وجدت فيها أحد العيوب وهو إنها سريعة الإزالة والحت، استقريت بالنهاية على الصخر البازلتي المميز بقسوته والحافظ لمسارات وتفاصيل العمل الفني».

النحات ابراهيم ابازيد

الدكتور "أحمد حمادي" مدير الثقافة بـ"درعا" تحدث عن النحات "ابراهيم" بالقول: «يعتبر النحات "إبراهيم" صاحب مشروع فني كبير مميز ومبدع، وذا همة عالية، حيث يحول البازلت بكل قسوته إلى أداة طيعة والى عمل فني رائع يتحول مع الأيام إلى شاهد حضاري على عظمة الإنسان العربي السوري من حيث إبداعه وفنه، ولقد شارك في ملتقى النحت الأول الذي أقامته مديرية الثقافة بالمحافظة، وكان حقاً من الفنانين المبدعين الرائعين، أنتج منحوتة لا تقدر بثمن، ونستغلها فرصة لنوجه له التحية والشكر عبر ما يقدمه من فن فيش المحافظة».

"الفنانة براءة سويدان" قالت لنا: «عايشت الفنان والنحات "ابراهيم" خلال ملتقى النحت الأول بالمحافظة، إنه بحق من أبرز الفنانين الذين مروا على المنطقة الجنوبية، لديه خبرة ودراية كاملة بما يعمل وينحت، يستطيع أن يحول بمعداته التقليدية أية صخرة إلى لوحة فنية عالية الدقة، لكنه بحاجة للرعاية والاهتمام ليستطيع أن يفعل أكثر مما بين يديه، اليوم يبعث عبر منحوتته الجديدة على صخرة كبيرة رسالة سلام للعالم ليعلم الجميع أننا قادرون على عمل ما يعجز عنه الآخرون في الخارج».

بقي أن نذكر بأن النحات "إبراهيم أبازيد" المولود في "درعا البلد" عام 1974 اختار "كراج التصليح" الذي يملكه يحصل منه على رزقي اليومي ويقع في أقصى جنوب مدينة "درعا" منطقة البحار، ليكون منحته الخاص، والأدوات التي يستعملها أمام الصخرة الصماء التي يعمل بها منذ أربع سنوات هي "مناشير ومثاقب" فقط، وهو بصدد التحضير لمواضيع وقضايا أشمل بعد الانتهاء من هذه المنحوتة.