بهدف الحفاظ على جمال أحد أهم معالم العاصمة، أزالت محافظة "دمشق" الاستراحات العشوائية التي كانت موجودة على الطريق المحيط "بجبل قاسيون"، وتركت بعض الاستراحات المقبولة سياحياً لتخديم المواطنين والسياح ريثما يبت ويعتمد الشكل الأمثل للاستثمار في هذه البقعة السياحية المهمة المطلة على فيحاء الشام.

"طريق قاسيون" الذي يشكل إطاراً دائرياً حول الجبل، ويقدم إطلالة مميزة من جميع جهاته، أصبح في الفترة الأخيرة مصدراً للإزعاج ومنبعاً للمشاكل بالنسبة لقاصدي هذا المرصد الطبيعي، بل إن كثيراً من العائلات الدمشقية استغنت عن جمال اللوحات البصرية التي يقدمها "جبل قاسيون" في مختلف فصول السنة بسبب الإساءات الصادرة عن بعض المستثمرين والمتسولين، في ظل غياب الرقابة السياحية والمالية عن الجبل.

لا مشكلة لدي في الأسعار لكني أتعرض للمضايقة بشكل مستمر من قبل المتسولين الذين ينشطون بشكل كبير على طريق الجبل

موقع "eSyria" التقى عدد من المواطنون والسياح الذين أبدوا وجهات نظر مختلفة حول قرار إزالة الاستراحات، فبعضهم اعتبرها خطوة ضرورية خاصة بعد الحوادث والمشاكل التي باتت تأرق رواد "جبل قاسيون"، كالسيد "أمير الحبال" الذي ذكر أنه لم يقصد "قاسيون" منذ أكثر من سنتين، والسبب حسب قوله:

المحامي "فيصل سرور"

«يقسم "قاسيون" إلى جزئين، الأول مخدم بالاستراحات التي لا تتوانى عن استغلال المواطنين وتعتبرهم سياحاً من الدرجات الأولى، أما الجزء الثاني فهو غير مخدم بالكهرباء أو مرافق العامة حتى إنه غير ملائم للجلوس».

السيد "نواف الشاطر" أحد السياح العرب من "تونس" أكد بأنه في كل مرة يزور فيها "دمشق" يقصد فيها "قاسيون"، وتابع قائلاً: «لا مشكلة لدي في الأسعار لكني أتعرض للمضايقة بشكل مستمر من قبل المتسولين الذين ينشطون بشكل كبير على طريق الجبل».

استراحة بعد إزالة

أما "أبو لؤي" – الذي رفض البوح بإسمه كاملاً– يملك إحدى البسطات الصغيرة على الجبل ويقوم هو ومساعديه من الأطفال، بتخديم منطقة محددة من "طريق الجبل"، حيث يقدم بعض المشروبات بأنواعها المختلفة، "أبو لؤي" أعرب عن غضبه من قرار الإزالة، وتساءل عن السبب من ترك بعض الاستراحات دون غيرها، وأضاف قائلاً: «نحن نقدم عدداً من الخدمات البسيطة ونقوم بدفع ما يترتب علينا، فلماذا لا نعطى تراخيص جديدة؟، كما أن أي استثمار سيأتي بدلاً منا سيكون ذو تكلفة عالية وهذا من شأنه رفع التسعيرة على المواطن».

موقع "eSyria" التقى مع المحامي "فيصل سرور" عضو المكتب التنفيذي في محافظة "دمشق"، لمعرفة الرؤية المتوقعة للحفاظ على قاسيون كأحد المعالم السياحية المهمة في "دمشق"، حيث بدأ بقوله: «هناك دراسة بين "محافظة دمشق" و"وزارة السياحية" حول الاستثمارات السياحية على طريق "جبل قاسيون"، والشروط الكفيلة بالحفاظ على هذا المعلم؛ خاصة بعد تذمر المواطنين والسياح على حد سواء من الخدمة المتدنية والاستغلال المستمر، وازدياد نسبة الحوادث والمشاكل التي أدت إلى عزوف نسبة كبيرة منهم عن الجلوس فيه.

بسطة صغيرة متروكة لبيع المشروبات

وكخطوة أولى قمنا بإيقاف منح التراخص الجديدة للاستثمار في الجبل، وأنذرنا الاستراحات القديمة بما ننوي القيام به وانتظرنا حتى انتهاء فترات استثمار هذه الاستراحات، وفي بداية هذا العام /2010/ قمنا بإزالة معظم الاستراحات والتي عرف عنها استغلالها للمواطن والسائح، ومددنا تراخيص بعض الاستراحات بمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في كل مرة لتخديم قاصدي "جبل قاسيون"، ريثما يبت في عدد الاستراحات والاستثمارات على طريق هذا جبل، ويعتمد دفتر شروط مناسب للاستثمار في هذا الموقع السياحي، ويتوقع أن يصدر هذا الدفتر في النصف الثاني من العام الجاري».

وأكمل السيد "فيصل" بقوله: «يوجد عدد من الاحتمالات التي لا تزال تدرس منها أن يكون عدد الاستراحات هو اثنتين أو أربعة من فئة خمسة نجوم، وهذا من شأنه أن يشجع السياح بشكل خاص على ارتياد الجبل، وتخصيص عدد من الحدائق المخدمة بمقاعد حجرية ومرافق عامة للمواطنين ويكون الدخول إليها بمبالغ معينة».

وريثما يبت في الشكل الذي سيتثمر به "طريق جبل القاسيون"، ستبقى إطلالة الجبل على "دمشق" هذا الصيف عذراء خالية من الاستراحات المتجاورة أو الأنوار المتداخلة عكس ما كان في السنوات الأخيرة.