من نهري "يزيد" و"تورا" تكونت نبعة صغيرة، كانت الملاذ الصيفي لمعظم سكان "دمشق"، يقيمون حولها "السيران الشامي" خاصة بعد "زودة" نيسان، يستمتعون بالطبيعة التي جعلتها النبع الأجمل.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 11 كانون الأول 2014، السيد "محمد فايز الشقللي" أحد قاطني حي "عين كرش" والبالغ من العمر 85 سنة؛ الذي تحدث عن نبع الحي الذي لم يعد موجوداً اليوم، ويقول: «منطقة "عين الكرش" عبارة عن بساتين وفي أحدها كان يوجد نبع ماء مستقل، اكتسب مياهه من نهري "يزيد" و"تورا"؛ وهما من روافد نهر "بردى"، حيث إن نهر "يزيد" ينفصل عن "بردى" شمالاً ويعود هذا النهر إلى العهد الروماني، أما نهر "تورا" فهو يأخذ حوالي نصف مياه نهر "بردى" وهو يعود إلى العهد الآرامي، والنهران يتجهان نحو الشمال الشرقي مروراً بحي "الصالحية"، وتنشق منهما عدة قنوات، وكان النبع يجف عندما تقل مياه النهرين في شهري أيلول وتشرين الأول، وتعود رقراقة باردة عند ذوبان الثلوج وعودة المياه للنهرين؛ أي ما يسمى بـ"الزودة" في شهر نيسان».

كان هذا النبع مقصداً لمعظم سكان "دمشق" للاستمتاع بالجلوس بجانبه لكثرة الأشجار المحيطة به كالجوز والمشمش، ومنهم من يأتي سيراً على الأقدام لقرب منزله، ومنهم من يركب "الحنتور" لبعد المسافة ولعدم توافر السيارات، وكانت المنطقة تشتهر بتربية الأغنام لوجود النبع هناك

ويضيف: «كانت مساحة النبع تتراوح بين مترين طولاً ومترين عرضاً، وتقع شرق ساحة "السبع بحرات" أي خلف معهد "الباسل" حالياً، وكان صاحب البستان الموجود فيه يدعى "أبو أحمد"، كان يأخذ قرشاً سورياً من أي عائلة تود الدخول والجلوس بجانب النبع، فأنا من الأشخاص الذين دخلوا إليه بقرش سوري لأنه النبع الوحيد في المنطقة».

محمد فايز الشقللي

كما التقينا السيدة "منيرة العطار" من أبناء الحي التي عادت بذاكرتها لتلك الأيام، وتقول: «كان هذا النبع مقصداً لمعظم سكان "دمشق" للاستمتاع بالجلوس بجانبه لكثرة الأشجار المحيطة به كالجوز والمشمش، ومنهم من يأتي سيراً على الأقدام لقرب منزله، ومنهم من يركب "الحنتور" لبعد المسافة ولعدم توافر السيارات، وكانت المنطقة تشتهر بتربية الأغنام لوجود النبع هناك».

وتضيف: «كنا نقوم بتحضيرات لقضاء يوم جميل قرب النبع، فكان والدي يقوم بجلب كل ما يلزم لتحضير الطبخات كـ"المجدرة" و"الستي زبقي" وتجهيزها في الطناجر، وتجهيز أيضاً اللحمة والبصل والبندورة لشوائها، وأخذ إبريق الشاي و"دولة" القهوة حيث لا غنى عنهما، والفواكه التي لها نكهة خاصة بجانب النبع، مع المدات والبسط والمخدات للجلوس عليها، وعند وصولنا نقوم بفردهم وتحضير الأحجار ووضع الحطب فوقهم وإشعال النار لشواء اللحم وغلي الشاي والقهوة، كانت أوقاتاً جميلة، ومع التطور العمراني الذي شهدته المنطقة غارت مياهه وجفت ولم يبقَ سوى اسم هذه النبع "عين الكرش"».

مدرسة اللاييك مكان النبعة سابقاً