يشير قانون الآثار السوري أن كل بناء أو أثر يزيد عمره عن مائتي عام فهو أثري، ويضاف لذلك الأبنية والتحف التي يقل عمرها عن تلك الفترة شرط أن تتمتع بخصائص جمالية وفنية فريدة.

والمثال ينطبق على محطات القطار التابعة "للخط الحديدي الحجازي" التي أنشئت بدايات القرن العشرين، بسقوفها القرميدية وجدرانها الحجرية البازليتة، لتصبح تحفاً معمارية فنية دخلت في الفن والتراث المادي "الحوراني"، فهي عمارات جميلة قومها الحجر الأسود المحلي، بسقوف جملونية تعكس الطراز المعماري الذي كان سائداً قبل مائة سنة.

الباحث محمد العيشات أفاد موقع eDaraa""بتاريخ 19/12/2009 بقوله:

سقوف من القرميد وجدران بازلتية

تتوزع المحطات على أغلب مناطق محافظة "درعا" بخط شبه مستقيم، بدايته في "غباغب" ونهايته في "زيزون" و"كويا" في قلب "وادي اليرموك" مروراً "بمحجة" و"غزالة" و"غرز" و"درعا" و"مزيريب" و"تل شهاب" والكثير من المناطق السياحية والأثرية الهامة. وشكلت هذه المحطات مراكز تجارية وسياحية منذ إنشائها وحتى اليوم فبعد الوظيفة التي وجدت من أجلها لتكون استراحة ومواقف لركاب القطار، أصبحت اليوم متاحف ومقاصف وصالات تراثية، فمحطة "درعا" على سبيل المثال أصبح جزءاً منها مطعم جميل اسمه "كان زمان"، وبوفيه صغير باسم "أولد ترين". أما محطة "تل شهاب" فشغلت مركز المجلس المحلي لسنوات طويلة. ويشعر الزائر لهذه المحطات عند زيارتها وأن فناناً "معمارياً" واحداً هو من أشادها جميعاً.

أما الجسور فهي روائع فنية عبارة عن قناطر وأقواس حجرية، كالموجود في "خربة غرز" على "وادي الزيدي". و"جسر تل شهاب" المنحني وجسور "القنية" و"الصنمين". وبالحديث عن السكة فكانت ولا تزال عصب للحياة فهي تربط شمال المحافظة بجنوبها وغربها بشرقها ومنها يمكن الوصول إلى "فلسطين" الحبيبة.

محمد العيشات

في عام 1890 يتابع العيشات: حصل "يوسف مطران" على امتياز لمد خط حديدي "دمشق مزيريب" بهدف نقل المنتجات من سهول "حوران" إلى "دمشق" ومنها إلى "بيروت" ثم عبر البحر إلى "أوروبا" و"تركيا"، وفي عام1891 حصل "حسن بيهم" على امتياز مد خط حديد "دمشق بيروت" الذي أخذ معه امتياز إنشاء ترامواي مدينة "دمشق" وإنشاء مرفأ "بيروت" وتشكلت الخطوط الحديدية الاقتصادية في "سورية" والشركة التي شكلها سميت "الشركة المساهمة العثمانية لخط بيروت دمشق" وهي في الأصل شركة "فرنسية".

بدأت الشركة بوضع المخططات للمشروع، وفي عام 1892 (اندمجت شركتي خط "دمشق مزيريب" والمساهمة، بشركة الخطوط الحديدية العثمانية الاقتصادية "بيروت" "دمشق حوران"، وبدأ العمل في تنفيذ الخطين معاً حيث دشن "دمشق مزيريب" عام 1894, وخط "دمشق بيروت" عام 1895.

كانت أول رحلة من "دمشق إلى "المدينة المنورة" بالقطار على الخط الحديدي الحجازي في آب 1908، حيث استغرقت خمساً وخمسين ساعة وافتتح الخط رسمياً في أيلول 1908. وحضر الافتتاح ثلاثون ألفاً من المدعوين وكان خط "دمشق ـ درعا" يعمل بانتظام وخصصت الحكومة دخلاً له من الطوابع، ومنحته بعض الامتيازات، وجعلت له حقوقاً ثابتة وعقارات تحفظ بقاءه وتأكد ذلك باعتباره وقفاً إسلامياً بموجب القانون الصادر في 29/12/1913م المنشور في جريدة "تقييم الوقائع" آنذاك وفي المجلد السادس من الدستور.

هذا وتعتبر محطة "درعا" ثاني أكبر محطة بعد محطة "القدم" وتضم مستودعاً للقاطرات ومعملاً صغيراً للصيانة ومثلث تدوير للقاطرات. يتفرع منها خط آخر يصل إلى "حيفا فلسطين" ويمتد الخط ليصل إلى "وادي اليرموك".

وينهي "العيشات": إن السقوف القرميدية والطراز الجملوني في البناء، يطغى حالياً على أساليب العمارة الأخرى المتأثرة بمواد البناء الحديثة. وترى الكثير من الأبنية التي يجري إشادتها تحمل الطابع التاريخي القديم.