تمتاز بقبابها الحمراء وزخارفها الهندسية وكتاباتها النسخية والكوفية البديعة، من خلال طراز معماري أيوبي مازال محافظاً على رونقه حتى اليوم، إنها المدرسة "الركنية" منبر العلم والنور منذ أكثر من 700 سنة...

مدونة وطن"eSyria" التقت بتاريخ 10 نيسان 2014 السيد "عماد الأرمشي" الباحث التاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة "دمشق"، الذي تحدث عن المدرسة "الركنية"، ويقول: «تقع خارج أسوار مدينة "دمشق" القديمة في نهاية شارع "ابن طولون الصالحي" الواصل من ساحة "الميسات" إلى ساحة "شمدين آغا" في محلة "ركن الدين" بسفح جبل "قاسيون" الشرقي في "الصالحية"، وتتوسط المدرسة ساحة "شمدين آغا" وتأخذ الحيز الأكبر منها».

تقع خارج أسوار مدينة "دمشق" القديمة في نهاية شارع "ابن طولون الصالحي" الواصل من ساحة "الميسات" إلى ساحة "شمدين آغا" في محلة "ركن الدين" بسفح جبل "قاسيون" الشرقي في "الصالحية"، وتتوسط المدرسة ساحة "شمدين آغا" وتأخذ الحيز الأكبر منها

ويتابع: «وقد أنشأها الأمير "ركن الدين منكورس الحنفي الفلكي" عام 621 للهجرة الموافق 1224 للميلاد، واكتمل بناؤها عام 625 للهجرة وجعلها لتدريس المذهب الحنفي، وأوقف عليها أوقافاً كثيرة، وبنى بداخلها تربة، وحين توفي سنة 631 للهجرة في قرية "جيرود" شمال "دمشق"، حُمل إليها ودفن داخلها، وتشير المصادر التاريخية إلى أن الأمير "ركن الدين منكورس" غلام وعتيق، وقد تم إعتاقه على يد الأمير الكبير "فلك الدين سليمان العادلي" شقيق الملك "العادل" لأمه، وكان هذا الرجل من أخيار الأمراء ينزل في كل ليلة وقت الفجر إلى المسجد وحده، ويواظب على حضور الصلوات فيه مع الجماعة، وكان قليل الكلام كثير الصدقات».

تاريخ بناء المدرسة على البوابة الرئيسية

ويشير إلى أن المدرسة "الركنية" من المدارس الأيوبية في "دمشق"، اتسمت بطابع البناء الأيوبي من خلال تصميم بديع تلتصق فيه التربة بمسجد المدرسة عند زاوية الشارع.

أما الباحث الآثاري "جوزيف حنا" فتحدث عن بناء المدرسة، ويقول: «تتألف من قسمين: التربة، والجامع، يتصلان من خلال واجهة مشتركة في الجهة الشمالية، وتقع التربة في الجهة الشرقية، وتتألف من قاعدة مربعة الشكل تعلوها زخرفة حجرية متقدمة نحو الأمام، ويتخلل الجدار الشرقي مدخل مستوٍ فيه باب ذو مصرعين، أما الجدار الشمالي فتتخلله نافذتان ذات سواكن حجرية مستوية وضع عليهما شبك حديدي، وتعلوهما لوحتان هندسيتان زخرفيتان، وما بينهما لوحة حجرية كبيرة مزخرفة ومنقوشة نقشاً غائراً في الحجر، مكتوب عليها بالكتابة النسخية التعريف بالمكان من ستة أسطر، ويحيط بها مربعان بزخارف كوفية، وقد بني هذا القسم بثلاث عشرة مدماكاً من الحجارة كبيرة الحجم، أما القبة فهي حمراء اللون، تتألف من طبقتين: السفلية منها ترتفع حوالي 2 متر وهي مثمنة الأضلاع تعلوها زخرفة، وتتناوب النوافذ بين الأضلاع بين المفتوحة والصماء. والطبقة العلوية تتألف من 16 ضلعاً تزينها بالتناوب ثماني نوافذ قوسية وثمانية محاريب صدفية».

الباحث جوزيف حنا

ويتابع: «أما الجامع فيقع في الجهة الغربية، ويتألف من قسمين: قاعدة مربعة الشكل، وقبة، وتتألف الأخيرة من طبقة واحدة ذات إطار لها ثمانية أضلاع، وبين كل ضلعين نلاحظ هياكل عقدية قوسية لنوافذ مستوية الوجه مغلقة أو مفتوحة، حيث تتناوب النوافذ المزدوجة بين مفتوحة وصماء، وهذه القبة تم إعادة تشييدها حديثاً وهي كبيرة الحجم بالنسبة إلى القباب التي أنشئت في العصر الأيوبي، أما الجدار الشمالي للجامع الذي يشكل الواجهة المطلة على الشارع فهو ليس على استقامة واحدة وإنما منكسر قليلاً، ويرتفع 13 مدماكاً من القطع الكبيرة، ويتخلل الواجهة مدخل عقدي قوسي، وأقيم في الأسفل مدخل ذو ساكن مستوٍ، وضع له باب خشبي كبير، حيث يتم الوصول إلى الباب من خلال أربع درجات رخامية، ويوجد على يمين ويسار المدخل مقاعد حجرية، ويعلو الباب دائرة هندسية زخرفية نقش عليها كتابات، وإلى الأسفل منها لوحة كتابية منقوشة بخط هندسي، وعلى يسار المدخل نافذة وضع عليها شبك حديدي، أما الجدار الغربي فيتخلله قوس عقدي مغلق من الداخل وأظنه كان باباً في الأساس يتم الوصول إليه من خلال خمس درجات رخامية وضعت حديثاً، بينما الجدار الجنوبي للجامع فالقسم الأسفل منه مع الزوايا بُني من حجارة مقطوعة من الحجم الكبير وما تبقى مبني من حجارة عادية، يتخلل هذه الجهة نافذتان ذات سواكن مستوية كبيرة، وقد خضعت المدرسة لأعمال ترميم وصيانة من قبل دائرة الآثار ومديرية الأوقاف منذ عام 1984 وحتى عام 1990، حيث تم بناء مئذنة جديدة، وإعمار قبة الجامع التي انهارت بسبب الأحوال الجوية، وترميم قبة التربة، وتسوير الجامع بحدوده، وبناء حديقة في الجهة الغربية».

ووصف "يوسف بن عبد الهادي" في كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" شكل المدرسة قديماً، ويقول: «تدخل من الباب إلى قبة عظيمة، ولكنها سقطت فأقيم موضعها سقف قد شوهها، وإلى جانبيها قنطرتان تقومان على عمودين ضخمين، وتحت القبة بركة مربعة، وفي الجهة الجنوبية من القبة باب ضخم يؤدي إلى القبلية، وفيها محراب من جص عادي وقبر خشبي حديث وشباكان يطلان على "دمشق"، وتحت القنطرة اليسرى باب يؤدي إلى قبة تحتها ضريح عالٍ هو ضريح "ركن الدين منكورس"».

المدرسة "الركنية" في الثلاثينيات