باتت ظاهرة الغش التجاري من الظواهر العالمية التي أرقت القائمين على اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية في آن واحد، فهي ظاهرة تتعدد في أشكالها لتشمل التقليد والتزوير والإعلانات التجارية المظللة والأسعار الوهمية، إلا أنها تلتقي في نفس الهدف وهو الربح السريع، و أسواقنا ليست بمعزل عن هذه الظاهرة التي تستهدف المستهلك في نهاية المطاف .

موقع" esyria " بتاريخ 18/11/ 2010 التقى عدد من الاقتصاديين للبحث في هذه الظاهرة ودور الجهات المعنية في الحد من تفشيها في اقتصادنا، يقول "عدنان دخاخني" رئيس جمعية حماية المستهلك: «ثمة جملة من القوانين التي تحمي المستهلك من الغش ولكن مهما كانت الجهات الرقابية كبيرة وفعالة يبقى الغشاش موجود في بلدنا، وللأسف في الآونة ألخيرة ازدادت هذه الظاهرة من قبل ضعاف النفوس الذين يزورون السلعة، لذلك نحن نثمن قرار وزارة الاقتصاد بإلزام المستورد بوضع اسم المستورد على السلعة وعنوانه وصفة السلعة ومواصفاتها وباللغة العربية وهذا قرار قد يؤثر تأثير كبير في الحد من وجود مثل هذا السلع المقلدة والمغشوشة».

للأسف المعلن يحفز المستهلك على الشراء من خلال الإعلان المكرر وهنا يجب أن يتناسب الإعلان مع جودة ومواصفات وصحة السلعة المعلن عنها، وعلى الجهات المعنية ألا تعلن عن أي سلعة استهلاكية سواءً أكانت مادية أو غذائية إلا بعد التأكد من صحة وسلامة السلعة، وهنا يتضح دور الجهات المعنية وعلى رأسها المؤسسة العربية للإعلان باعتبارها مسؤولة عن كل ما يعلن عن السلع

ويتابع "دخاخني" حديثه قائلاً: «دور الجمعية في الغش التجاري يتمثل بمراقبة السلع الموجودة في الأسواق من خلال أعضاء الجمعية المنتشرين في دمشق وريفها ممن يطلعون على السلع المعروضة وجودتها وما تحمله من مواصفات، فعندما ترد إلينا أي ملاحظة سواءً كانت للسلع المغشوشة أو المقلدة نقوم بمتابعتها بالتعاون مع الجهات المعنية حسب تبعية السلعة باعتبارها جهات تنفيذية، فنحن جهة إدعاء لمصلحة المستهلك لحمايته من الغش والتدليس في السلع المباعة».

أما فيما يتعلق بعملية الغش في الأسعار يقول مدير جمعية حماية المستهلك: «تأتينا شكاوي متنوعة المتعلق منها بأسعار المطاعم المرتفعة أي هي مخالفات سعرية غير منطقية لا تتناسب مع ما يقدم في المطعم، وتردنا شكاوى عن السلع اليومية كالخضار والفواكه، حيث يجد فيها تفاوت كبير بين مكان وآخر وأحياناً شكاوي عن الخدمات تتعلق بالمواصلات كسائق التاكسي، وشكاوي عن عدم قبول التاجر بطلب الزبون بإرجاع ما قد باعه إياه وهذا غير جائز إذا لم تتجاوز المدة 3 أيام ولم يلحق الضرر عن المنتج وبطاقة البيان عليها ولم تستخدم ،أحياناً يلجأ الغشاش إلى تخفيض من جودة السلعة بشكل كبير ويبيعها بسعر منخفض مستغلاً حاجة وفقر المستهلك».

الأستاذ "عدنان" أوضح بأن التدليس يكون أحياناً في موضوع الإعلان التجاري الذي لا يحمل الصفات الصحيحة للمنتج، مؤكداً ضرورة عدم الإعلان عن أي سلعة في وسائل الإعلام المحلية إلا بعد التدقيق بصحة وسلامة وجودة السلعة،وعن الإعلان التجاري المظلل يقول: «للأسف المعلن يحفز المستهلك على الشراء من خلال الإعلان المكرر وهنا يجب أن يتناسب الإعلان مع جودة ومواصفات وصحة السلعة المعلن عنها، وعلى الجهات المعنية ألا تعلن عن أي سلعة استهلاكية سواءً أكانت مادية أو غذائية إلا بعد التأكد من صحة وسلامة السلعة، وهنا يتضح دور الجهات المعنية وعلى رأسها المؤسسة العربية للإعلان باعتبارها مسؤولة عن كل ما يعلن عن السلع».

