لاقت زراعة البطاطا في محافظة "درعا"، خلال السنوات الأخيرة، تطوراً ملحوظاً من حيث المساحات المزروعة، وإدخال أنواع بذار محسنة، نتيجة لتوافر وسائل الإنتاج، وتطبيق تقنيات الري الحديث، إلا أنها تواجه كغيرها من الزراعات، العديد من الصعوبات الزراعية والتسويقية.

يقول السيد "غالب العيد"، مزارع بطاطا من مدينة "إنخل": «شهد موسم البطاطا هذا الموسم، مفاجآت غير متوقعة لدى المزارعين، نتيجة لتراجع أسعارها في ذروة الإنتاج إلى نحو /8/ ل.س للكيلوغرام الواحد، ما أدى إلى خسارة كبيرة لهم، علماً أن تكلفة الطن الواحد من البطاطا، بلغت حوالي /60/ ألف ل.س، ثم ما لبثت أن تحسنت الأسعار في نهاية الموسم، لتصل مؤخراً إلى نحو /20/ ل.س للكيلوغرام الواحد، وجاء هذا التحسن لصالح التجار فقط، الذين خزّنوا كميات كبيرة منها في المستودعات والبرادات، وطرحوها في الأسواق وقت الطلب عليها بالأسعار التي تحقق لهم أرباحاً طائلة».‏

لطرق الري الحديثة بالرذاذ والتنقيط، دور كبير في التخفيف من استهلاك مادة المازوت، المستخدمة في تشغيل محركات الآبار، والتقليل من استجرار مياه الري واستنزافها، وزيادة الإنتاج بما يتلاءم مع التكاليف التي تتطلبها الزراعة

أما السيد "عثمان النعمة" رئيس مكتب الشؤون الزراعية والتسويق في اتحاد فلاحي "درعا" فقال: «تعتبر البطاطا من المحاصيل الرئيسية والهامة في المحافظة، ومن الزراعات التي يناسبها الجو المعتدل، فهي لا تحتمل الصقيع، ولا درجات الحرارة المرتفعة، وتعد زراعة رابحة في بعض المواسم، وخاسرة في أخرى، وهذا يعود لآلية التسويق وخضوع المنتج للعرض والطلب، لذا لابد من إيجاد أسواق داخلية وخارجية لتسويق الإنتاج، ورفع قيمة الدعم لهذا المحصول من صندوق دعم الإنتاج الزراعي، علماً أن مزارعي البطاطا يعانون من ارتفاع تكاليف الإنتاج من بذار ومحروقات وأسمدة، وأجور الأيدي العاملة في الجني والفرز، وأجور النقل إلى أسواق الجملة، وتكاليف العبوات المخصصة لتعبئة المنتج وخصوصاً "الفلين"».

السيد عثمان النعمة

وحول واقع هذه الزراعة وتطورها، تحدث المهندس "بسام حشيش" رئيس دائرة الإنتاج الزراعي في مديرية زراعة "درعا" لموقع eDaraa بتاريخ 30/9/2010 قائلاً: «تحتل زراعة البطاطا في "درعا" المرتبة الثانية بعد البندورة في زراعة الخضار، وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالبطاطا للعروة الربيعية /1821/ هكتاراً، فيما بلغت المساحة المخططة /1506/هكتارات، وهذا يعني أن نسبة التنفيذ /121%/، ويقدر إنتاحها /54630/ طناً، مقارنة مع /40/ ألف طن العام الماضي، علماً أن متوسط إنتاج الهكتار الواحد يبلغ نحو /30/ طناً، وأن تكلفة زراعة الدونم الواحد تصل إلى /50/ ألف ليرة سورية، وتكلفة إنتاج الكيلو غرام هذا الموسم بلغت حوالي /10/ ل.س، وتنتشر زراعتها في مختلف أنحاء المحافظة، وخاصة في مدينتي "نوى" و"طفس"، وتتم زراعتها في العروة الربيعية، ويرغب المزارعون بزراعتها في العروة الخريفية، لكن لا تتوافر أصناف تلائم هذه العروة، وهناك صعوبة في الحصول عليها، ويعتبر صنفا "سبونتا" و"دراجا" الأكثر انتشاراً في المحافظة، وبنسبة تتجاوز /75%/ من المساحات المزروعة، وهناك أصناف أخرى تتم زراعتها بنسب محدودة مثل /ايليت/، و/بورين/، و/لولو/، أما الأصناف المخصصة للصناعة ولإنتاج "الشيبس" مثل /ليدي/ و/روزتا/ و/هرمس/ و/موستنغ/، فهي غير متوافرة في السوق المحلية بشكل دائم».

وعن أهمية التحول إلى طرق الري الحديثة في زراعة البطاطا أضاف: «لطرق الري الحديثة بالرذاذ والتنقيط، دور كبير في التخفيف من استهلاك مادة المازوت، المستخدمة في تشغيل محركات الآبار، والتقليل من استجرار مياه الري واستنزافها، وزيادة الإنتاج بما يتلاءم مع التكاليف التي تتطلبها الزراعة».

رئيس دائرة الإنتاج النباتي في زراعة درعا

وفيما يخص تسويق البطاطا ذكر السيد "عبد الحميد المسالمة" رئيس دائرة التسويق الزراعي في مديرية زراعة "درعا": «ارتفعت أسعار محصول البطاطا في نهاية العروة الربعيية، نتيجة لقلة الكميات المنتجة في هذه الفترة، وفتح باب التصدير للدول المجاورة "كالعراق" و"الأردن"، وتعرض المحصول لبعض الأمراض، ويتم تسويق الكميات المخصصة للاستهلاك الغذائي المنزلي إلى أسواق الجملة ونصف الجملة من قبل المزارعين، أما المخصصة للأغراض الصناعية /صناعة الشيبس/، يتم تسويقها من خلال إجراء عقود بين المزارعين وأصحاب المعامل، وذلك بالاتفاق المسبق على الكمية والسعر، علماً أنه لا يوجد في المحافظة سوى معمل واحد، لصناعة رقائق البطاطا، ويعاني من صعوبة توفير الاحتياج الكامل لطاقته الإنتاجية، فيما يتم تصدير البطاطا من قبل أصحاب المشاغل أو تجار سوق الهال المركزي "بدمشق"، وبالتالي تكون الميزة السعرية العالية في التصدير، لصالح تجار الجملة وأصحاب المشاغل، لذا أرى ضرورة تدخل المؤسسة العامة للخزن والتسويق لشراء إنتاج المزارعين بأسعار مقبولة، وتخزينه بالبرادات، كي لا يكونوا عرضة للتجار والسماسرة».

وفيما يتعلق بدعم محصول البطاطا يقول المهندس "احميد الخابوري" مدير فرع صندوق دعم الإنتاج الزراعي "بدرعا": «دخلت البطاطا المشمولة بالتنظيم، في مجال صندوق الدعم الزراعي هذا العام،‏ حيث يتم دعمها باعتبارها من المحاصيل الرئيسية، من صندوق دعم الإنتاج الزراعي، ويقدر الدعم بـ/600/ ل.س للدونم الواحد للمساحات المنظمة، إلا أنه نتيجة لصغر المساحات المزروعة بالبطاطا في المحافظة، فإن الإقبال على الدعم من قبل المزارعين ما زال محدوداً».

رئيس دائرة التسويق الزراعي