فنانة شابة استطاعت أن تخط لها اسماً لامعاً بين الكثير من هواة الفن، لتعبر عما يجول في داخلها، ولتعكس أصالة الماضي والحاضر وتثبت جدارة التاريخ بخطها العربي المتميز.

«الخط هو ملكة تنضبط بها حركة الأنامل بالقلم على قواعد مخصوصة، تتربى بالتعليم، وتقوى بالتمرين والاجتهاد، والخط بأنواعه يقرأ في كل مكان، ويترجم بكل لسان، ويوجد في كل زمان، وهو رسم جمالي بخطوط هندسية متناسبة الزوايا، بحوره عميقة، وامتداداته واسعة». ‏

كثيرة هي الأقوال التي قيلت عن أهمية وقيمة وجمال ومكانة الخط العربي، ومنها قول "لابن المقفع": «الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال، يوضح الحق، ويظهر الباطل

هي كلمات الفنانة التشكيلية "براءة سويدان" التي التقتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3/9/2009، والتي تحدثت عن مشوارها في الفن التشكيلي والخط العربي بالقول: «أحببت منذ صغري الكتابة، لكون الخط العربي له منزلة رفيعة مميزة في التراث الحضاري، ولكونه يشكل علماً وفناً في آن واحد، وبالإضافة لأنه ينقل لنا الكلمة المقدسة إلى جانب تعبيره الفني، وهو فن يمتلك إمكانات جمالية لا يمتلكها أي حرف في أية لغة في العالم». ‏

أثناء ممارسة عملها

تتابع: «وأثناء دراستي في معهد الفنون التطبيقية بـ"دمشق" تعلمت الخط العربي على أصوله بدراسة أكاديمية، وبعدة أنواع في القصبة والريشة، وبالإضافة للخط العربي أتقنت أيضاً الرسم بأنواعه، وأهمها الرسم الزيتي والمائي وفن الكاريكاتير، وبعد إتقاني الخط العربي والرسم جذبتني فكرة الابتكار إلى تأليف لوحات فنية عالية الإبداع، منتشرة في معظم المعارض الفنية بالمحافظة، التي تقيمها المراكز الثقافية والدوائر الحكومية، بالإضافة إلى نقابة الفنانين التشكيليين، ‏وأفضل الأصوات المحببة بالنسبة لي صوت صرير قلم القصب الذي يغذي روحي ويخرج بلوحات بغاية الدقة والجمال‏».‏

تضيف: «أركز في لوحاتي بالخط العربي على كتابة الآيات القرآنية والحكم والأمثال، وعلى الزجاج أعمل بمادة التوليب، وأفضل الكتابة على ورق "الكانسون" أبيض اللون، واكتب بالخط الكوفي الملون، وأيضاً أستعمل لوحات "إبرور" الفن التركي، والكرتون المصقول الخاص بكتابة الخط العربي، واقتدي بالفنانين "جلال محارب" و"عثمان بن طه" و"منال كوجك" المختصة بخطوط الزخرفة». ‏

في معرض الكتاب

ولدى سؤالنا الفنانة ما الذي يختلف في الخط بين أنامل الأنثى والرجل، حيث نادراً ما نسمع عن أنثى تتقن الخط العربي لكون الخطاطين الذكور هي القاعدة، أجابتنا بكل عفوية: «لا أرى أي اختلاف في لوحات الرجل والمرأة، الدراسة الأكاديمية هي نفسها، والقواعد وأنواع الخطوط لا تتغير، فالخطاط يحول ما يتقنه من معارف إنسانية أو علمية، وبين ما يمارسه عملياً واجتماعياً، لكن لكل إنسان ميزة تختلف عن الآخر في رسوماته أو لوحاته، وتبقى الأنثى تنفرد بالمرونة واختيار اللوحات، وتكرس الروح الإبداعية الأنثوية التي تجعلها تنفرد عن غيرها بإنتاجها، لتصبح من مكوناتها الشخصية وفهمها لنفسها وللعالم والآخرين، ونحاول إيجاد لغة فنية جديدة بما تحمله من أسس في التصميم والخروج عن المألوف».

وتشير الفنانة "براءة" إلى كل من يرغب بإتقان الخط العربي بالقول: «أولاً يجب أن تكون لديه موهبة ورغبة بتعلم فن الخط، ويبدأ بتشريح الحروف حسب القاعدة، حيث كل حرف بحاجة إلى شرح، ويجب أن يتعلم أشكال الحروف والخطوط، ويبدأ خطاً تلو الآخر، والبداية بخط الرقعة أسهل الخطوط، ثم الخط الديواني، بعدها النسخ، ثم خط الثلث والكوفي، وعلى الرغم من وجود العديد من أنواع الخطوط لكن هذه الخطوط هي الأساس بتعلم وممارسة هواية الخط العربي». ‏

تشارك في افتتاح احد المعارض المشاركة فيها

وتختم حديثها بالقول: «كثيرة هي الأقوال التي قيلت عن أهمية وقيمة وجمال ومكانة الخط العربي، ومنها قول "لابن المقفع": «الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال، يوضح الحق، ويظهر الباطل». ‏

وقالت العرب: «الخط أحد اللسانين، وحسنة إحدى الفصاحتين». ‏

الفنان "محمد بخش" أستاذ الفنانة "براءة" يقول عنها: «نظرة فاحصة ومتأنية في لوحاتها تضعك في رحاب الإبداع والألق، حيث استطاعت الفنانة "براءة" في فترة زمنية قصيرة أن تضع لها اسماً بين فناني المحافظة، ويكون لها مشاركة في أي فعالية أو معرض فني يقام على أرض المحافظة، فهي استطاعت أن تمسك بناصية جميع أشكال وألوان وفنون الخطوط العربية، وتجمعها في باقة عطر واحدة، لقد قدّمت كل ما تستطيع من جهد وإبداع للوصول إلى قوة التعبير، ورشاقة الرسم، وغنى المضمون». ‏

من الجدير بالذكر أن الفنانة "براءة" تتميز بتعدد المواهب التي تمارسها، ومنها النحت والخط والتمثيل والشعر والكاريكاتير، شاركت في العديد من المعارض أهمها: ملتقى الفن التشكيلي الأول بـ"درعا"، ملتقى الخطاطين بمكتبة "الأسد"، معرض الخط العربي، "القدس" عاصمة أبدية للثقافة العربية بـ"درعا".

(*) تم تحرير المادة في عام 2009.