من جهته يقول "كمال العوض" معاون مدير التجارة الداخلية بدمشق: «ثمة ظاهرة عند بائعي الفروج تصب في بوتقة غش المستهلك هي نقعهم الفروج بالماء ليقوم بعملية الامتصاص لزيادة وزنه، كما يلجأ بعض بائعي الفروج خاصة في الليل بوضع مصابيح ملونة لتنعكس على الفروج مانحةً إياه لوناً زاهياً موحيةً بأنه طازج ، كل ذلك إلى جانب استعمل بائعي الشاورما مخلفات الفروج في صنع مادة الشاورما وعدم إتباعهم إجراءات النظافة تعتبر غش تجاري يعاقب عليه القانون».

"العوض" نوه إلى ابتكار الباعة طرق وأساليب لغش المستهلك كلجوء بعض بائعي البيض بدهن البيض للإيحاء بأنه بيض بلدي موهمين المواطن بأنه من مصدر المناطق التي تشتهر بإنتاج هذه المواد حتى أن البعض منهم يلبس ملابس أهل تلك المناطق وهذه ما يفعله بائعو العسل مثلاً الذين يغررون بالمستهلك بأنه عسل طبيعي وصافي مئة في المائة ولكن بعد التحليل يتبين بأنه مغشوش مصنع من القطر ومحرك بأوراق أو زهرة الكينا.

الغش التجاري كما هو معروف لا يقتصر على المواد الغذائية بل يتعداه إلى المواد غير الغذائية أيضاً هذا ما أوضحه معاون مدير التجارة الداخلية قائلاً: «يدخل ضمن نطاق الغش التجاري تقليد ماركات عالمية كالمنظفات والشامبو وأدوات التجميل حيث تفتح العبوات وتوضع بداخلها مواد رديئة وتباع في الأسواق على أساس أنها ماركات، حتى إن الغش يطال قطع تبديل السيارات والإيهام بأنها ذو منشأ ايطالي ليتبين فيما بعد بأنها منشأ بلد آخر أو مصنعة محلياً ،كذلك الأمر بالنسبة لزيوت المحركات حيث نقوم بسحب عينات منها ليتبين عدم مطابقتها للمواصفات».

بدوره يقول الباحث الاقتصادي د."نبيل مرزوق": «للأسف تبدو هذه الظاهرة في كثير من الدول النامية واسعة جداً رغم كل الأضرار المترتبة عليها، كإساءتها للمنتج الحقيقي محلي كان أو أجنبي من خلال استخدام آلية التزوير وآلية الغش أحياناً للحصول على منتجات مماثلة ولكنها غير خاضعة لمعايير وضوابط نظامية، والجانب الآخر هو الإساءة للمستهلك أي جعله يدفع ثمن إضافي أو عالي مقابل استخدام منتجات فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات وبالتالي إلحاق أضرار ليس فقط مادية بل وصحية أيضاً إذا كانت غذائية».

من جهته نفى "ماجد حليمة" مدير المؤسسة العربية للإعلان صحة عدم وجود دور للمؤسسة للحد من الإعلان التجاري المظلل قائلاً: «إن المؤسسة تعمل على حماية المستهلك من الإعلان المظلل من خلال الإجراءات التي تقوم بها بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لمراقبة المنتجات المعلن عنها بمختلف أنواعها وقد أكدنا على أن تكون الإعلانات مطابقة ومناسبة لما يعلن عنه من المنتجات، على سبيل المثال الأدوية لا يمكن أن يعلن عنها إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الصحة والمنتجات الغذائية بعد الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد ومديريات التموين وكذلك الخدمات كإعلانات الشقق السكنية يجب أن تحصل على موافقة وزارة الإسكان أو مديريات التعاون السكني إذا كان المشروع تعاوني سكني أو موافقة وزارة السياحة إذا كان المشروع سياحي سكني كالفنادق، هذه أمثلة وعلى هذا الأساس نحن ندقق ونتابع الإعلان».

وتابع "حليمة" حديثه قائلاً: «تعمل المؤسسة ضمن إطار التنسيق مع الجهات الأخرى كما أنها لا تمتلك مكاتب فنية مثلاً لتعرف فيما إذا كانت هذه الرخصة للبناء صحيحة أو غير صحيحة أو هذا الطعام المعلن عنه يحقق المواصفات المطلوبة أو هذا الدواء مسموح تداوله بين الناس أولا،فثمة جهات مختصة تقول للمؤسسة أنه لا مانع لدينا من الإعلان عن هذا المنتج وعليه نحن نعلن وأي مخافة تتخذ الإجراءات من قبلنا والجهات الأخرى ،فنحن نخاطب الجهات المختلفة كالصحة والاقتصاد والإسكان والمحافظات وحماية المستهلك وحماية الملكية هذا التعاون خلق نوع من المصداقية في الإعلان السوري وإذا كان ثمة بعض الإشكالات سيتم تدقيقها ومعالجتها واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالف».