درست المرحلة الابتدائية والإعدادية في "لبنان" لأنها لأم لبنانية وأب سوري بعد ذلك انتقلت إلى سورية لإتمام دراستها تخرجت من جامعة "دمشق" قسم اللغة الانكليزية ثم عادت إلى "بيروت" لإتمام دراساتها العليا وأثناء حياتها الطلابية كانت مسؤولة اللجنة الثقافية للهيئات الإدارية بدأت الكتابة منذ مرحلة مبكرة،

ولقد كان الشاعر اللبناني "نجيب جمال الدين" من المشجعين لكتاباتها الأدبية فقد تنبأ لها بمستقبل مهم وقدم لها ديوانه "سنابل الغضب" هدية لها.

حاضرت في جامعة "دمشق" في كلية الطب البشري لمدة عشر سنوات، درست أيضاً لمدة ست سنوات في كلية طب الأسنان ومن ثم درست في المعهد الطبي والآن محاضرة في قسم الآداب قسم اللغة الانكليزية فكانت حصيلتها التدريسية في جامعة "دمشق" إلى الآن 25 عاماً مؤمنة بأن المسألة التربوية هي التي ستأسس لجيل قادم سليم وهي برلمانية مرموقة اتخذت من مسألة التربية والثقافة جل اهتمامها أثناء تواجدها بالبرلمان فاتخذت في مسيرتها مسارين متوازيين وعملت جهدها لأن يلتقيا وهما المسار السياسي والمسار الإبداعي والكتابة في نقطة الوعي الثقافي، ففي الجانب السياسي كانت عضواً في الاتحاد النسائي وعضواً في اتحاد الكتاب العرب ومن ثم عضواً في مجلس الشعب، وتسلمت رئاسة "جمعية الصداقة السورية الهولندية" ومسؤولة مكتب اليورو المتوسطي، وبحكم عضويتها بالبرلمان مثلت سورية بأكثر من منبر سياسي، وخاصة في الاتحاد البرلماني الدولي الذي حصلت فيه على معقد بعد انتخابات حرة وديمقراطية في لجنة البرلمان لسورية، استطاعت بجرأتها وقوة شخصيتها أن تبرز القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها أمام البرلمانيين العالميين.

في مكتب الشاعرة "ابتسام الصمادي"

إنها الأديبة والشاعرة والبرلمانية "ابتسام الصمادي" التقاها eDaraa بتاريخ 16/3/2009 وأجرى معها هذا الحوار:

  • "ابتسام الصمادي" الأدبية والشاعرة والسياسية والاجتماعية وقبل كل هذا الإنسانة كيف استطعت أن توفقي بين كل هذه الاتجاهات؟
  • الشاعرة والبرلمانية وابتسامة فيها الامل

    ** لقد قسمت نفسي في جسوم كثيرة كما يقول شاعر الصعاليك "عروة بن الورد" وتصعلكت على الوقت لأن الوقت ضيق ولا يحمل كل هذه الإرهاصات فأنا عملت في كل هذه الاتجاهات وآخرها خط الإبداع الذي أعتبره الذي حملني إلى سدة البرلمان فأنا مدينة لهذا الإبداع والكتابة وخاصة إنه كان لدي زوايا ثابتة مثل زواية حديث الصباح في جريدة البعث وهي مقروءة جداً من قبل الناس.

  • الشعر أيقونة الحياة الباقية كيف ترين علاقة الشعر بالإنسان؟
  • ** كل إنسان لديه مخزون شعري داخلي فإذا لم يكن شاعراً يجيد فن الكتابة فهو على الأقل يختزن مشاعر تشبه الشعر لذلك كل إنسان يجب أن يكتب فالشعر يؤطر حياتنا لذلك هو من أهم الفنون في الآداب العالمية، فعندما كتب شعراء العرب بهذه الإنسانية العالمية امتد أثر شعرهم إلى الغير حتى إلى الشعر الأوروبي وعندما يختزن الشعر الحالة الإنسانية للإنسان تكون العلاقة تبادلية بين الشعر والإنسان.

  • خارطة الشعر العربي تجزأت إلى شعر خليلي وشعر تفعيلي وقصيدة نثر، ما موقع الشاعرة "ابتسام الصمادي" من هذه التقسيمات؟
  • ** لقد تجزأت خارطة الوطن العربي على المستوى السياسي والجغرافي قبل أن تتجزأ على المستوى الأدبي وبالتالي هذا التشتت الذي مورس على الوطن العربي والوجدان العربي عموماً انعكس على الأدب وصحيح أن الإبداع هو الذي يعطينا حالة تماسك وإن صنوف الأدب لها حراك داخلي وآخر خارجي، ولا شك بأنه مع مرور الزمن سيخرج إلى العلن حالات إبداعية وتجارب جديدة في الكتابة ففي اليابان خرجوا بقصيدة الومض "الهايكا" وهذه القصيدة أخذت صدى كبيراً ونقلت إلى بلدان كثيرة في العالم ونحن كجزء من هذا العالم نؤثر ونتأثر وهي حالات مشروعة وفي الأدب أيضاً الاجتهاد مشروع ووجود العديد من الاجتهادات في مجال القصيدة مشروع إلى أن يحقق نفسه على أرض الواقع لأنني أؤمن بأن القصيدة تحكم بالحالة الشعرية أكثر مما تحكم بالقالب ولتأخذ القصيدة النثرية فرصتها وتحقق وجودها وإذا لم تحقق ذلك فهي صنف من صنوف الشعر كما كانت من قبلها قصيدة التفعيلة وعندما يكون المتلقي على نفس المقدار الثقافي والذهني في التلقي كما هو الكاتب والمبدع فيصبح هنا حالة من التبادلية فأنا لست ضد أي حالة تريد أن تشرعن نفسها على ساحة الأدب إذا استطاعت ذلك، وأنا لست ضد أي كاتب يريد أن يحلق ولديه أجنحة تستطيع أن تحلق وتطير وأنا لست ضد الرياح التي تريد أن تحمل معها ما تحمل وأنا لست ضد الشمس التي تشرق كل يوم غير آبهة بكل الظروف الجوية ولست ضد البراكين التي تريد أن تثور بالرغم من كل مقاييس رختر فهكذا هو الشعر.

  • لقد جسدت أحداث غزة معاناة لدى الأمة العربية برأيك أين تجسد الحس الشعري في هذه المعاناة؟
  • ** أنا شخصياً من مثل هذه الأحداث كنت أمام موقفين، الموقف الأول شعرت بأنني سأرفض وسأمتنع من الوقوف على أي منصة شعرية بعد اليوم في ظل هذا الخراب الكوني العام، شعرت أنني يجب أن أتمرد على الشعر نفسه ولا أقربه، أما الموقف الثاني فشعرت بأنه على الشاعر أن يأخذ دوره ويقول كلمته للتاريخ وللزمن وقد كنت بين هذين الموقفين كطفلة تقف بين أبوين متخاصمين، وصحيح أن الشعر هو وجدان الأمة وهو الذي يشحذ الهمم والشعور القومي، ولكن للأسف أننا هبطنا لمستوى لم يعد قادراً على أن يخرجنا من حالة السبات العميق من التردي والتراجع، ولقد أظهرت أحداث غزة العالم كما.. تحكمه المصالح الفجة والذين استطاعوا أن يقلبوا المفاهيم العامة للأشياء ضمن ما يريدون أن يقدموا فأصبح هناك تشويش عام يمارس علينا فأنصدع الوعي العربي إلى قسمين لذلك نجد بعضاً من المثقفين العرب الذين تشوشت أذهانهم ووصلوا إلى مرحلة من هذا التصدع بحيث أصبحوا من المثقفين السلبيين فأصبحوا يشكلون خطورة على هذه الأمة العربية، التي أتمنى أن تصل إلى مرحلة من التوحد وقد كان الصدع في المثقف العربي إلى درجة أنه أصبح يرى الأشياء كما تقدم له وليس هي كما في حقيقة الأمر فما يدور الآن على الساحة الدولية هو كاميرا تلتقط الصورة مقلوبة فأصبحنا بحاجة إلى غرفة سوداء لتظهر الصورة على حقيقتها وهذا ما دفعني لأكتب هذه الأبيات رثاء لغزة:

    سال الدم في غزة وكل شقائق النعمان ماتت في روابينا

    وفاح الزعتر البري والوزال قدساً في برارينا

    فقامت غزة فيهم وكانت غزة فينا

    متى نرقى إلى دمهم أما رويت أراضينا

    وأطفال البلاد أما وفوا نذرالأضاحي في صحارينا

    ألا تبت أيادي من أبي لهب فهل مسدت حشايا الأم من حمالة الحطب

    ونحن الرحمة الكبرى ولا شيء سوى الأرض التي حملت لنصر الله توازينا

    أيا ياسادة الدنيا من الأعجام والعرب

    ألا يا سادة الشاشات والحفلات والأعياد والخطب تعالوا بعد سهرتكم

    وإن شئتم بعيد غدائكم وحنين قيلولة تعالوا اليوم حفلتنا

    وليست حفلة أولى سنكرمكم ونسقيكم حنين الأرض ما رويت بأطهار وأكباد

    وشاي أخضر النعناع من خنساء دمعتنا بطعم صهيل أجدادي

  • أصدرت 4 دواوين من الشعر فما بقي في جعبتك من جديد؟
  • ** الآن يوجد عندي ديوان قيد الطبع هو للأطفال كتبته منذ فترة ولم أشأ طباعته إلا بعد أن التقيت الشاعر "سليمان العيسى" في جمعية الشعر التي عملت له حفل تكريمي والذي أعجب بالمجموعة الشعرية التي قرأها لي وشجعني بأن أكتب للأطفال وهذه المجموعة اليوم قيد الطباعة وآخر ما سأصدر

  • ما هي القصيدة التي كتبتها وهي ما تزال الأغلى لديك؟
  • ** لا أريد أن أكون تقليدية في قول أن جميع القصائد هي أولادي ولكن ما يعجبني أحياناً أتفاجأ من بعض القراء عندما أحدهم يطلب أن يقرأ أحد قصائدي في الوقت الذي أعتبره إن هذه القصيدة في المنزلة الثانية عن غيرها من باقي القصائد، ولكن أجدها عند هذا القارئ هي في المرتبة الأولى فتختلط علي الأمور فأحب كل قصائدي وأعود لأعيد النظر بمحبتي لهذه القصائد كمن يعيد النظر في محبة أبنائه للولد المريض حين يشفى والمسافر حتى يعود والصغير حتى يكبر وهكذا تعاملي مع جميع قصائدي.

  • ماذا أضافت إليك تجربتك في البرلمان كشاعرة؟
  • ** لقد أضافت الكثير لي لأنها وضعتني في قلب الحدث وفي قلب المسؤولية أكثر وعندما تكون مسؤولاً في الحياة العامة تكون مسؤولاً أكثر تجاه الإبداع بشكل أقوى وأعم وأعطتني الخزين الثقافي الذي يحتاجه كل أديب وشاعر لأن يكتب فالكاتب لا يكتب إلا عندما يكون على مسافة من الأشياء لذلك التجربة البرلمانية زادتني خبرة ومسؤولية بالحياة ليس فقط تجاه العمل السياسي بل تجاه الحياة نفسها والإبداع نفسه أكثر لأن الإبداع هو النهاية وهو الذي يختزل كل معطيات الحياة وهو الذي يبقيها مع الزمن بعد ما يفنى الشاعر ويذهب.

  • ما رأيك بما ينشر اليوم من شعر مباح؟
  • ** لا يوجد شعر مباح وغير مباح ولكن يوجد شعر لكن بعض الشعراء يسلكون مسلكاً معيناً في الكتابة يتجه للإفلاس الإبداعي ويستخدمون بديلاً عنه حالات التسطيح والإباحية المفرطة التي تدل وتبرهن على إفلاسه الإبداعي حقيقة، لأن المبدع يستطيع أن يكون جريئاً لأن المبدع يستطيع أن يكون جريئاً ويستطيع أن يكون شجاعاً لأبعد الحدود يتحدث بأي شيء حتى في التابوهات ولكن ضمن الأدب وأن ترتفع به إلى المصاف الذهني الراقي على أن تسلع هذه المادة الأدبية لكن البعض يلجأ إليها كنوع من الدعاية ظناً بأن ذلك يأسر القارئ، والقارئ الجيد لا يأسره إلا الإبداع الراقي حقيقةً، وأنا أميز بين الجرأة والوقاحة، فهناك خط واضح بينهما يستطيع الأديب أن يكون جريئاً إلى أبعد الحدود لكن على ألا يهبط إلى مستوى الوقاحة التي تعطي الذريعة للآخر بأن يتنطح ضده إبداعياً وخاصة كتابات المرأة، لأن المرأة عندما تكتب عن جسدها بمنتهى الإباحية فهي تسلع هذا الجسد وهذا وأد جديد لا نريده للمرأة المبدعة فهي تستطيع أن تكون ثورية واقتحامية لكن عليها ألا تسلع أدبها وإبداعها ويجب أن تكون جريئة في طرح القضايا والمشاكل التي تنتقص من إنسانيتها ومن دورها في الحياة بشكل عام لكن ألا تكون مباحة.