أنشئت "المدرسة الشاذبكلية" مع مسجدها من قبل الأمير "سيف الدين شاذي بك الدوادار" في شهر رجب عام 857 للهجرة الموافق 1453 للميلاد تحت مسمى مدرسة "شاذي بك" بالقنوات.

مدونة وطن eSyria التقت الباحث الأستاذ "عماد أرمشي" بتاريخ 1/3/2013 فتحدث عنها بالقول: «تقع "المدرسة الشاذبكلية" في حي القنوات قرب الطرف الشرقي لشارع فخري البارودي الحالي الموازي لشارع النصر في دمشق. و"الدوادار" هي كناية عن حامل دواة السلطان أو نائب السلطان بالسلطنة المملوكية، ويتولى نقل الرسائل والبريد والأوامر السلطانية للعامة.

هو مسجد حسن له جبهة حجرية متقنة عالية فيها الباب المقرنص، والى جانبه سقاية. نقش فوق الباب لوحة حجرية ضمن الجدار الأبلقي نصها يقول: "أنشأ هذه المدرسة المباركة المقر العالي المولوي السندي المالكي المخدومي السيفي شاذي بك أمير دوادار السيفي جلبان كافل المملكة الشامية عز نصره، وذلك في رجب شهور سنة 857 وصلى الله على سيدنا محمد وآله"

جدد بناء المدرسة في عهد السلطان العثماني "محمود الثاني" عام 1232 للهجرة الموافق 1816 للميلاد أيام ولاية الوالي علي باشا، أشرف على هذا التجديد "أحمد الموره لي"، وقد دون ذلك على شباك قاعتها شعراً، كما جرت عادة أهل تلك الفترة.

الواجهة الجنوبية - بعدسة أ. عماد أرمشي

كما جرى تجديد البناء مرة أخرى عام 1407 للهجرة الموافق 1986م، فأزيل ما حولها من أبنية عشوائية، وأعيد افتتاح "مسجد الشاذبكلية" في بدايات القرن الحادي والعشرين، حسب اللوحة الرخامية المثبتة على جدار المدرسة».

وأضاف: «وقد ورد ذكرها تحت اسم: "مدرسة المولوي الشادقلية" صفحة ـ 131ـ في كتاب البعثة الألمانية- العثمانية التي قامت بإجراء مسح ميداني شامل للأبنية الأثرية والإسلامية بدمشق وهو كتاب "الآثار الإسلامية في مدينه دمشق" تأليف "كارل واتسينجر"، كما ورد: "بناها "شادق باي" في شهر رجب من سنة 857 هجرية / صيف 1453 ميلادية، وهي تتألف من واجهة من الحجارة المشغولة، ويتوج الواجهة شريط من المقرنصات "صفوف من أشكال الأوراق المجوفة" ينعطف إلى الأعلى، ويسير حول البوابة المجوفة، يعلو البوابة نفسها مئذنة صغيرة حديثة، وتنحرف الواجهة مع انحراف زاوية الشارع وتفقد بالتالي تناظرها، ليبقى الجانب الأيمن أصم، أما الجانب الأيسر فيزخر بثلاثة محاريب تزيينية تخترقها النوافذ، وقد أضيفت قبة صغيرة في القسم الشرقي من البناء"».

خريطة لموقع المدرسة

ثم ختم حديثه بالقول: «تعد المدرسة من أجمل مدارس العهد المملوكي المتأخر في الشام، وفيها من الأصالة في التصميم والفن والزخرفة ما يجعلها نموذجاً لفنون ذاك العصر في العمارة والزخرفة التي جعلتها في غاية الحسن.

ويعد تصميم مخطط المدرسة مبتكراً بالإضافة الى الجمال والإتقان في البناء وخاصة في بناء المقرنصات وحجارة الواجهات والأشرطة الكتابية والحليات المعمارية والعناصر الزخرفية التي استخدمت في كسوة الجدران.

من الداخل

تتميز واجهة بناء المدرسة الشرقي بقوس ثلاثي الحنيات، البوابة معقودة بالمقرنصات الغنية بالدلايات، تعلوها طاسة ملساء زخرفية، وتحت المقرنصات اللوح الحجري المؤرخ للمدرسة، وفي الواجهة نفسها ثلاث حشوات مستديرة مدككة التركيب تحتها شريط يمتد عبر الواجهة الجنوبية، وفي كل بوابة لوح حجري منقوش بالكتابات المؤرخة لبناء المدرسة، وفي الأسفل يوجد مدماك أبلقي جميل من الحجارة السوداء يرتكز إلى ساكف الباب، وعلى طرفي البوابة حشوتان شمسيتان مستديرتان، اليسرى منهما مشتركة بين البوابة الرئيسية والبوابة الثانية الأقصر طولاً في جنوب بناء المدرسة».

مؤرخ الشام "عبد العزيز العظمة" ذكر في كتابه "مرآة الشام وتاريخ دمشق" في سياق حديثه عن القاعات السبع في دمشق على أن "قاعة مسجد الشاذبكلية" وليس "قاعة المدرسة الشاذبكلية" بقوله: شيد في الشام سبعة مساجد على طراز القاعات، لها برك وأحواض وجلسة ونفقة».

وأكد الدكتور "أسعد طلس" عند إحصائه لمساجد دمشق ضمن تحقيقه لكتاب "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" ليوسف بن عبد الهادي فقال: هو مسجد الشاذبكلية وليس المدرسة الشاذبكلية، وقد صنفها في أرشيف تسلسل المساجد تحت رقم ـ 159-.

وقال: «هو مسجد حسن له جبهة حجرية متقنة عالية فيها الباب المقرنص، والى جانبه سقاية. نقش فوق الباب لوحة حجرية ضمن الجدار الأبلقي نصها يقول: "أنشأ هذه المدرسة المباركة المقر العالي المولوي السندي المالكي المخدومي السيفي شاذي بك أمير دوادار السيفي جلبان كافل المملكة الشامية عز نصره، وذلك في رجب شهور سنة 857 وصلى الله على سيدنا محمد وآله"».

ويتابع "طلس" حديثه فيقول: «جدد هذا المسجد في العصر العثماني، ولم يبق من آثار البناء المملوكي إلا الإيوان والبركة. يدخل من الباب إلى قاعة كبيرة فيها بركة مربعة، وفي الغرب غرفة واسعة فيها ثلاثة أضرحة مجهول أصحابها، ولها شباكان وبابان إلى القاعة، وقد كتب على الشباك الشمالي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، وعلى الشباك الجنوبي أبيات شعر، وفي الشمال والجنوب إيوانان عظيمان، فالشمالي له سقف خشبي بديع على النمط العثماني، وحائط هذا الإيوان من الحجر الجميل، والجنوبي فيه المحراب والمنبر القديمان، والى جانبي المحراب والمنبر شباكان، وبجانب المسجد بناء كان من توابعه، ويتجلى ذلك من طراز عمارته، هذا ما ذكره طلس سنة 1942».

يذكر أن مؤسس المدرسة "شاذي بيك" توفي ودفن في مدرسته في تربة أعدها لنفسه، وكان قد دفن فيها قبله "جلبان المؤيدي" نائب دمشق، ليدفن فيها فيما بعد "ابن شاذي" فيصبح فيها ثلاثة قبور.