يقع حمام "القرماني" في السوق العتيق إلى الجنوب من سوق "ساروجة"، يعدّ من أكبر حمّامات "دمشق"، الذي يعود إلى الفترة المملوكية، كما يتميز بوجود 12 قبة إلى جانب القبة الكبيرة...

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 نيسان 2014 الباحث الآثاري "عقبة معن" الذي تحدث عن حمام "القرماني"، ويقول: «يعود تاريخ إنشائه إلى الأمير "سيف الدّين إيلجي بغا العادلي" وهو من مماليك سلطان الشّام الّذي حكم من سنة 469هـ (1294م) إلى سنة 696هـ (1521م)، وكان لقبه السّلطان العادلي، أمّا عن تسميته بالقرماني فهي نسبة إلى كل من "محمد باشا القرماني" الذي كان وزيراً للسلطان العثماني "محمد خان الثالث"، والشيخ "محمد القرماني" الذي أنشأ مسجداً في العهد العثمانيّ إذ سمّي باسمه، فأطلق الاسم ذاته على الحارة التي بُني فيها المسجد، ومن المرجح أنه بمرور الوقت تناسى النّاس اسم الأمير "إيلجي بغا" وأطلق على الحمّام "القرماني" نسبةً إلى اسم المسجد والحارة القريبين منه».

أمّا "الوسطاني" (القاعة الدافئة) فهو عبارة عن قاعة مربعة الشكل مغطاة بقبة قطاعها نصف دائري، يتصدّر الجدار الشمالي لقاعة "الوسطاني" من النّاحية الغربية باب معقود يؤدي إلى قاعة "الجواني"، ويقابل هذا الباب في الجدار الجنوبي باب الدخول إلى الوسطاني من الجهة الشرقية، وعلى جانبي القاعة إيوانان بعقد مدبب، وتتميز القاعة بأنها مثمنة المسقط، وفُرشت أرضيتها ببلاطات رخاميّة مربعة كبيرة

وتشير الأستاذة "فاطمة السليطي" الباحثة في الآثار الإسلاميّة بالقول: «يعدّ من حمامات الفترة المملوكية، وللحمّام واجهتان واحدة من جهة الغرب تطلّ على السّوق العتيق، وهي واجهة صمّاء إلا من شباك معقود بعقد نصف دائري، ويليه من الجهة الشّماليّة باب فرعيّ يؤدي إلى ممرّ ضيق ثمّ إلى قاعة "البراني"، والواجهة الأخرى من جهة الجنوب وفيها المدخل الرئيسي، تمتدّ بطول تسعة أمتار وفيها الباب الرئيسي من الطرف الغربي، إلى جانب دخلة ذات عقد مدبّب مرتفعة عن مستوى الأرض، ويلي هذه الدّخلة من جهة الشّرق شبّاك، وتظهر فوق هذه الواجهة القبة الضّخمة ذات القطاع النصف دائري التي تعلو قاعة "البراني"».

المهندس لؤي مملوك

وتضيف "السليطي" عن القسم "البراني": «هو عبارة عن قاعة في الوسط مربعة الشّكل وفيها أربعة إيوانات ذوات عقود مدبّبة بكلّ جهة، يتوسّط القاعة بركة حجرية ذات مسقط مستدير ومحيطها من الخارج مضلع الشّكل ومكسو بالرخام، وتتوسّطها نافورة على شكل إناء رخامي مستدير وحواف مشرشرة، وتغطي القاعة الوسطى للبراني قبة كبيرة ذات نصف قطاع دائري محمولة على مثلثات كرويّة تمثّل في الوقت ذاته كوشات عقود الأيوانات المُطلّة على القاعة الوسطى».

وتتابع: «أمّا "الوسطاني" (القاعة الدافئة) فهو عبارة عن قاعة مربعة الشكل مغطاة بقبة قطاعها نصف دائري، يتصدّر الجدار الشمالي لقاعة "الوسطاني" من النّاحية الغربية باب معقود يؤدي إلى قاعة "الجواني"، ويقابل هذا الباب في الجدار الجنوبي باب الدخول إلى الوسطاني من الجهة الشرقية، وعلى جانبي القاعة إيوانان بعقد مدبب، وتتميز القاعة بأنها مثمنة المسقط، وفُرشت أرضيتها ببلاطات رخاميّة مربعة كبيرة».

حمام القرماني من الداخل

وأشار المهندس المعماري "لؤي مملوك" عن أهمية حمّام "القرماني" وواقعه الحالي بالقول: «يعدّ من أكبر حمّامات "دمشق" مساحة حيث تصل مساحته إلى (500) متر مربع، وهو من أوّل الحمّامات التي اعتمدت على مادة المازوت كوقود في سبعينيات القرن الماضي، ويتميّز بوجود بئر مياه خاصة ملحقة به، وقد تضرر قسمه الخدمي بفعل عمليات هدم منطقة السوق المحيطة به، إلا أنّ محافظة "دمشق" أنهت ترميم هذا القسم، والحمّام صالح بشكلٍ تام للاستخدام إلا أنه عانى من هدم سوقي "القرماني" و"العتيق" وما يعرف تاريخياً بسوق "التبن" لأنّ نشاطه الاقتصادي يعتمد بشكلٍ أساسيّ على زبائن هذه الأسواق، إلا أنّه يمكن الاستفادة من موقعه المهم على تقاطع شارعين من أهم شوارع "دمشق"، هما: شارع "الثورة" على المحور الشمالي الجنوبي، وشارع "القوتلي" على محور شرق غرب، مما أثار شهية الباحثين لتقديم العديد من الدّراسات حول الشّكل العمرانيّ والوظيفيّ للمنطقة المحيطة به، وقد قدّمت في معظمها من كلية الهندسة المعمارية في جامعة "دمشق"، ينظر إلى هذا الحمّام اليوم من زوايا مختلفة لأهمية موقعه الجغرافيّ وقيمته التّاريخيّة».

صورة جانبية للحمام