"«لدرعا" في الفؤاد هوىً أكيد فشد العزم وأمضي يا "سعيد"، فإن العيش حب وانطلاق وإقبال على الدنيا زهيد». هذه الكلمات هي مطلع قصيدة (حب وانطلاق) التي نظمها الشاعر "حسين علي الهنداوي" مخاطباً صديقه الشاعر والباحث "سعيد العاقل أبازيد" الذي استضفناه بتاريخ 19/12/2009م ليحدثنا عن قصة حبه للطبيعة وقضائه أطول الأوقات في أحضانها. كذلك عن مغامراته مع التراث وتربية النحل وغيرها الكثير من الفنون التي يتقنها.

قبل أي شيء استفسرنا عن محبة الناس له، فلا يكاد يمر شخص من أمامنا إلا ويصيح: «وينك يا زلمة لقد اشتقنا إليك دعنا نراك قريباً». وآخر ينادي من نافذة سيارته: «لماذا أصبحت عنا بعيد يا سعيد».

فأجاب "أبو محمد": أخي العزيز جميل أن تكون صادقاً ودوداً، لا تصنع في تصرفاتك ومشاعرك مع الآخرين، لا يوجد أي عدو لي فأنا والحمد لله لا أدع أي شخص يغضب مني بصراحة (مش حرزانة فالدنيا رايحة). وعليه فالحب موجود والحمد لله بيني وبين كل الشرائح التي أعيش معها.

من جلساته في المضافات

النحل أصبح يشكل لي عالم آخر من الغرابة والإبداع، ولولا مهارة النحل وذكائه فما ذكرها الله بسورة خاصة بها. إنها مملكة منظمة داخل كل خلية فهناك قائد للمكان وحرس وعمال، والنتاج الذي يعملن لأجله هو من أشهى وأطيب الأطعمة التي يمكن للإنسان أن يتناولها. الحمد لله بفضل المثابرة والاجتهاد والسنوات الطوال فقد أصبحت واحداً من أشهر نحالي الجنوب السوري، وأمتلك والملك لله ما يقارب 300 خلية تنتج العسل الطازج الذي بات الناس يسمونه (بعسل العاقل).

لدي سيارة حقلية متواضعة تخدم عملي، وطموحي في استكشاف المجهول، فرغبتي ممتدة من تربية النحل إلى معرفة مئات الأنواع من النباتات البرية وصرت ومن خلال تجاربي الميدانية من أكثر الباحثين معرفةً بأسماء وخصائص وأماكن انتشار تلك النباتات.

محبوب خفيف الظل

وعن اهتماماته بالتاريخ والحضارة يتابع: كل شيء حضاري يثير اهتمامي وشجوني، وأنا أشاهد ومن خلال تجوالي الكثير من الأدوات والمعطيات الملموسة التي تشير لسكن بشري موغل في القدم، فأحاول أن أحميه وأخبر مديرية الآثار عنه لتقوم بالواجب تجاهه.

وعن مشواره الأدبي مع الشعر النبطي يردف: بحكم الطبيعة وقضائي أغلب الأوقات في ثناياها فقد بدأت أنظم الشعر وعلني أوفق بذلك.

ومن قصيدة (القهوة) أسوق لك بعض الأبيات:

هات القلم واكتب على الجف لاجف وأوصف لنا هبش الخشب يوم غنه

غنى لنا بالهيل وهاها ورفرف والنجر رنت كاس شف ابنه

طبت جواه الروح قام وتحرف عبد تراقص كثر ما دن دنه

من بعدها رهج النيارين زفزف تحت الذهابي جمره تقول حنه

يا طفها طف الغدير المطفطف لولا المدرب كان جنت بجنه

داره ودوارها ابكرج مزخرف ولا ظلام الليل لمآن جنه

نجر أبو عمار عجز الناي والدف والملهي الفرسان يوم سرن

نجر أبو عمار ضاح عنده توقف وهب القهاوي للمساهير سنه

واختم وأصلي عالنبي عالي الرف محمد العدنان هادم وثنه

بقي لنا أن نقول: إن أحببتم زيارة للمناطق الطبيعية والأثرية بدرعا فما عليكم إلا الطلب من سعيد العاقل كي يأخذكم بجولة سياحية علمية بسيارته بالمجان بل ويكون مسروراً منكم لمرافقته.