تستوقفك لوحات الفنان "مسعد عبد الرحمن" التي انطلقت من واقع تأثر به كثيراً، فانعكس على ريشته وألوانه التي اتسمت بالواقعية. وقدم طوال مسيرته الطويلة أعمالاً متعددة في التراث وحب الأرض؛ من خلال الوجوه التي تصور الواقع بطريقة مبتكرة ومتجددة، على الرغم من العمر الطويل الذي قضاه أمام اللوحة.

مدونة وطن "eSyria" استعرضت تجربة الفنان "مسعد عبد الرحمن" الفنية، والتقته بتاريخ 18 آذار 2017، ليتحدث عن لوحاته التي تصور التراث والتمسك بالأرض، فقال: «الفن هو مكان يحتضن جميع الحالات الشخصية التي يمر بها الفنان، لدي صورة تلخص ما في داخلي وتركز على تجذر قضايانا الوطنية، وانعكس ذلك في لوحاتي، وواقع الإنسان الذي يعيشه ويجسده يكون بالريشة أقرب من سرده والتكلم فيه، ويكفيني أنني أحول كل لوحاتي إلى أناشيد وطنية بسيطة أقدمها إلى الوطن».

لوحة واحدة تكفي لكي تحقق للفنان الانتشار الذي يحب، فهناك عدة لوحات عملتها طوال حياتي الفنية الطويلة لاقت صدى أكثر من عدة معارض شاركت فيها، فهنا كانت بصمتي الخاصة التي يمكنني اعتمادها في بناء تجربتي الفنية لاحقاً

في معرضه الأول الذي قدمه، أسلوب جديد يتعايش مع عصر جديد، عندما يختار اللحظة الأكثر اقتراباً من روحه وذهنيته الفنية، حيث يقول: «قدمت في عام 1966 أول معرض فني لي، وكانت لوحاته البسيطة تحكي عن بداية المعاناة للشعوب بالوجوه والأشكال والموضوعات، وكانت صور المرأة والرجل الأساس في الموضوعات، وحضورهما الإنساني متميزاً. وقد حاولت تقديم موضوعات عن نشاط الإنسان في حياته اليومية، كيف يتعب أو يحلم بعد التعب، وأن يحقق كل طموحاته في حياة جديدة وأسلوب جديد، يتعايش مع عصر وعالم جديد بحياة مستقرة».

أحد معارض الفنان مسعد

في لوحاته يبرز مشهد الشهيد والأشجار الراسخة، وغيرهما، من المشاهد التي تعبر عن الصدق، ويضيف: «عندما يكون الفنان صادقاً مع ذاته يكون صادقاً برسوماته، فهناك ارتباط بين ما يقوم به الفنان على امتداد البياض وما يفكر فيه تجاه عمله الفني، والشهيد له مكانته في لوحاتي دائماً؛ لأنه يبقى أجمل كلمة، ويكفي أنه ضحى بذاته في سبيل أن يعيش الآخرون؛ وهذا يعني إكباراً من الإنسان أن يحول حياته إلى بقاء الوطن لجميع الأجيال القادمة».

لوحة واحدة برأي الفنان "مسعد" تكفي للانتشار أكثر من معارض عديدة، فليس الأمر بكثرة المعارض، ويتابع: «لوحة واحدة تكفي لكي تحقق للفنان الانتشار الذي يحب، فهناك عدة لوحات عملتها طوال حياتي الفنية الطويلة لاقت صدى أكثر من عدة معارض شاركت فيها، فهنا كانت بصمتي الخاصة التي يمكنني اعتمادها في بناء تجربتي الفنية لاحقاً».

من لوحاته

تأثر بالمدرسة الواقعية التي ينتمي إليها، ودمج بينها وبين الرمزية، وهنا يقول: «قدمت نفسي بأسلوب خاص، من خلال تركيزي على الواقعية الرمزية، حيث قمت بدمج الاثنتين في سبيل الموضوع وإخراجه بشكل يكون مبسطاً وقريباً للمشاهد، لكن بوجه عام يمكنني القول إنني أخذت التأثير العام من أعمال كبار الفنانين، مثل "فان كوخ"، الذي كانت تشدني أعماله وأفكاره وألوانه ومفرداته الفنية».

وعن آخر إبداعاته ومشاركاته في المعارض الفنية، يقول: «على الرغم من ضعف وجود النشاط الفني في "درعا"، الذي يكاد يكون نادراً، إلا أنني أقمت معرضاً فنياً في صالة المركز الثقافي في "درعا"، حيث تنوعت المواضيع والأفكار، فعرضت أكثر من 50 لوحة فنية متنوعة طوال مسيرتي الفنية، وكانت حول تراث المحافظة، والأزياء الشعبية، والعادات الاجتماعية، والتشبث بالأرض».

تكريم الفنان لمسيرته الفنية

عنه حدثنا الفنان التشكيلي "محمد بخش" بالقول: «فنان مبدع، عاش الحياة الفنية عبر سنوات طويلة، له بصمة خاصة في لوحاته المتجددة الغنية بالتراث والواقع، وتجسيد صورة المرأة والرجل وصور الأشخاص والتراث، يركز على الواقعية في لوحاته، ويدرس الألوان بعناية، وأعماله دائماً فيها جهد واضح وتجدد على الرغم من سنوات عمره الطويلة التي لم تزده إلا إبداعاً».

يذكر أنّ الفنان "مسعد عبد الرحمن" من مواليد "درعا" عام 1939، يحمل إجازة في الفنون الجميلة من جامعة "دمشق"، عام 1976.