لم يكن مفهوم التصوير لديه مجرد وسيلة لنقل الواقع أو مهنة لكسب العيش بل كان له وسيلة إبداع، ولم يكن لها من أوائل المصورين "بدرعا" فقط؛ بل الوحيد الذي علم صنعة التصوير بأنواعها المختلفة لأبنائه الثمانية.

موقع "eDaraa" التقى السيد "أحمد أيوب" أحد الزبائن القدامى للسيد "عيسى الحريري" ليقول: «أحتفظ بصور تذكارية لكل مرحلة من مراحل حياتي فضلاً عن صور المعاملات الرسمية، وكل ما عندي هو من إبداع السيد "عيسى" رحمه الله ومن بعده أبنائه.

بالإضافة للطابعات المنزلية التي جعلت بمقدور الشخص الحصول على صورته بنفسه دون الرجوع إلى الاستديو، كثر هواة التصوير الذين بدؤوا شيئاً فشيئاً التخلي عن المصور المحترف

فقد عرفته منذ عشرات السنين عندما اشتهر كأول مصور "حوراني" تميز بسعيه الدؤوب لتطوير أدواته وبالتالي تطوير فن التصوير بدرعا وتحديثه باستمرار».

أقدم آلة للتصوير بالأبيض والأسود

السيد "فوزي الحريري" الابن الأكبر للمرحوم "عيسى" حدثنا عن مهنة التصوير فقال: «التصوير هو الأسلوب الذي يعوض الإنسان عن قصور أدواته وحواسه عن التذكير المستمر والإبقاء على الحدث أو العرض مدوناً بطريقة صادقة لا كذب فيها أو التواء، وقديما قال الحكماء "أن ترى أفضل من أن تسمع"، فهناك أنواع وأصناف مختلفة للتصوير الفوتوغرافي، كل تصنيف يندرج تحته العديد من الأقسام منها "تصوير الطبيعة، وحياة المدن، والتصوير الليلي، وتصوير الأشخاص وغيره..".

ولكل من هذه الأنواع أساليب مختلفة جداً لأخذ الصور وإبرازها بشكل مميز، فمثلاً في التصوير الشخصي الأكثر رواجاً يكون التركيز فيه على الوجه وبشكل أكبر على نظرة العين واتجاه النظر».

السيد عيسى أثناء عمله في الاستديو

وعن بدايات والده في هذه المهنة قال "الحريري": «شهدت أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات إقبالاً على التصوير على اعتبار الحصول على الصورة آنذاك كان شيئاً جديداً لابد من تجربته والاحتفاظ به للذكرى بالإضافة لضرورة التقاط الصور للمعاملات الرسمية.

لقد تطور فن التصوير بتطور اَلات التصوير فظهر التصوير المائي وبعده التصوير بالكاميرا الفورية ثم الأبيض والأسود ثم الملون وأخيراً التصوير الرقمي، وحيث إن أول أنواع التصوير التي تم البدء بها هي طريقة التصوير المائي إلى أن عرف التصوير الضوئي بداية الثمانينيات، أذكر أننا كنا نلتقط الصور في الاستديو ولعدم توافر آلات التحميض الملونة آنذاك كنا نقوم بتجميع ما التقطناه على مدار أسبوع لنرسله بعد ذلك إلى لبنان أو الأردن من أجل تحميضه، لكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً فقد أحضر بعض أصحاب الصنعة الدمشقيين عدداً محدوداً من آلات التحميض البدائية ليتم العمل عليها.

السيد فوزي الحريري

وبعد ذلك بسنوات قليلة عرفت مخابر التحميض لطباعة الأفلام التي التغى دورها ما إن عرفت تقنية التصوير الرقمي في نهايات التسعينيات تلك التقنية التي جاءت فكرتها من تصوير الفيديو وإمكانية تثبيت الصور المتحركة والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتطور الحاسوب».

وذكر "الحريري" بعض متاعب بداية العمل في التصوير فقال: «على الرغم من كثرة اختلاط المصورين القدامى بمصوري وأصحاب المطابع في لبنان والأردن ليجعلهم ذلك أكثر خبرة واطلاعاً، إلا أن الفترة الزمنية التي كانت تتطلبها عملية إتمام الحصول على الصورة اعتبرت من أهم متاعبهم آنذاك، إضافة إلى أنه لم يكن هناك تقيداً بالأرقام علماً بأن "الأرقام" تفيد في القدرة على العودة لأرشيف الصور وبالتالي قدرة الحصول على نسخة أخرى لنفس الصورة، واستمرت تلك المعاناة حتى أواخر الخمسينيات حين بدأ الترقيم الشهري للصورة».

أما عن التحديات التي تتعرض لهذه المهنة حالياً فقال "الحريري": «بالإضافة للطابعات المنزلية التي جعلت بمقدور الشخص الحصول على صورته بنفسه دون الرجوع إلى الاستديو، كثر هواة التصوير الذين بدؤوا شيئاً فشيئاً التخلي عن المصور المحترف».

يذكر أن السيد "عيسى الحريري" من مواليد /1934/ وتوفي في /2010/ وله من الأبناء /8/ ذكور و/5/ إناث.