"لنغسل التعب عن بردى"، عنوان الحملة التي أطلقها فريق "الرواد" "للمشي والرحالة" بحفل فني في المتحف الوطني بدمشق، هذه الحفلة التي حضرها عشاق الياسمين الدمشقي و"بردى"، حيث تناغم الجميع مع صوت الفنانة السورية الشابة "شمس إسماعيل" وهي تغني لـ"بردى" النهر الأب والابن، "بردى" الذي حلمنا به كثيراً وسمعنا عنه من الآباء والأجداد طويلاً.

موقع " eSyria " بتاريخ 15/10/2009 حضر إطلاق حملة تنظيف نهر "بردى" في المتحف الوطني وسط جمهور يعشق دمشق ونهرها، هناك وخلال جولتنا التقينا بالأستاذ "وهيب السعيد" رئيس فريق "الرواد" "للمشي والرحالة" الذي حدثنا عن أهمية هذه الفعالية والحملة التي يقومون بها قائلاً: «إن جمال "بردى" دعانا أن نشد الهمم كي نحميه ونحافظ عليه إرثاً وميراثاً، ونحفز الأيادي كي تزيل تعبه لنعود ونغسل أيدينا فيه من جديد، إن ما نراه اليوم في "بردى" انعكاس صورة إهمالنا لأنفسنا ومصادر حياتنا، وهو ترجمة حقيقة لواقع مليء بالتشاؤم لن يجلب إلا مستقبلاً أكثر تشاؤماُ، ورؤيتنا لتنظيف نهر "بردى" تنبع أساساً من جانبين، الأول لأهمية هذا الشريان على الواقع الجغرافي والتاريخي والسياحي والجمالي للمدينة، والثاني لاقتناعنا الكامل بدور كل منا ومسؤوليته في العمل على حماية مرفقاتنا الحيوية وبيئتنا الجميلة وطبيعتنا الغناء من الضياع».

هدف الحملة هو جعل يوم السادس عشر من تشرين الأول يوماً احتفالياً يخص نهر "بردى"، على أمل أن يصبح تقليداً سنوياً وعيداً نحتفل به كل عام، وأرجو أن نكون قد وفقنا بإطلاق هذه الحملة لجعل يوم غد يوماً "بردياً" بكل ما في الكلمة من معنى

وسط هتاف الجمهور ومع قيام الممثل السوري "عبد الرحمن أبو القاسم" بإلقاء كلمة عن "بردى" الشيخ الكبير الهرم الذي سيستعيد شبابه يوماً يتابع الأستاذ "وهيب": «الرؤية الحقيقية لهذه المهمة أساسها لفت نظر المجتمع كاملاً –مواطنين عاديين ومسؤولين- إلى أهمية النهر والدور الذي يلعبه في جعل "دمشق" مدينة ذات تنوع لا مثيل له على كافة الأصعدة، منها البيئي من خلال استغلاله في التشجير والزراعة، ومنها السياحي من خلال ما يؤمنه من فرصة اقتصادية لجلب السياحة وتنشيطها، ومنها المائي من خلال الوارد المائي الذي يمكن استغلاله في مياه الشرب، وأهمها الجمالي ليعيد إلى "دمشق" رونقها وتميزها».

أبو القاسم

في حين كان "أبو القاسم" الفنان السوري يروي للجمهور قصته مع "بردى" وعشقه الكبير لهذا النهر الجميل أنهى الأستاذ "وهيب السعيد" رئيس فريق "الرواد" "للمشي والرحالة" حديثه معنا بقوله: «هدف الحملة هو جعل يوم السادس عشر من تشرين الأول يوماً احتفالياً يخص نهر "بردى"، على أمل أن يصبح تقليداً سنوياً وعيداً نحتفل به كل عام، وأرجو أن نكون قد وفقنا بإطلاق هذه الحملة لجعل يوم غد يوماً "بردياً" بكل ما في الكلمة من معنى».

طلاب كليات عديدة ودكاترة وأساتذة عديدون جاؤوا ليحضروا حفل إطلاق حملة غسل "بردى"، هذا النهر الذي تغنى به الكثيرون من الفنانين والشعراء السوريين والعرب، حيث إن إعادة تأهيله وتنظيفه هي خطوة في غاية الأهمية وعلى كل الدمشقيين النظر إلى هذه الخطوة بكل مسؤولية.

