على الرغم من العصور التي مرت عليها إلا أنها محافظة على نقوشها وزخارفها الجميلة، ما زالت تنبض برونق الحياة وتشع بالنور والجمال، إنها تربة "التينبية"، هي إرث حضاري من أهم معالم حي "الميدان".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 تموز 2014، الآثاري "جوزيف حنا" الذي تحدث عن تربة "التينبية"، فقال: «تقع تربة التينبية جنوب "دمشق" خارج أسوار مدينة "دمشق القديمة" في الطرف الشرقي من حي "الميدان الدمشقي"، وقد أنشأها نائب السلطان المملوكي الأمير "سيف الدين تنيبك الحسني"، وهو من أمراء "دمشق" في العصر المملوكي في عام 797 للهجرة والموافق 1394 للميلاد، ودفن فيها في عام 802 للهجرة الموافق 1399 للميلاد، ويطلق عليها العديد من الأسماء منها جامع تنبك وجامع يشبك وجامع التينبية.

وهي تربة شبيهة بتربة "الشيخ حسن"، فيها قبتان على جانبي الباب وواجهة جميلة، وتقع في محلة "الميدان الوسطاني"، ودفن فيها سنة 815 للهجرة نائب السلطنة الأمير "تغرى بردى"، وهو والد مؤلف كتاب "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"

تميزت الفترة المملوكية بالازدهار والتطور في جميع مناحي الحياة، وخصوصاً التراث المعماري والأعمال العمرانية؛ فبني عدد كبير من المساجد والمدارس والخانات والحمامات والترب، كما كان المماليك محبين للعمارة والفنون، وتركوا آثاراً عديدة كالتربة التينبية نموذجاً يدل على جمال وفن البناء وأسلوب الإبداع وسمات العمارة في العصر المملوكي، فقد ابتكر المماليك فناً معمارياً زخرفياً جديداً يسمى الأبلق، وهو استعمال مداميك حجرية من ألوان مختلفة بشكل متناوب، وكان يعتمد على اللونين الأبيض والأسود غالباً».

الباحث جوزيف حنا

ويتابع: «تربة "التينبية" تتألف من قسمين وهما: المسجد، والضريح. المسجد يقع في الجهة الجنوبية ويتألف من قسمين قاعدة مربعة الشكل وتعلوها قبة، أما الضريح فيقع في الجهة الشمالية، الواجهة الرئيسية لتربة "التينبية" تقع في الجهة الشرقية، والواجهة مبنية من مداميك الحجارة البلقاء المتناوبة بين الحجارة البيضاء والسوداء، وفي كل طرف من الواجهة الرئيسية نافذتان تطلان على الشارع، ويعلو كل نافذة شكل زهرة مستديرة، أما المئذنة فهي قصيرة الجذع مبنية من العصر المملوكي، وللتربة أهمية كبيرة قديماً، بما أن حي "الميدان" كان ينطلق منه موكب الحج، وعلى بوابة الميدان التي تسمى أيضاً "باب مصر" كان يتم استقبال زوار بيت الله العائدين من الحج، كانت تربة "التينبية" استراحة للحجاج، لذلك رغب العديد من الأمراء أن يدفنوا في حي الميدان لتلقي دعوات الحجاج».

وعن أعمال الترميم التي أقيمت يقول: «لقد خضعت التربة لعدد من أعمال الترميم من قبل مديرية الآثار والمتاحف ومديرية أوقاف "دمشق"، تم ترميم المحراب مع المحافظة على الزخارف والأحجار الأثرية وتنظيفها من الدهان والشوائب، كما تم ترميم المئذنة واستبدال الأخشاب المهترئة بأخشاب جديدة، وتنظيف أحجار الواجهات بالماء والصابون وتنظيف المقرنصات الحجرية الموجودة في قبة المدخل وقاعدة القوس، واستبدال الأحجار المقرنصة المشوهة بأحجار بنفس النقوش والزخارف، وتم توسيع حرم المسجد فأصبح يوجد حرم للرجال وحرم للنساء».

الزخرفة المملوكية بأبهى صورها

ويعرف الدكتور "يوسف بن عبد الهادي" في كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" التربة بالقول: «هي تربة الأمير "تنيبك الحسني الظاهري"، يدخل إلى التربة من باب بديع إلى بهو صغير فوقه قبة حجرية بديعة الصنع قائمة على أربعة أقواس، وإلى جانبيها قبتان أكبر حجماً، القبة الجنوبية هي قبة المسجد وتحتوي على محراب حجري مزخرف بزخارف جميلة، والقبة الشمالية لعلها كانت قبة الضريح هي غرفة خالية ليس فيها شيء وإنما يتخذها الإمام مقراً له».

كما يقول الدكتور "عبد القادر الريحاوي" في كتابه "العمارة العربية الإسلامية.. خصائصها وآثارها في سورية": «وهي تربة شبيهة بتربة "الشيخ حسن"، فيها قبتان على جانبي الباب وواجهة جميلة، وتقع في محلة "الميدان الوسطاني"، ودفن فيها سنة 815 للهجرة نائب السلطنة الأمير "تغرى بردى"، وهو والد مؤلف كتاب "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"».

قبة المسجد