"إزرع" مدينة تاريخية تعاقبت عليها العديد من الحضارات في الماضي نظراً لمقوماتها الجغرافية والزراعية، هذه المقومات مازالت إلى اليوم تساعدها لتكون مركز حضارياً وتجارياً في "درعا".

فمدينة "إزرع" تعتبر إحدى المناطق الأربع الرئيسية في محافظة "درعا"، يقول السيد "أيمن الشوحة" من أهالي مدينة "إزرع" والذي تحدث لموقع "eDaraa" بالقول: «تعد المدينة البوابة الرئيسية الغربية لمنطقة "اللجاة"، وتمتاز بمناعتها وتحصينها المحكم، فهي تملك موقعاً متميزاً وتوضّعاً صخرياً مرتفعاً، وارتفاعها يصل إلى /30/ قدماً عن السهل، ما جعلها تظهر وكأنها ترقد كجزيرة وسط البحر، تحيط بها الأبراج الحجرية الضخمة المربعة الشكل من جميع الاتجاهات، والتي كانت تستخدم كمنارات وأبراج للمراقبة ونقل المعلومات العسكرية وإيصالها بسرعة فائقة، ما يدل على التحصين والمنعة الكبيرة التي كانت تمتاز بها، كما كان يمر منها الطريق الرئيسي القديم الذي يعرف بطريق الحج أو طريق "الملوك"، الذي يربط مدينة "دمشق بعمان"».

إن الدخول للمدينة عبر قريتها القديمة، التي بنيت منازلها المتلاصقة الجميلة من الحجارة البازلتية السوداء، والمنحوتة بإتقان من الصخور القاسية والمزينة بنقوش وكتابات غاية في الإبداع، يجعل الإنسان يرى مدينة أثرية متكاملة لم تزل تحت الأرض والأنقاض، تكثر فيها الكهوف الصخرية وخزانات المياه الضخمة المنحوتة في الصخور الصماء القاسية بشكل هندسي دقيق، لتجميع أكبر كمية من مياه الأمطار العذبة لتخزينها واستخدامها في فترة الصيف إضافة إلى وجود عدد من الآبار والينابيع

وعنها تحدث المهندس "زياد العبيد" رئيس مجلس مدينتها بتاريخ "13/7/2011" لموقع "eDaraa" قائلاً: «تعد ثاني أهم مدن سهل "حوران" التاريخية بعد "بصرى"، وتقع على بعد /22/ كم من مدينة "درعا"، وإلى الشمال الشرقي منها في الزاوية الجنوبية الغربية من منطقة "اللجاة" البركانية المعروفة بوعورتها الشديدة ومسالكها الصعبة، وعلى بعد /80/كم من مدينة "دمشق".

السيد موسى الشوحة

وتمتد على مساحة تقدر بحوالي /50/ كم2، تبلغ مساحة مخططها التنظيمي /760/هكتاراً، وسيتم توسيعه ليصل إلى /1000/هكتار، يحدها من الشمال "اللجاة وبلدة محجة"، ومن الغرب "مدينة الشيخ مسكين"، ومن الجنوب بلدتا "نامر وخربة غزالة"، ومن الشرق "بلدتي مليحة العطش وبصر الحرير"، فيما يبلغ عدد سكانها /22/ ألف نسمة».

وحول الخدمات الأساسية الموجودة في مدينة "إزرع" تحدث "العبيد" قائلاً: «يتبع لمجلس المدينة الأحياء التالية "حي ازرع، البقعة، ازرع البلد، ازرع المحطة، حي شقرا" وهذه الأحياء مخدمة بالطرق والصرف الصحي والإنارة وترحيل القمامة يومياً.

رئيس مجلس المدينة

كما يوجد شبكة مياه حديثة يتجاوز طولها /65/ كم، وشبكة طرق معبدة يزيد طولها على /80/ كم على امتداد مخططها التنظيمي، وشبكة صرف صحي تغطي أحياءها كافة يتم ربطها بخطوط حديثة مع محطات المعالجة الرئيسية.

