إحدى الصناعات اليدوية القديمة في "حوران"، والتي تعتبر اليوم مفردة من مفردات التراث الحوراني، لكن مع ذلك دورها مازال حاضراً في حفظ الماء وتبريده.

موقع eDaraa التقى السيد "محمد سليمان الزعبي" من بلدة "المسيفرة" في 16/7/2011 والذي زودنا بمعلومات عن "الجرة" حيث قال: «الجرة أو الخابية من التراث العربي الأصيل والتي تشتهر فيها مناطق "حوران"، وهي المكان الذي يوضع فيه الماء للشرب، وتكون عادة موضوعة في مكان مرتفع لتبقى باردة، وهي بالنسبة لأكثر المناطق أفضل من البراد لأنها تحفظ الماء وتبرده خلال الحر الشديد في فصل الصيف، وكانت النساء سابقاً تقوم بصناعة الجرة من قطع ونخالة الحجر الأزرق بعد وضعه وجبله مع الخيش، ويتم تدويرها بواسطة "العشار" بعد وضع قاعدة لها حتى تأخذ حجمها الطبيعي».

الجرة لا تزال معلماً مهماً من معالم البيوت الحورانية القديمة، حيث تركن في صدر البيت، ولماء الخابية طعم خاص نتلذذ بالشرب منها وخصوصاً في فترة الظهيرة عندما يشتد الحر، وتنقيتها تضاهي جميع فلاتر الماء الحديثة والمنتشرة بكثرة، ولا نزال نقوم بعملية تصفية المياه وتبريدها من خلال هذه الجرار

ومن جانبه قال السيد "محمد العرجاني" أحد الذين ما زالوا يقتنون جرة ماء قديمه ويشرب منها هو وعائلته: «الجرة لا تزال معلماً مهماً من معالم البيوت الحورانية القديمة، حيث تركن في صدر البيت، ولماء الخابية طعم خاص نتلذذ بالشرب منها وخصوصاً في فترة الظهيرة عندما يشتد الحر، وتنقيتها تضاهي جميع فلاتر الماء الحديثة والمنتشرة بكثرة، ولا نزال نقوم بعملية تصفية المياه وتبريدها من خلال هذه الجرار».

الجرة براد الصيف

وقال السيد "صلاح السعيد" من مدينة "الصنمين": «الجرة أو الخابية سميت بهذا الاسم لكون أصحابها يلفونها ويغطونها بقطعة من قماش الخيش لتبريد الماء في الصيف، ولحفظها من التشقق في الشتاء، ومن المتداول في القرى الريفية وضع وعاء من الفخار تحتها للحصول على الماء النقي الذي يرشح من الأسفل وتغطى بغطاء من قطع الخشب، ويتم وضعها على قاعدة من الحجر الكلسي أو الرخامي أو من الخشب، وما زالت تنتشر في منطقة "الصنمين" بشكل كبير، ويتم استعمالها في الحقول والبساتين لتحفظ الماء وتجنب دخول الحشرات أو الزواحف لها».

الباحث في التراث السيد "تيسير الفقيه" قال عن كيفية صنع الخابية سابقاً واستعمالها في "حوران": «الخابية تعتبر خزاناً طبيعياً للمياه، وهي تقوم بتصفية المياه وتبريدها كما اعتبرت خزاناً مهما للحبوب يحمي من السوس والرطوبة، ولذلك شاع استخدامها في معظم البيوت الغنية والفقيرة بسبب توافر المواد الأولية بحوران لصناعتها ولسهولة صنعها من النساء، وهناك في كل قرية نساء خبيرات في صناعة الخوابي وأفران الخبز.

محمد سليمان الزعبي

والخابية هي إناء استخدم في بنائه المادة الأولى من التراب البركاني المنتشر في "حوران"، مع الرمل الناعم وبعض البقايا النباتية والتي كانت تسمى "الكنفش"، حيث يتم جمعها من بعض النباتات البرية، وتقوم النسوة ببناء الخابية تدريجياً وعلى مراحل بعد ما ينشف قسم يبنى فوقه قسم آخر حتى يكتمل بناء الخابية».

وعن أنواع الخوابي التي كانت تنتشر في مناطق "حوران" يقول بهذا المجال: «للخابية عدة أنواع منها لحفظ الماء ولها أحجام ومقاييس مختلفة، وغالباً ما يبنى حولها عريشاً صغيراً لحمايتها من أشعة الشمس، وتغطى بقطعة خشبية، ويوضع بجانبها إناء صغير لاستخدام الماء الموجود في الخابية الذي يحافظ على برودته صيفاً.

اشكال متعددة

وهناك الخابية التي كانت تستخدم لتخزين الحبوب، وخاصة البذار الذي كان يتم اختياره من أجود أنواع القمح ويخزن في الخوابي لاستخدامه في فترة البذار. وقد وجدت كثيراً من الخوابي التي تعود إلى آلاف السنين صنعت في حوران، وكان يخزن بها الحب، والغريب فيها الجرة المستخدمة من "الآجر"، والتي تستخدم للماء أو لحفظ الزيت أو السوائل في بيت المونة».

وعن صناعة جرار الماء في الوقت الحاضر يقول السيد "حسن الجواد" أحد صناع الجرار في المحافظة: «صناعة الجرار لا تزال حاضرة في مناطق حوران على الرغم من كل التطورات التي طرأت عليها، وهي لا تختلف كثيراً عن صناعة بقية قطع الفخار التي نصنعها في خطواتها الأساسية، نقوم في البداية بتأمين التراب ونقوم بتنخيله ووضعه في أحواض وتنقيته من الشوائب، ثم نقوم بوضعه في الظل ونضيف عليه الماء، بعدها نضعه على دولاب متحرك يدوي ونقوم بالضغط على الآلة بالقدم وتدوير العجنة باليد.

ونقوم بصنع الجرار بعدة أحجام وأصناف، ثم نضع عليها الرسومات والنقوشات التي نريدها، منها ما يرتبط بالطبيعة والتراث الشعبي أو غالباً ما تكون دون زخارف "سادة"، وتوضع بعد صناعتها في مكان غير معرض للشمس حتى تصبح صلبة بحيث يمكن البناء عليها، بعدها نقوم بإدخال الجرار إلى التنور أو الفرن من أجل الشوي والاحتراق تبدأ بنار هادئة ثم تتدرج بالارتفاع حفاظاً على الفخار من التشقق لحين تصبح صلبة وجاهزة للاستعمال، وغالباً ما يكون لون الجرار ترابي قريب من القرميدي، وهناك عدة أنواع للجرار في الاستخدام منها لحفظ الماء والبعض للسمن والزيت».