من الحضور

أما السيد "نبيه عريج" عضو إداري في فريق "الرواد" "للمشي والرحالة" فتحدث وهو يعبر لنا عن سعادته بالحضور الذي أتى ليرد ديناً طويلاً لنهر "بردى" بقوله: «إن هذا اليوم هو لانطلاق الحملة لكنها ستستمر بجهود الغيورين كل يوم، ومن أجل الاحتفال ببردى بما يليق به، فإن حملة "غسل التعب عن بردى" ستبدأ من هذا اليوم الخميس الخامس عشر من تشرين الأول بحفلة موسيقية في المتحف الوطني الذي يطل على "بردى" ويشرب من مياهه، حيث أحيا الحفل مجموعة من الفنانين المحبين لهذا النهر وهذه المدينة وجلهم أعضاء في فريق "الرواد للمشي والرحالة"، وهذا ما يعكس التزام هذا الفريق بدوره البيئي والاجتماعي».

يتابع "عريج": «الخطوة الثانية فستكون يوم الجمعة غداً، وذلك بالتجمع في قلعة "دمشق" الساعة التاسعة صباحاً، والانطلاق إلى مجرى النهر وتنظيفه بالتعاون مع البلديات والمتطوعين من أبناء "دمشق"، وتترافق هذه الحملة نشاطات موسيقية وفنية، وتجمعات رسامين، ونشاطات للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى نشاط من قبل طلاب العمارة لدراسة إنشاء هندسي يليق بالنهر ويؤدي إلى تجميله».

رواد بردى

عودك رنان رنة عودك إلي" الكلمات الفيروزية التي غنتها "شمس" قبل لقائنها بها خلف الكواليس حيث أجرينا لقاء سريع مع الفنانة التي زينت الحفلة بحضورها حسب تعبير بعض الحضور وعن مشاركتها في الحملة قالت: «فكرة غنائي في إطلاق حملة "غسل التعب عن بردى" كانت خطوة كبيرة، أقدمت عليها لما لبردى من أهمية كبيرة في حياتنا دمشقيين وسوريين بكل أطيافهم، الحضور كان رائعاً وهذا هو أكبر دليل على اهتمام الشباب بنهر "بردى" وخاصة أن بداية الحملة كانت موفقة من المتحف الوطني».

«في دمشق تختبئ الأسرار وتحتفل النسائم بالعطر الفواح، وبين جنباتها اعتاد الياسمين أن يرفع صلواته حمداً لله، في دمشق يرسي "قاسيون" بظله حارساً أو عاشقاً..يحضنها ويلفها ويرسم على جبينها قبلة الصباح، وفي "دمشق" تكتب الغوطة تاريخاً مفعماً بحكايا الحب تارة وحكايا الموت تارة أخرى، وبين أشجارها العتيقة همسات عن العشاق الذين تحولوا إلى ثوار، وأجمل أسرار "دمشق" هو ذاك الذي تخبئه في طيات قلبها ليسقي عروقها... إنه "بردى"»، هذه كلمات فريق "الرواد" التي أعلنوا بها بداية حملتهم في بيانهم الصحفي، قرأها الحضور بشغف ومن بينهم طالبة الهندسة المعمارية "جنان المفلح" التي قالت: «إطلاق هذه الحملة لها أهمية كبيرة، فغسل التعب عن "بردى" هو غسل التعب عن أنفسنا وثيابنا وقلوبنا، فلـ"بردى" دين كبير في أعناقنا واليوم نحن نسترد له بعضاً من هذا الدين الذي سيأتي يوماً ونزينه برقرقته الخلابة، سنبدأ حملتنا غداً ننظف ونرسم ونخطط لنزين ونرتقي ببردى إلى نهر عرفناه سابقاَ بعظمته وكبريائه».

الحملة لا تنتهي بنهاية اليوم حسب قول فريق "الرواد"، بل نطالب الجميع بتحمل المسؤولية في استمرارها –كل حسب قدرته ومكانه- عبر صياغة القوانين اللازمة لحماية النهر من الاعتداءات والنفايات، من حيث تسويره وتشجيره، وهذا يتطلب جهود البلديات والوزارات المعنية مثل الزراعة والري والسياحة، وكل شريف يريد للحملة أن تنجح ويريد لنهر "بردى" أن يعود إلى شبابه ولمدينة دمشق أن تعود لحبيبها القديم.