متحف طبيعي في التشكيل اللوني، تكون من صواعد ونوازل وترسبات كلسية موغلة في القدم، ذات ألوان غاية في الروعة والتشكيل الجمالي الطبيعي، هي مغارة "نمر" الأكبر في محافظة "درعا"، والتي عثر عليها بالصدفة أثناء قيام مجلس بلدة "نمر" بـ"درعا" بتنفيذ مجرور صرف صحي، تعد اليوم من أهم وأجمل الكهوف في سورية ويزيد عمرها عن آلاف السنين مخبأة تحت سطح الأرض حسب توصيف وزارة السياحة.

للتعرف على المغاراة المكتشفة التقى موقع eDaraa في 6/2/2010 رئيس مجلس بلدة "نمر" المهندس "زياد الحسين" الذي حدثنا عن هذه المرحلة قائلاً: «خلال قيام البلدية بتنفيذ مجرور صرف صحي في الحي الجنوبي من البلدة عُثر على فجوة كبيرة تحت الحفريات، حينها تم إيقاف العمل واستدعاء شعبة آثار "الصنمين"، التي قامت بإجراء السبور والتصوير والتحريات، التي بينت أن الحفرة هي عبارة عن كهف طبيعي قديم يتفرع منه ثلاثة فروع طويلة يتجاوز إحداها مائتي متر، ويتميز بوجود صواعد ونوازل ذات ألوان غاية في الروعة والتشكيل الجمالي الطبيعي، ونحن ننتظر من الجهات المعنية إبداء الرأي في هذا الأمر وجعله منتجعاً سياحياً».

بعد الكشف الحسي على الموقع المكتشف في بلدة "نمر" تبين بأن الكهف طبيعي ولا يوجد فيه مايدل على أن تدخل يد الإنسان، تبلغ أبعاد فتحته 8×5م، كما تحتوي أرضيته على قطع حجرية كبيرة ناتجة عن تسلخ الجدران والسقف

الدكتور "إبراهيم المصري" أحد أعضاء الفريق الذي عاين المغارة قال: «لدى الدخول الكهف وجدنا أن الهواء دافئ وأن التجويف عبارة عن مجرى سابق للمياه الجوفية، ويتفرع عن التجويف ثلاثة فروع باتجاه الشمال الغربي والشمال إلى الجنوب الشرقي والشرق، وتبلغ أبعاد باب الكهف عند توزع الفروع 30×30م تقريباً، أما الفرع الجنوبي تبين أن عرضه عشرة أمتار، وارتفاعه من ثلاث إلى خمس أمتار، أما طوله فلم نستطع تحديده لأننا سرنا فيه نحو مائتي متر، ولم نصل للنهاية وهناك واجهنا نفق آخر بعد نفس المسافة، أما الفرع الشمالي الغربي فيبلغ عرضه خمس أمتار يضيق الارتفاع إلى نحو المترين ثم يرتفع، وكذلك لم نستطع الوصول إلى نهايته».

داخل المغارة

وعن أهم ما عثر عليه المستكشفون ذكر الدكتور "المصري": «تعتبر من أهم المكتشفات ذلك التشكيل الرائع من الصواعد والنوازل والترسبات الكلسية ذات الألوان الجميلة والفريدة، كما عثروا على تشققات قديمة في بعض الصخور حيث يوجد بداخلها ترسبات كلسية، ووجدوا مجموعة من الجذور النباتية متدلية من الأعلى ويتوقع أنها جذور أشجار كانت مزروعة قريباً من الموقع. وسماكة الصخور فوق الكهف تتجاوز ثمان أمتار وهو محمي بشكل ممتاز ويوجد في قاعه ترسبات طينية».

مدير الآثار بـ"درعا" المهندس"حسين مشهداوي" قال: «بعد الكشف الحسي على الموقع المكتشف في بلدة "نمر" تبين بأن الكهف طبيعي ولا يوجد فيه مايدل على أن تدخل يد الإنسان، تبلغ أبعاد فتحته 8×5م، كما تحتوي أرضيته على قطع حجرية كبيرة ناتجة عن تسلخ الجدران والسقف».

مناظر خلابة

وللوقوف على حقيقة المغارة جيولوجياً التقينا بالجيولوجي "عبد الكريم العبود" من مديرية التنقيب في مؤسسة الجيولوجيا حيث قال: «تظهر الصور أن هذا المكان فريد من نوعه في سورية من ناحية كثافة النوازل والألوان المتميزة وحجم الكهف، حيث تتشكل الكهوف الطبيعية في الصخور الكلسية نتيجة جريان المياه الباطنية ضمن التشكيلات الصخرية الكلسية، مما يشكل فجوات مختلفة الأشكال تتوسع ويزداد حجمها باستمرار نتيجة حل المياه لهذه التشكيلات الصخرية مع الوقت وفقدها قسماً من ثاني أكسيد الكربون الذي ينطلق في جو هذه الفجوات، لأن درجة حرارة الكهوف شتاءً أعلى منها في الجو الخارجي، وهذا الغاز المنطلق يؤدي إلى حت مادة الكلس من الصخور الموجودة في الفجوات، مما يجعل الصخور تتآكل وبالتالي تتوسع هذه الفجوات، وترسب كربونات الكالسيوم يصنع تشكيلات صخرية من صواعد ونوازل المتشكلة من مادة "الكاليست" الشديدة اللمعان والمتميزة بألوان الطيف البراقة من أحمر وأبيض وكريستالي وأزرق ووردي وغيرها».‏

وعن الصواعد والنوازل أضاف "العبود": «أنها عبارة عن أجسام صخرية مدلاة من سقف المغارة نحو أرضها، ولها أشكال أعمدة مخروطية شاقولية، وهي تشكلت نتيجة تساقط قطرات الماء المشبعة بالكاليست حيث يتراكم الكاليست على شكل مخروط نازل مع مرور الزمن، وبالمقابل فإن قسماً من هذه المياه المشبعة بالكاليست عند سقوطها نحو الأرض تكون الصواعد التي تنشأ على نفس الاستقامة مع النوازل».

مدير الاثار بدرعا