مثّلت أبواب منازل "حوران القديمة" خصوصية أسست قيمة جمالية للريف الذي اعتاد أن تكون أبوابه مفتوحة للضيف في أي وقت، وارتبطت بالعديد من المناسبات الاجتماعية.

وكان لكل حالة اجتماعية أو مناسبة نوع خاص ما زالت تحتفظ بميزاتها وأشكالها وتسمياتها، يقول الدكتور "يوسف المنجر" القاطن في مدينة "درعا" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 كانون الثاني 2016، عن تلك الميزات: «ارتبطت أبواب "حوران" القديمة بالعديد من العادات، ولا تزال شاهدة على سنوات طويلة من تاريخ البلاد، وعلى الرغم من أن أغلبها لم يعد له وجود فعلي إلا أنها لا تزال حاضرة في ذاكرة الأجيال ومميزة للأماكن التي وجدت فيها. وتمثل الأبواب القاسم المشترك بين العديد من القرى، ولكل باب من أبواب مدن الريف حكاية، لكن هذه الحكايات تبقى مجهولة للعديد ممن يمرون بها من دون معرفة تاريخها أو سرّ تسميتها التي عادة ما تكون مقترنة بالاتجاهات التي تفتح عليها، أو المناسبات والأحداث التي تمر على المدينة وساكنيها، فعادة تكون لمناسبات الصلح بين العائلات، أو مناسبة لها شأنها الخاص عند الأقارب، أو ضيف كبير يمر من الباب فيسمى باسمه. وكانت الأبواب الخارجية الأكثر شهرة والأكبر حجماً، والداخلية في المنازل الريفية أقل قوة وصلابة من غيرها، خاصة تلك التي تتواجد في غرف التخزين أو غرف مبيت المواشي».

عادة ما تتشابه أبواب المدن القديمة في "حوران"، حيث يميزها شكل القوس، إلا أن بعضها يوجد فيه ثلاثة انحناءات مسقفة عكس الأبواب الأخرى، وما يميز بعض القرى عن غيرها أن الأبواب كانت تغلق ليلاً وتفتح فجراً

وعن أهمية الباب وأجزائه تحدث الموظف المتقاعد "محمود المقداد" أحد سكان منطقة "الضاحية" عن ذلك بالقول: «لا يزال أبناء "سهل حوران" متعلقين بذاكرة المكان على الرغم من اضمحلال الأبواب، ويعرف البيت في هذه المنطقة بأجزائه المؤلفة من باب البيت أو بقية أقسامه مثل: (البايجة بالحوراني أو الحوش أو السنسالة أو بيت المونة)، والباب هنا مصنوع من خشب وبعضه من جذوع السنديان، ويتكون من: "(السقائف وهي الخشبات)، والعوارض التي توجد عليه، وكذلك الجمجمة التي تكون بمنتصف الباب، والمجرى الذي يقوم بعملية إغلاقه ويكون من الحديد، والمفتاح، والصاير، والبد، ومن عتبة حجرية تكون له قاعدة"، وعادة ما يكون قابلاً للإقفال على شكل غالٍ خشبي، والباب الكبير تكون له خاطفة أي (الدقار) باللهجة المحلية، وحلقة يدق بها، وبعض الأبواب يصنع من جذوع الأخشاب القاسية ولا سيما "سقائفه"، أما أجزاؤه الأخرى كالعوارض والجمجمة والمفاتيح، والصّاير فإنها تصنع من الخشب، وكانت كل منطقة في "حوران" تعمل أبوابها من الخشب المتوافر فيها، وبعض الأبواب الكبيرة يصنع ضمنها باب صغير دعى "الخويخة" يكون عادة في إحدى درفتيه من أجل الدخول والخروج، فلا يحتاج إلى فتح الواجهة الكبيرة إلا في حالات قليلة عندما يحين موعد جني المواسم مثلاً وإدخالها إلى البيت للتخزين».

باب الحلس

ويقول "محمود الدوس" أحد كبار السن في المدينة: «عادة ما تتشابه أبواب المدن القديمة في "حوران"، حيث يميزها شكل القوس، إلا أن بعضها يوجد فيه ثلاثة انحناءات مسقفة عكس الأبواب الأخرى، وما يميز بعض القرى عن غيرها أن الأبواب كانت تغلق ليلاً وتفتح فجراً».

أما الحاج "محمد الموسى" فيحتفظ بذاكرته عن تلك الأبواب الزرقاء البازلتية، ويضيف: «أكثر الأبواب القديمة انتشاراً في "حوران" "باب الحلس"، ويعتمد في صنعه الحجر الأزرق البازلتي الذي تشتهر فيه المنطقة، وخصوصاً منطقة "اللجاة" ومدينة "سحر" الأثرية و"بصرى" الأثرية، وما زالت تشتهر بعض منازل "بصرى" بهذه الأبواب؛ مثل: منزل "عدنان عبد الحميد المقداد"، وباب الهوى الأثري في المدينة. ومع مرور الأيام تم التوجه إلى الأبواب الخشبية والاستغناء عن باب "الحلس"، وتتم طريقة عمله من خلال نحت الباب والمحور من خلال بنائين محترفين ومتقنين لعملهم ومهنتهم، ويتم تركيبه على الجدار ضمن حفرة في الأعلى والأسفل ينزلق فيهما المحور، ويؤمن فتح وإغلاق سهل على الرغم من ثقل الحجر البازلتي المصنوع منه، وعلى مر الزمان تمت الاستعاضة عن الحجر باستخدام أبواب خشبية مع الحفاظ على طريقة العمل باستخدام المحور».