يمثل سوق الحميدية نموذجاً مصغراً لمدينة دمشق، نتيجة كثرة الأسواق الفرعية التي تتخصص بمنتجات معينة، لتعطي هذه الأسواق قيمة إضافية لسوق الحميدية الذي طبقت شهرته الآفاق.

فكل سوق فيها مخصص لبيع أنواع معينة من البضائع التي تنتجها المحال المنتشرة في السوق، حيث من المعروف أن المهن الدمشقية أغلبها مهن متوارثة.

يلي هذا "سوق نصري" سوق "مردم بك" ويمتد من الشمال إلى الجنوب، متعامداَ مع سوق العصرونية، ويسمى هذا السوق حالياً باسم سوق "الطحان"، وذلك لأن مالك السوق كان لـ "آل الطحان"، وتتنوع الاختصاصات في هذا السوق من الشرقيات والألبسة الرياضية وألعاب الأطفال، فيما يقع سوق الجرابات مقابل جادة "السليمانية" وسوق "شاكر غازي"، وهو سوق قصير جداً، وكان يعرف سابقاً بـ"الدفاقة"، إلا أن تخصصه بالجرابات أدى إلى إطلاق هذه التسمية عليه، أما اليوم فتشغله محال بيع الأحذية، ولا يوجد محال للجرابات

الباحث في التاريخ والتراث "محمد مراد" وفي مقابلة خاصة مع موقع "eDamascus" بتاريخ 9/3/2012 قال: «إن سوق الحميدية يتألف حالياً من مجموعة أسواق صغيرة تتفرع عنه، وأغلبيتها مغطى، فعندما ندخل سوق الحميدية من مدخله عند شارع "النصر"، يطالعنا في النسق اليميني سوق يقع في الجهة الجنوبية من البداية الغربية للسوق، ويطلق على كامل هذه المنطقة سوق "الأروام"، بعد أن كانت تطلق هذه التسمية على النصف الغربي لسوق الحميدية، ولا يزال الاسم إلى يومنا هذا، وسميت بذلك نسبة إلى "الأروام" وهم اليونان أو "السلاجقة" التي تعرف أيضاً باسم بلاد "الروم" في "تركيا"، حيث كانوا يأتون إلى "بلاد الشام" ويعملون في هذا السوق الذي ينتشر فيه بيع البسط والسجاجيد القديمة بأنواعها "العجمي" والتبريزي وغيرها إضافة إلى المفروشات التراثية».

الباحث في التاريخ والتراث "مروان مراد"

وأضاف: «بعد سوق "الأروام" ومن النسق اليميني أيضاً تظهر فتحات سوق الحريقة "حي سيدي عامود" الذي قصفته الطائرات الفرنسية فاحترق وسمي الحريقة، والشوارع الفرعية هي "أبو عبيدة بن الجراح" و"غسان، وعبد القادر الحسيني"، وتنتشر فيها محلات الأقمشة والألبسة المتنوعة، فيما يقع سوق "الدلالين" في شارع "أبو عبيدة بن الجراح"، حيث كانت تباع السجاجيد القديمة النفيسة بمزاد علني، والطريف بالأمر أن "الدلال" كان يدوس بقدميه على السجاجيد الملقاة على الأرض، ويطلب من المارة أن يفعلوا ما يفعل للتأكد من أصالتها ومتانتها».

وتابع: «يلي فتحات "الحريقة" سوق "المرستان" الذي كان يسمى قديماً سوق "السليمانية" نسبة إلى السلطان العثماني "سليمان"، والمرستان كلمة عامية محرفة عن كلمة "البيمارستان" النوري، الذي أسسه "نور الدين الشهيد"، وهو أول مستشفىً تأسس في "دمشق"، فسمي الحي بزقاق "المرستان"، وفي نهاية سوق الحميدية من الجهة اليمنى نجد سوق الحرير المختص ببيع الحرير و"المناشف" و"الشراشف" والقطع القماشية الجميلة، وفيه حمام تاريخي جميل اسمه "حمام القيشاني"، وفيه سوق "الجمرك" أيضاً، ويمتد سوق الحرير داخلاً إلى سوق "القلبقجية"، الذي كان يباع فيه بالسابق لباس "القلبق" وهو غطاء الرأس للجنود في العهد العثماني ومصنوع من فرو الماعز، ولونه أسود ثم نتقدم داخل سوق الحرير فنصل إلى سوق الخياطين فسوق مدحت باشا».

