اشتهرت دمشق بتخصيص أسواق لمهن محددة، منها "سوق القباقبية" الذي اختص لفترة طويلة ببيع وصناعة القباقيب المعروفة بـ"القباقيب الدمشقية"، لكن مع الوقت تحول هذا السوق لبيع التحف والتذكارات الدمشقية وبات بيع القباقيب نادراً، إلا أن الاسم بقي مرتبطاً بالمكان.

السيدة "باسمة نفاخ" من سكان حي المهاجرين، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بالقول: «لا يعد سوق القباقبية من الأسواق الهامة لأهالي دمشق، ولكنه يعد أحد أشهر الأماكن التي يرتادها السياح والمغتربون على حد سواء وذلك لشراء تذكارات عن مدينة دمشق.

لا يعد سوق القباقبية من الأسواق الهامة لأهالي دمشق، ولكنه يعد أحد أشهر الأماكن التي يرتادها السياح والمغتربون على حد سواء وذلك لشراء تذكارات عن مدينة دمشق. لا أقوم بزيارة مخصوصة له، ولكنني دائماً عندما أمر بجواره أقف لأشاهد وأتأمل التذكارات الدمشقية المعروضة من سيوف وحناجر وصور ودمى فلكلورية وغيرها..

لا أقوم بزيارة مخصوصة له، ولكنني دائماً عندما أمر بجواره أقف لأشاهد وأتأمل التذكارات الدمشقية المعروضة من سيوف وحناجر وصور ودمى فلكلورية وغيرها..».

ابو محي الدين في سوق القباقبية

أما السائحة "سارة عبد المحسن" /من جمهورية مصر العربية/ كتبت في موقع "اليوم السابع" بتاريخ الخميس 18/7/2013: «تعتبر دمشق من أشهر المدن العربية الإسلامية التي عُرفت بصناعة القبقاب، وكان لها سوق مخصوصة وراء الجدار القبلي من الجامع الأموي، يعرف بسوق القباقبية، من هذا السوق العريق كانت تُحمل مصنوعاته الخشبية المختلفة، خاصة القباقيب إلى مصر وبيروت واسطنبول، رغم وجود الحرفيين المهرة، إلا أنَّهم ليسوا بحرفية ومهارة الدمشقيين».

يقع "سوق القباقبية" على امتداد الجدار الجنوبي لـ"الجامع الأموي"، وهو مؤلف من مجموعة من المحلات التجارية المتخصصة في صناعة التجارة التقليدية وتجارة الخشبيات الشرفية، أما سبب تسميته "القباقبية" فهو لشهرة هذا السوق بصناعة "القبقاب" وهو حذاء تقليدي يصنع من الخشب والجلد.

قباقيب

انتقل "سوق القباقبية" إلى موضعه الحالي في أواخر العصر العثماني حيث كان سوقاً ذا صفين متقابلين وسقفه معقوداً بالحجر، ففي بداية الثمانينيات تمت إزالة النسق الشمالي من المحلات الملاصقة لجدار الجامع الأموي كما أزيل السقف الحجري نهائياً وقاية للجامع من الحريق من جهة ولكشف معالم هذا الجدار الهام أثرياً من جهة أخرى.

اليوم لم يبق من هذا التخصص سوى الاسم باستثناء بعض القباقيب ذات الوظيفة التذكارية التي تعرض هنا وهناك، إضافة إلى الصناديق المشغولة بتقنية "الموزاييك" التي تحاكي تطعيم الصدف، كراسي القش المنخفضة، قوالب المعمول الخشبية، ستائر الخرز، اضافة إلى ورشة تقع في "خان السفرجلاني" يملكها رجل طاعن بالسن يدعى "حمزة مخللاتي" الملقب بـ"أبو محي الدين" الذي تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ "5/3/2013" عن مهنته التي توارثها عن أجداده:

سلوى حيدر

«تعود ورشتي إلى عام 1920م، هي من الورش النادرة المتخصصة بصناعة القباقيب، يمكن اعتبارها متحفاً متخصصاً بهذه المهنة التي شهدت رواجاً كبيراً في ثلاثينيات القرن الماضي حيث كانت القباقيب الدمشقية تصدر إلى مختلف أرجاء بلاد "الشام"، ومنها ما يطّعم بالصدف، والأحجار الكريمة، وبقي الحال كذلك حتى عام 1965م حيث بدأت الخامات البلاستيكية تؤثر على هذه المهنة، ورواجها.

لقد حلت "حوانيت" كثيرة محل صناعة القباقيب وأغنت سوقها بتنوعها وبجذبها للسائحين العرب والأجانب نذكر منها "الانتيكات"، "السجاد"، "المشغولات الفضية"، "نماذج القاشاني"، "المخطوطات النادرة"، ومجموعات "العملات القديمة" ولاسيما السورية، هذا فضلاً عما نجده من محلات متخصصة بعرض لوحات شرقية، وأخرى تعرف بـ"الدمشقيات"».

إضافة إلى فنون مستحدثة أخرى نذكر منها فن "الرسم على الرمل" و"كتابة الأسماء على حبات الأرز"، يقول "عبد الباسط محمود": «أحضر الرمل "النبكي" نسبة إلى مدينة النبك شمالي "دمشق"، وأقوم بصبغه بالألوان المختلفة استعداداً لتكوين لوحاتٍ مختلفة في قوارير صغيرةٍ، أو كبيرةٍ حسب الطلب، الأداة الرئيسية للرسم بالرمل قمع حديدي صغير ذي رأس مدبب يأخذ دور ريشة الفنان".

يرتاح الزائر للسوق في مقهاها الذي حمل نفس الاسم "مقهى القباقبية" الذي يقع في آخر السوق بموازاة الجدار الشرقي للجامع الأموي المعروف باسم "مقهى خبيني" لكونه يختفي ما بين آخر سوق "القباقبية" والقوس المؤدي إلى منطقة "النوفرة"، يقدم المقهى الشاي الخمير، القهوة التركية، الزهورات الشامية، النرجيلة، الكابوتشينو، الاسبرسو.

يتمتع الباعة في سوق "القباقبية" باللطافة والقدرة الراقية على اجتذاب السياح، بعضهم يتقن أكثر من لغة كالإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية، الفارسية، وبعضهم الآخر يمتلك من مفردات تلك اللغات ما يمكنه من التعامل مع السياح بشكلٍ جيد.

السوق يعج بالمارة والزوار دوماً فواجهات محلاته تستهوي الجميع، تقول "سلوى حيدر" ماجستير إعلام: «السوق جميل جداً ويعطي رونقاً خاصاً للمكان، خصوصاً بعد أن توحدت واجهات المحلات فأصبح أكثر أناقة وجاذبية للزوار وللمارين أيضاً، كل شي في السوق مميز، فالأعمال اليدوية التي تملأ الواجهات والتي نراها كل مرة نقصد المكان تدفعنا إلى التوقف مجدداً لرؤيتها كما لو أننا نراها لأول مرة».