الصحة الإلكترونية أحد مفرزات التقنيات الحديثة، وأحد تطبيقات شبكة الإنترنت المهمة في مجال الصحة العامة بكل تخصصاتها، وقد غدت اليوم حقيقة واقعة طبقت حتى الآن في عدد من الدول الأوروبية، ونركز في مادتنا هذه على بعض أساليب تطبيقها، وطرائق تناولها، وتحويلها إلى ثقافة مجتمعية ترفد القرار الحكومي باعتماد تطبيقها الذي ابتدأ تجريبياً في ثلاثة مستشفيات هي: مشفى الحفة ومشفى المجتهد ومشفى درعا الوطني.

eSyria التقى على هامش ورشة العمل التي أقيمت في مكتبة الأسد الوطنية يومي الأربعاء والخميس 26-27/5/2010 تحت عنوان "الصحة الإلكترونية" عدداً من المشاركين والحضور لإبداء الرأي والخلوص إلى بعض النتائج التي تهم القارئ والباحث على حدٍ سواء، وكان أوّلها مع المهندس "فادي محي الدين" الذي طرح نظام عمل قد يكون مناسباً لتطبيقه عندنا في سورية، ركز على أهمية أتمتة "نظام معلومات المشفى"، في تنسيق وتسهيل عملية الرعاية الصحية التي يتلقاها المريض في المشفى، وهي عبارة عن ربط الأقسام المختلفة للمشفى بعضها مع بعض، بهدف تقديم الخدمات الطبية بشكل أسرع وأفضل للمريض، كما يساعد هذا النظام على أرشفة المعلومات الطبية للمريض خلال إقامته في المشفى وقراءة الإضبارة الطبية والتاريخ الطبي للمريض.

يجب أن يكون النظام المستخدم في أتمتة معلومات الطبية في المشافي واحداً، حتى تتوحد المصطلحات المستخدمة وحتى نسهل عملية إنشاء نظام وطني موحد «esystem

وتابع السيد "محي الدين": «يجب التركيز على سهولة ووضوح وإتاحة البرامج والأجهزة اللازمة لعملية أتمتة المعلومات الطبية في المشفى، لما لذلك من أثر على تخفيف مقاومة العاملين في هذه المشافي للثقافة الجديدة- ثقافة أتمتة نظام المعلومات الطبية.

المهندس وائل عبيد

ويجب أن يطبق "نظام أتمتة معلومات المشفى "HMIS" بشكل تدريجي على أقسام المشفى، وتحتاج هذه العملية إلى وقت ليس بقصير قد يصل إلى سنتين من الزمن فقط لإدخال النظام والبدء بالعمل به بشكل تجريبي في المشفى، ويجب أن أوضح ان عمليات الممانعة- أو المقاومة- لإدخال نظام أتمتة المعلومات الطبية تأتي في الغالب من قبل الجهات التي لها مصالح في بقاء نظم الإدارية الصحية التقليدية في أماكن الهدر في المشفى».

وأوضح السيد "فادي" ضرورة توظيف التقنين في المشافي لمتابعة وصيانة الأجهزة الالكترونية المستخدمة في نظام إدارة المعلومات الطبية، وأضاف بقوله: «يجب أن يكون النظام المستخدم في أتمتة معلومات الطبية في المشافي واحداً، حتى تتوحد المصطلحات المستخدمة وحتى نسهل عملية إنشاء نظام وطني موحد «esystem» يستخدم نفس النظام في المؤسسات الصحية وبنفس المصطلحات الطبية ورموز الدلالية في إدخال واستخدام التقنيات المطلوبة».

الدكتورة ريم الأخرس

المهندس "وائل عبيد" مدير تقانة المعلومات في وزارة الاتصالات والتقانة، تحدث عن "التوقيع الالكتروني" وضرورة اعتماده في موضوع "الصحة الالكترونية"، وأشار إلى «التطور الذي شهده هذا التوقيع– في إشارة إلى التوقيع الرقمي الذي يعتمد حالياً- والذي يضمن أمرين أساسيين أولهما سلامة هذا التوقيع من التزوير والثاني سلامة البيانات التي وقعت عن طريق التوقيع الالكتروني، والقانون /4/ من عام /2009/ الخاص بالتوقيع الالكتروني اعطى هذا التوقيع نفس القوة والصلاحية التي يتمتع بها التوقيع الورقي».

كما أوضح المهندس "عبيد" آليات المتبعة في التوقيع الالكتروني وكيفية التحقق والحفاظ على سرية هذا التوقيع، وختم الجلسة المخصصة له بالحديث عن أمن المعلومات ومتعلقاتها بموضوع الصحة الالكترونية، وحق المريض في الحفاظ على سرية البيانات الصحية الخاصة به.

