عند الانتهاء من إحدى مراحل بناء المنزل يقدم صاحب المنزل ذبيحة، ويدعو العديد من أبناء القرية لطعام الغداء في بيته الجديد، وهذه من العادات والطقوس المترسخة في نفوس أهل "حوران".

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في التراث الحوراني "محمد فتحي المقداد"؛ الذي تحدث عن هذه العادات والطقوس المتداولة في "حوران"، ويقول: «لا يخلو يوم في حياة أهل "حوران"، إلا ويكون لهم من السرور والأفراح، أو من الكدر والأحزان، ولكل مناسبة طقوسها الخاصة، حيث تكثر الدعوات والولائم إكراماً لأصحابها، ويكفي أن يكونوا من الأهل والأقارب، وعند الانتهاء من إحدى مراحل بناء المنزل يقدم صاحب المنزل ذبيحة؛ وهذه من العادات المترسخة في نفوس أهل حوران، وهي متوارثة جيلاً بعد جيل، فعند بناء البيت من الحجارة البازلتية والوصول لـ"المِدْمَاكْ" الذي ينتهي عنده الارتفاع المطلوب للأبواب والشبابيك، يجيء دور وضع حجر طويل فوق جانبي الباب والشباك "الحِنْتْ"، وهذه العملية ما يطلق عليها "التَّحنيتْ"، ويأتي رجال الحارة للمساعدة في رفع هذه الأحجار الكبيرة، وفرحة صاحب البيت أنه أصبح في منتصف البناء، ويقوم بذبح شاة أو أكثر، ويغمس أحدهم بدم الشاة ويطبعها على "الحِنْت"».

عند الانتهاء من العمل والسكن في البيت، يقوم بعمل مولد تذبح فيه الذبائح العديدة، ويدعو العديد من أبناء القرية لطعام الغداء في بيته الجديد، فهناك اعتقاد أن المنزل سيكون فأله خيراً على ساكنيه، وهذه الوليمة يطلق عليها في اللغة اسم "الوكيرة" وهي الوليمة لمن يسكن في بيت جديد، ويقوم الجيران بدعوة جيرانهم الجدد لطعام يصنعونه ويرسلونه لهم وهو ما يطلق عليه "النِّزَالَة"

ويتابع: «عند الانتهاء من العمل والسكن في البيت، يقوم بعمل مولد تذبح فيه الذبائح العديدة، ويدعو العديد من أبناء القرية لطعام الغداء في بيته الجديد، فهناك اعتقاد أن المنزل سيكون فأله خيراً على ساكنيه، وهذه الوليمة يطلق عليها في اللغة اسم "الوكيرة" وهي الوليمة لمن يسكن في بيت جديد، ويقوم الجيران بدعوة جيرانهم الجدد لطعام يصنعونه ويرسلونه لهم وهو ما يطلق عليه "النِّزَالَة"».

الانتهاء من المنزل الجديد

السيد "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني قال عن هذه العادات المتأصلة في "حوران": «لا يزال أهالي حوران يتمسكون بالعديد من العادات والتقاليد المعتمدة في الحياة اليومية، ومن العادات التي ما زالوا يمارسونها أن يقدموا ذبيحة عند الانتهاء من إحدى مراحل بناء البيت، فهم يقدمون ذبيحة بعد الانتهاء من بناء أساس البيت ويسمون تلك الذبيحة "ذبيحة الأساس"، كما يقدمون ذبيحة عند وضع الدواسة "العتبة" أي عتبة الدار، ومرة عند قوس الباب والشبابيك ثم عند العقد ويسمون هذه "ذبيحة العقد" أو "ذبيحة الباطون"، وكان عقد البيوت مناسبة عظيمة في حياة العائلة و"الحامولة"؛ أي أبناء العشيرة بأكملها، وجرت العادة أن يشارك في بناء العقد جميع نساء ورجال العائلة والحامولة، والجميع كان يتغنى بالبيت وأهله وأنه بيت عز وكرم، ومن أغاني عقد البيوت أو عند ذبح الشاة:

"لمين هالدار الكبيره هللي ع رجال الطريق

اجتماع الأهل والأقارب على وليمة الدار

هذي إلك يا بو فلان والعطشان يبل الريق".

أي لمن هذه الدار التي تكون على طرف الطريق في القرية أو البلدة، فهي بيت أبو فلان صاحب المنزل والعطشان يبلل فمه وينزل على الوليمة أي الطعام الذي يقدم للضيف».

تجهيز ذبيحة الدار

السيد "محمد عزيزة" وهو من كبار السن في مدينة "درعا"، تحدث عن ذبيحة الدار بالقول: «من عادات أهالي ومناطق "حوران" عند سكنى بيت جديد أن يقدموا ذبيحة يسمونها "ذبيحة الدار"، وكان أهلنا في الماضي وحتى وقت قريب يضعون شيئاً من دم الذبيحة على طرفي باب الدار، وذلك بغمس اليد الواحدة في الدم وطبعها بشكلها على حجارة الباب دفعاً للأذى عن البيت وأهله، حسب المعتقد الشعبي، يكون صاحب البيت قد قدم ما عليه من واجب، فيقوم بعزيمة الجيران والأقارب والأصدقاء، بعدما يكون قد جهز الغداء والمناسف الحورانية "المليحي باللبن والجميد"، فهي عادة متأصلة يجب أن يمارسها كل سكان القرى والريف بذبح الذبائح عند الانتهاء من البناء، ومن لا يقوم بهذه العادة أو يعمل بها تقوم العائلات ووجهاء البلدة بتأنيبه وتوبيخه، وكان الكثيرون يعلقون راية بيضاء على ظهر البيت».