اقتصرت مهمة الكتاتيب التي كانت منتشرة على نطاق واسع في معظم قرى حوران على تعليم القرآن ومبادئ العربية والحساب، واستمر الوضع على هذه الحالة حتى عام /1914/ حين افتتحت أول مدرسة في محافظة "درعا" هي "الطائي" والتي شرعت في تعليم التلاميذ الحساب وبعض قواعد العربية والديانة إضافة إلى اللغة التركية التي حلت محلها الفرنسية عندما بدأ الانتداب الفرنسي.

موقع "eDaraa" التقى السيد "أحمد الخليلي" مواليد عام /1940/، والذي درس المرحلة الابتدائية في مدرسة "الطائي الأولى" بين عامي "1947؛1951"، للحديث عن تلك الأيام فقال : «أذكر أن المدرسة كانت عبارة عن /3/ غرف تضم الأولى طلاب الصفين الأول والثاني وتضم الغرفة الثانية طلاب الصفين الثالث والرابع بينما طلاب الصف الخامس ينفردون بغرفة مستقلة على اعتبارهم طلاب سنة تخرج، بالإضافة إلى "علية" يجلس بها المدير الذي كان آنذاك فلسطيني الجنسية.

كان اللباس عبارة عن جلابية سوداء اللون ومزركشة بعض الشيء، وفيما بعد تم تعميم لباس الكشاف المعروف إلى يومنا هذا

وأحب الإشارة إلى أن المدرسة كانت ملاصقة لمنبى الدرك أو ما أصبح يسمى فيما بعد بالـ"سجن القديم"».

السيد ابراهيم الخليلي

على بعد /2/ كم من مركز مدينة "درعا" وفي "حي الكرك" "بدرعا البلد" زار موقع "eDaraa" مدرسة "الطائي الأولى" للتعليم الأساسي التي أقيمت إلى جانب ما تبقى من "الطائي" القديمة ليكون لنا الحديث التالي مع السيد "غياث رسلان" المدير الحالي للمدرسة ليقول: «في الستينيات من القرن الماضي تم إحداث المبنى الاسمنتي الجديد للمدرسة على مساحة تبلغ /900/م2، في نفس الباحة القديمة وبضعف العدد السابق للغرف الصفية وبطابق واحد، مع الحفاظ على جانب من الجدار القديم للمدرسة الذي يدل على /3/ غرف صفية من الحجر البازلتي وقوس حجري تعلوه غرفة يعتقد بأنها كانت إدارة المدرسة».

وأضاف: «أذكر من المدرسين الأستاذ "محمد عبد الحميد المسالمة" الذي كان يأخذنا لأداء الصلاة في المسجد القريب من المدرسة ثم يعود بنا لمتابعة ما تبقى من الحصص الدرسية، علماً بأننا كنا نحضر دوامين صباحي والآخر مسائي».

السيد ابراهيم الأبازيد

وتابع: «كل ثلاثة طلاب كانوا يجلسون جنباً إلى جنب على "الراحلة" وهي المقعد الخشبي بالكامل الشبيه شكلاً بمقاعد المدرسة المتوافرة حالياً».

بينما قال السيد "ابراهيم الأبازيد" مواليد /1924/: «كان المدير تركي الجنسية اسمه "عبد العزيز إيزولي" عندما كنت طالباً بين عامي /1931-1935/ وكافة المدرسين من العاصمة "دمشق"، لكن وبعد مدة ليست بطويلة أصبح كل المدرسين من محافظة "درعا" وكنت أنا من بينهم».

يشير السهم إلى مدرسة الطائي عام 1917- والمئذنة لجامع الكرك وهي موجودة إلى الآن

وأشار "الأبازيد" إلى نظام التعليم فقال: «كان التعليم إلزامياً من قبل الفرنسيين وإلا ترتب على ولي أمر الطالب غرامة قدرها /10/ ليرات أي ما يعادل ليرتان ذهبيات آنذاك».

وعن اللباس المدرسي قال: «كان اللباس عبارة عن جلابية سوداء اللون ومزركشة بعض الشيء، وفيما بعد تم تعميم لباس الكشاف المعروف إلى يومنا هذا».

السيد "أحمد المسالمة" باحث في شؤون التراث قال: «لم يتأخر أبناء "درعا" حتى تأكدوا من أن التعليم وسيلة لتحقيق مستقبل مشرق بالإضافة إلى أنه يكسب صاحبه مركزاً اجتماعياً مرموقاً، فقد باشرت أول مدرسة ابتدائية وهي مدرسة "الطائي" بحي "الكرك" المبنية من الحجر البازلتي مع السقف الخشبي والطين باستقبال الذكور الذين أتموا عمر /6/ سنوات ليدرسوا مادة العربي "قراءة؛ إملاء؛ خط" بالإضافة للحساب والديانة، وذلك بعدد طلاب تراوح ما بين "20- 25" طالبا في الصف الواحد، علماً بأن المرحلة الابتدائية آنذاك كانت من الصف الأول حتى الخامس وتخرج حاملي شهادة "السرتفيكة"».

وأشار "المسالمة" إلى النظام الدراسي آنذاك فقال: «كان نظاماً بدوامين صباحي والآخر مسائي في كل أيام الأسبوع باستثناء الجمعة، بالإضافة ليوم النشاط الأسبوعي والرحلة السنوية التي تعقب صدور النتائج الامتحانية، مع العلم بأن الامتحانات كانت مرة واحدة مع نهاية العام الدراسي».