المهندسة فدوى مراد

وتناول موضوع إدارة التغيير والطرائق التي يجب اتّباعها فقال: «عندما نتحدث عن تغيير من تعامل ورقي إلى تعامل إلكتروني فهذا يتطلب تغييراً جذرياً تقريباً، وأنت بحاجة لإقناع الموظفين الذين يتعاملون مع الوراق أن يتعاملوا بطريقة إلكترونية، ثانياً بالنسبة للمتلقي المواطن أن تمنحه الثقة بهذه الأنظمة الإلكترونية وأن بياناته محفوظة ومحمية ومتاحة له دائماً، ومن ثم علينا أن نعلمه كيفية الحصول على بياناته، إذاً موضوع نشر الثقافة يجب أن يكون مواكباً وموازياً تماماً لعملية الأتمتة فلا يمكن أن نسير بموضوع صحة إلكترونية دون أن نسير بإدارة التغيير، وأهم ما فيها هو عملية نشر الثقافة الإلكترونية وكيفية استخدام التقانة سواء بالنسبة للعاملين في القطاع الصحي أو للمواطنين المستفيدين من الخدمات الصحية».

المهندسة "فدوى مراد" مديرة الدراسات والمشاريع في وزارة الاتصالات، تحدثت عن مكونات "نظام المعلومات الصحي"، والتي تتألف من «مدخلات هي "الموارد- المعلومات"، وعملية المعالجة لهذه المدخلات تتناول المؤشرات "صحية أو بيئية.." التي ينتجها هذا النظام، وآلية وطرق لمعالجة المعلومات والمصادر، وأخيراً فإن "نظام المعلومات الصحي" له مخرجات تتمثل في "منتج المعرفي- معلومات صحية" وإتاحة هذه المنتجات أو المعلومات للاستخدام من قبل المؤسسات الصحية المختلفة».

وأشارت "مراد" إلى أن وزارة الاتصالات تعمل على توفير البيئة الملائمة لعمل "نظام المعلومات الصحي"، وتحدثت عن معايير التخاطب البيني في الحكومة الالكترونية السورية «SyGIF»، وأهداف «SyGIF» المتمثلة في الاستفادة من المعلومات والخدمات الصحية في المؤسسات والجهات المختلفة.

الدكتورة "ريم الأخرس" مديرة مركز الدراسات الاستراتيجية الصحية "CSHS" التابع لوزارة الصحة السورية، والمسؤولة عن تنسيق الورشة أجابت عن أسئلة eSyria حول دور الوزارة وخطوات البداية: «حتى الآن لا يعرف أحد كيفية تطبيق هذا الموضوع، ونحن نأخذ من هذه الورشة اقتراحات من خلال العروض التي اخترنا طرحها من مختلف الجهات المشاركة، وحالياً نتوجه للعمل مع شركة علم الدين من خلال العرض الذي قدموه وطبقوه في بعض المشافي اللبنانية، وهم سيقدمون الآن لنا الآلية المقترحة للبدء ونحن سننظر فيها».

الدكتور "غسان شحرور" رئيس "الرابطة السورية للمعلومات الطبية" في "نقابة أطباء سورية" تحدث خلال اللقاء عن أهمية الصحة الالكترونية في مجالات عدة وأشار إلى استخداماتها في المجالات التعليمية والبحث العلمي، بقوله: «تبرز أهمية الصحة الالكترونية في مسائل أخرى، مثل مسألة ارتفاع معدلات الأعمار وتبعات هذا الارتفاع على الخدمات الصحية والطبية المقدمة من قبل المؤسسات الصحية، ومن الأهمية بمكان إضافة مناهج تقنية وتطبيقية متخصصة بالصحة الإلكترونية إلى الجامعات والمعاهد والمدارس الصحية، تتطور بتطور حالة التطبيق تباعاً، ما يستدعي مراجعة دورية لكل ما طبق في المرحلة السابقة ومطابقته مع ما خطط له في المراحل المقبلة».

والتقينا الدكتور "حسن عيسى" مدير الصحة في محافظة "القنيطرة" تحدث عن أهمية الثقافة المجتمعية في مجال التقانة والتقانة الصحية فقال: «مجتمعنا عموماً والمجتمع الصحي خصوصاً بحاجة لتبديل ثقافته وتبديل مفهوم هذه الثقافة بأسلوب العمل، وهناك دول عديدة سبقتنا في هذا المجال وعلينا المتابعة بشكل مواكب للتطورات الحاصلة عالمياً، وهذه الندوة التي امتدت على يومين كانت مهمة للبدء بنشر الثقافة في الصحة الإلكترونية، عندنا في القنيطرة خطة عمل بدأنا بها منذ سنوات وهي أتمتة القطاع الصحي بالكامل والتشبيك بين كل مفاصله، وسنربطها عندما ننتهي بالوزارة وهو مشروع رائد، والحقيقة، الصحة الإلكترونية كثقافة اجتماعية يجب التركيز عليها حيث سيختلف أسلوب التعامل، وعندما يرى المواطن أن المشروع يقدم له تسهيلات عدة سيسعى لفهمه ومواكبته، والأهم برأيي أن ننشر هذه الثقافة بين الموظفين ونقدم لهم الحوافز ليعملوا بجد وتعاون تامّين ويبدلوا سلوكهم وتعاملهم».

الدكتور علي كنعان مدير مشفى "ممدوح أباظة" في "القنيطرة" تحدث عن أهمية الصحة الإلكترونية كثقافة اجتماعية قائلاً: «نظام الصحة الإلكتروني أصبح الآن منتشراً في كل أنحاء العالم، ومثلما لاحظنا في هذا المؤتمر أن هذا النظام هو تسهيل لعمل المشافي والأطباء والمرضى، وحتى مستقبلاً يمكن أن يشكل مردوداً اقتصادياً مهماً كما تبيّن من تجارب التطبيق في دول أوروبية كثيرة، وأهم ما في الأمر بوجهة نظري تسهيل الأمور على المرضى، فإذا انتقل المريض من مشفى إلى آخر يمكن للطبيب المعالج منذ دخوله الإسعاف أن يأخذ صحيفته "تاريخه المرضي" وكل ما تلقاه من علاج، وهذا يسهل على الطبيب عمله ويقدم الخدمة للمريض بشكل أفضل، من الناحية المادية سيكون هناك وفر على المريض وعلى باقي الأجهزة العاملة في المجال الصحي، من حيث ضبط الأمور وتخفيف تبعاتها وعواقبها، وفي المجال المعنوي هناك التخفيف على المريض وخاصة إذا كانت حالته لا تسمح بنقله إلى مكان آخر لتلقي العلاج».

الدكتور "ياسر العمور" رئيس مشفى الهلال الوطني بدرعا تحدث حول تحول المجتمع إلى ثقافة الصحة الإلكترونية: «هناك بعض المعوقات لمثل هذا المشروع أعرفها من خلال ممارستي لمهمتي ومتابعتي لبرنامج الأتمتة الموجود في المشفى الوطني حالياً، ولكن المشروع سيكون رائداً إن شاء الله بالمتابعة الحثيثة وتشغيل هذا البرنامج من قبل الإدارة بالدرجة الأولى، بعض المشاكل التي نعاني منها هي تدريب الكوادر العاملة في هذا المشفى على المشروع، فهناك من يندفع ويتابع ويحب أن يطور نفسه من خلال إعطاء هذه المعلومة بشكل صحيح على جهاز الكمبيوتر، بينما هناك العديد ممن يرفضون هذه الفكرة ويعتبرونها تأخيراً لعملهم، فمثلاً الممرض يقول أنا أتابع المرضى وأعطي الحقن وأتابع صوره الشعاعية وتحاليله المخبرية ووو، وفوق هذا سأتحمل عبء هذا البرنامج وإدخال البيانات والمتابعات للمريض على الكمبيوتر؟

ولهذا أرى أنه من الصحيح تغيير البيئة الكاملة في هذا المشفى، فهناك دورات تدريبية ودورات توعوية ودورات أتمتة نقوم بها بالتعاون مع مديرية الصحة ومع محافظة درعا من أجل إفساح المجال أمام الكوادر الطبية والعاملين لفهم هذا البرنامج وأهمية أن نتقنه ونعمل عليه وبه، ومن خلال تجربتنا نحن أحياناً نكرم الكوادر الطبية والعاملين الممتازين في عملهم، ليشكل هذا التكريم تحفيزاً للجميع للعمل بإخلاص وتفانٍ، والملاحظ أن الحوافز المعنوية هي الأهم ويبقى للحافز المادي أهميته أيضاً، ويمكن أن يتم تقديم هذه الحوافز للعاملين في مجال الصحة الإلكترونية ومن الممكن أن تؤدي نتائج أفضل، وموضوع الصحة الإلكترونية موضوع خاص بالمشافي والمعني الأول هو وزارة الصحة، وهذه التجربة بدأت في ثلاثة مشاف هي: مشفى الحفة ومشفى المجتهد ومشفى درعا الوطني، حالياً المشافي الثلاثة في طور إنهاء استكمال هذا المشروع ووضعه في الخدمة، والمفروض بعد أن نرى نتائج هذه الشبكات التي وضعت في المشافي يمكن التوسع، وإن كان هناك نقاط ضعف فيمكن تلافيها».