وفيها العديد من المؤسسات والمراكز الخدمية المختلفة مثل صويمعات لغربلة وتخزين الحبوب تبلغ طاقتها التخزينية أكثر من /100/ ألف طن، ومركز لإكثار البذار، وآخر للعمران، ومستودعات حديثة لتخزين المحروقات وتوزيعها، ومشفى وطني يتسع /60/ سريراً، ومستوصفين صحيين يقدمان الخدمات الصحية للمواطنين، وفرن آلي، ومركز ثقافي. ومدينة صناعية قيد الإنشاء والتجهيز وصلت نسبة تنفيذها إلى مراحلها الأخيرة، ويقوم المجلس حالياً بإجراءات توزيع المقاسم على الحرفيين، علماً أن مساحتها تبلغ /5/ هكتارات تضم /83/ مقسماً من مختلف المهن».

وفيما يخص أهميتها التاريخية وسبب تسميتها يقول السيد "منير الذيب" باحث في قضايا التاريخ والتراث: «إن أول من بنى المدينة هو أحد ملوك العرب القدماء يدعى "زرابيوس"، وأخذت هذه المدينة قديماً اسم "زرابيا" نسبة له ثم تطور اسمها مع الأيام ليصبح "زورافا واذرح"، إلى أن أخذت اسمها الحالي "إزرع".

ورد اسمها وتردد في رسائل "تل العمارنة" وفي النقوش اليونانية القديمة حيث أصبحت مدينة في العصر الروماني، وكرسياً أسقفيا في العهد البيزنطي، وذاعت شهرتها في مضمار الفن المعماري الكنسي، لتعطي هندسة سورية جديدة في ذلك العصر من خلال الأضلاع الثمانية عبر الزوايا الثماني، ما جعل منها موقعاً سياحياً مهماً في عصرنا الحاضر.

حيث وجدت كتابات يونانية مهمة منقوشة فوق بابي كنيستي القديسين "مارالياس ومارجوارجيوس" تؤكد أنها مدينة أسقفية، وقد وضعت وزارة السياحة لافتة على المدخل الغربي للمدينة كتب عليها اقصدوا "ألف باء الفن المعماري الكنسي"».

وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي فيها يقول المهندس "أحمد عثمان الصيص" رئيس دائرة زراعة "إزرع": «تتميز المدينة بخصوبة أرضها ووفرة مياهها الجوفية، حيث يوجد فيها أكثر من /54/ بئراً زراعياً و/11/ بئراً لمياه الشرب، ما يعطي هذه المدينة أهمية خاصة في الزراعة بمختلف أنواعها الشتوية والصيفية والأشجار المثمرة وخاصة أشجار الزيتون والكرمة.

ويعتمد الأهالي على الزراعة بشكل رئيسي، ويزرعون أرضهم على موسمين شتوي وصيفي، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للزراعة /7066/ هكتاراً، فيما تبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستثمرة بشكل فعلي /4023/ هكتاراً منها /2026/ هكتاراً سقياً والباقي بعلاً، تزرع بالحبوب في الموسم الشتوي "قمح بعل /1200/ هكتار، قمح مروي /95/ هكتاراً، حمص /460/ هكتاراً، شعير /120/ هكتاراً"، والأشجار المثمرة بمساحة /25/ هكتاراً سقياً، و/195/ هكتاراً بعلاً، ناهيك عن زراعة العديد من أصناف الخضار المروية "كالبندورة والخيار والكوسا والبطاطا وغيرها..".

كما يهتم الأهالي بتربية الثروة الحيوانية حيث يبلغ عدد رؤوس الأغنام /14100/ رأس، وعدد رؤوس الأبقار/329/ رأساً، وعدد رؤوس الماعز /2600/ رأس، فيما يصل عدد المداجن إلى نحو /15/ مدجنة».

وحول البلدة القديمة فيها قالت السيدة "ربا نصير" من أهالي مدينة "إزرع": «إن الدخول للمدينة عبر قريتها القديمة، التي بنيت منازلها المتلاصقة الجميلة من الحجارة البازلتية السوداء، والمنحوتة بإتقان من الصخور القاسية والمزينة بنقوش وكتابات غاية في الإبداع، يجعل الإنسان يرى مدينة أثرية متكاملة لم تزل تحت الأرض والأنقاض، تكثر فيها الكهوف الصخرية وخزانات المياه الضخمة المنحوتة في الصخور الصماء القاسية بشكل هندسي دقيق، لتجميع أكبر كمية من مياه الأمطار العذبة لتخزينها واستخدامها في فترة الصيف إضافة إلى وجود عدد من الآبار والينابيع».