"الدامسكو" و"البروكار" اسمان يلمعان ويجعلان أي شخص في العالم يفكر بـ"دمشق"، وكلاهما عتيقا المزاج فلا يمكن نسجهما إلا على النول الخشبي القديم، قصة الشام مع النول أقدم من أن يتم تأريخها في زمن محدد، وجمال ما ينتجه حرفيو الشام على أنوالهم شهد له العالم كله.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 تشرين الثاني 2014، الحرفي "إبراهيم الأيوبي" الذي يعمل على النول في "التكية السليمانية"، فقال: «النول اليدوي حرفة ألهم السوريون العالم من خلالها تقنيات النسيج، تميزت "دمشق" بحياكة النسيج منذ ما يزيد على خمسة قرون، والحائك على النول التقليدي يجد كل شيء معد مسبقاً وما عليه إلا أن ينزل إلى الجورة التي وراء النول ويشرع بالدوس على دوّاسات النول ويقذف بالمكوّك يمنة ويسرة ليباشر عملية الحياكة، تلك الخيوط الحريرية أو القطنية لحمة في الطوّل وسدى في العرض ليصنع نسيجاً».

قديماً كان الحرفي السوري يعمل على النول حتى اشتهرت منطقة "القيمرية" بكثرة الأنوال في بيوتها، وبمنطقة "ركن الدين" التي تميزت إحدى حاراتها باسم "النوالة"، ورغم الإمكانيات القليلة والأدوات اليدوية البسيطة التي يستخدمها حرفيوها إلا أنهم يرسمون بخفة حركاتهم، ودقة صنيعهم "الدهشة" على وجوه من يشاهد المنتجات

ويتابع: «قديماً كان الحرفي السوري يعمل على النول حتى اشتهرت منطقة "القيمرية" بكثرة الأنوال في بيوتها، وبمنطقة "ركن الدين" التي تميزت إحدى حاراتها باسم "النوالة"، ورغم الإمكانيات القليلة والأدوات اليدوية البسيطة التي يستخدمها حرفيوها إلا أنهم يرسمون بخفة حركاتهم، ودقة صنيعهم "الدهشة" على وجوه من يشاهد المنتجات».

ويتابع "الأيوبي" بالقول: «تعد "سورية" من أشهر دول المنطقة والعالم في صناعة النسيج اليدوي، التي تصنع على الأنوال اليدوية، وتحولت هذه الأخيرة إلى تراث نسيجي يدوي فريد، وقد تميز النول الدمشقي ببصمة فنية خاصة أعطته هويته الشخصية، وعليه فإن حرفة النسج على النول حرفة يدوية بحتة، حيث إن أداة النول الخشبية التي تغزل نسيجها الطبيعي بواسطة أيدي حرفييها يحتاج العمل عليها إلى صبر طويل وطاقة كبيرة، فالمتر المربع الواحد من البساط الملون يحتاج إلى يوم عمل كامل على الأقل، وقد يصل إلى أسبوع من العمل، بحسب شكل النقش والزخرفة، وبحسب نوع الخيوط التي يتم تطعيم المنتج بها».

وأشارت "جاكلين كليكوف" المشرفة على "السورية للحرف" التابع للأمانة السورية للتنمية في "التكية السليمانية"، بالقول: «يعد ابتكار النول نقطة التحول في لباس الإنسان الأول من الجلود إلى لباس الأنسجة، ولم تُحدد المعطيات التاريخية والأثرية زمان ومكان ظهور أول نول نسيج بدقة، إلا أن أول نول يدوي عُثر على أدلة عنه عُرف في مدينة "دمشق"، حيث تُشير الكتابات الآثارية القديمة إلى أن الحرفيين السوريين هم سادة صناعة النسيج منذ 4000 سنة ق.م، أما في مملكتي ماري وإيبلا فقد اشتُهرت صناعة النسيج من الكتان والصوف، كما اشتهر كنعانيو الساحل السوري أو من يسمون الفينيقيين بابتكارهم للأنسجة الملونة بالأحمر الأرجواني في الألف الأول قبل الميلاد، وفيما بعد حافظ الحرفيون في "سورية" على شهرتهم في صناعة المنسوجات المتنوعة في عهد الرومان وفي العصر الإسلامي حيث طوروها عبر العديد من التصاميم».

إن تطور النسيج ارتبط باختلاف المادة الخام للخيوط، وطريقة تقاطعها مع بعضها بعضاً وزخرفتها، تقول "كليكوف": «استُخدم في النول اليدوي بدايةً ألياف صلبة كالقنب والكتان والليف ولحاء أشجار التوت والأرز، ثم ظهرت فيما بعد مواد أكثر ليونة كالصوف والحرير والقطن، لتعطي منتجات أكثر رقة ونعومة، وقد كان إحساس الإنسان بالجمال دافعاً ليحقق ابتكارات رائعة في مجال تنسيق الألوان والنقوش من خلال عمليتي الصباغة والزخرفة، التي بدأت برسم الزخارف على النسيج يدوياً، لتتطور نحو طباعتها بالأختام، ولتتحول بعد ذلك إلى خيوط مُحاكة من أصل النسيج».

"محمد فياض" الباحث في الحرف التقليدية السورية قال: «من المعروف أن مدينة "دمشق" ونظراً لعراقتها تشتهر بكثرة المبدعين من الصناع والمهرة الذين يبرعون في الصناعات اليدوية المختلفة، وتعد صناعة الغزل والنسيج في "سورية" من المهن العريقة، فقد احتلت "سورية" مركزاً مرموقاً في هذه المهنة في الأسواق العالمية، حيث عُرف من أسماء المنسوجات السورية ما يزيد على 100 نوع، ومن أشهرها "الدامسكو"، "الديباج"، "البروكار"، "الأغباني"، "الألاجا"، وقد أصبحت هذه الحرفة جزءاً مهماً من التراث المادي السوري».

من منتجات النول