"سوق المسكية"

أما حول الأسواق الفرعية الممتدة على النسق اليساري لسوق الحميدية، فقال الباحث في التراث "بشار منافيخي" خلال مقابلة مع موقع "eDamascus": «في بداية سوق الحميدية من مدخله عند شارع النصر، نجد سوق العصرونية الذي يمتد من الجنوب إلى الشمال قبالة زقاق المرستان، وتعود تسميته إلى المدرسة العصرونية الواقعة في ذات السوق، كما سمي السوق سابقاً باسم زقاق البنك نسبة إلى البنك العثماني الذي يقع في هذا السوق، حيث شيد البنك في عهد السلطان "عبد الحميد الثاني"، وفي عام /1924/ تأسس بنك "سورية ولبنان الكبير" فاشترى البنك العثماني وبقي على حاله إلى عام /1932/، أما الطريف جداً في هذا السوق أن اللوازم والأدوات المنزلية واحتياجات المطبخ أصبحت تسمى "أدوات العصرونية"، وفي مطلع الثمانينيات أزيل النسق الغربي من هذا السوق بغية إظهار الجدار الشرقي لقلعة دمشق وبابها الرئيسي».

وأضاف:«أما سوق "البورص" فيقع إلى الغرب بين سوق "مردم بك" و"العصرونية" ويتوازى معه، وسمي بسوق "البورص" نسبة إلى البورصة وتجارة العملات والأسهم، عندما كانت متاجر الصرافه تشغله قبل إلغاء هذه المهنة، حيث تحول إلى سوق لبيع الملبوسات النسائية، ومواد التجميل، ومحال الخياطة وبيع الأجواخ، ليتحول حالياً إلى سوق لبيع ألعاب الأطفال والهدايا، و"الأراجيل".

الباحث في التاريخ والتراث "بشار منافيخي"

هناك أيضا يمتد سوق "نصري" من سوق الحميدية قبالة سوق "المرستان" باتجاه الشمال مسايراً جدار قلعة دمشق الشرقي، ويقع بينه وبين سوق العصرونية، وهو سوق معدني مسقوف، حيث تدل الدراسات التاريخية أن مالكه كان من "آل الطرابيشي"، ثم تحولت ملكيته إلى شخص من "آل نصري"، ويتميز هذا السوق بتنوع اختصاصات متاجره، فكانت تباع ملبوسات العرائس والخياطين ولوازم الحلاقة وألعاب الأطفال».

وأضاف:« يلي هذا "سوق نصري" سوق "مردم بك" ويمتد من الشمال إلى الجنوب، متعامداَ مع سوق العصرونية، ويسمى هذا السوق حالياً باسم سوق "الطحان"، وذلك لأن مالك السوق كان لـ "آل الطحان"، وتتنوع الاختصاصات في هذا السوق من الشرقيات والألبسة الرياضية وألعاب الأطفال، فيما يقع سوق الجرابات مقابل جادة "السليمانية" وسوق "شاكر غازي"، وهو سوق قصير جداً، وكان يعرف سابقاً بـ"الدفاقة"، إلا أن تخصصه بالجرابات أدى إلى إطلاق هذه التسمية عليه، أما اليوم فتشغله محال بيع الأحذية، ولا يوجد محال للجرابات».

وتابع: «سوق "باب بريد" يمتد بين النهاية الشرقية لسوق الحميدية قبالة سوق "الحرير"، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن هذا السوق كان موجوداً في العصر المملوكي دون تحديد للفترة التي بني فيها، حيث كان في العهدين المملوكي والعثماني سوقاً واسعاً إلا أن حجمه تقلص مع مرور الزمن، حيث تباع فيه الكتب والقرطاسية، لينتهي سوق الحميدية على ساحة وسوق "المسكية" الذي يعد سوقاً صغيراً يشغل مكاناً قرب أعمدة "جوبيتر" عند الطرف الشرقي لسوق الحميدية، وتباع فيه الكتب، وتشير الأبحاث التاريخية إلى أن تراجع بيع الكتب في هذا السوق، أدى إلى انتشار بائعي المسك فأطلقت تسمية "المسكية" عليه».