ثبت مؤخراً أن غابات "سورية" مازالت تحتضن أعداداً من الدب البني السوري، الذي طالما شاع الخبر أنه انقرض في بلده الأم "سورية"، في حين يتهدده الانقراض في بلدان الجوار حيث يوجد حوالي /150/ دباً تتوزع في "تركيا" و"اليونان" و"إيران" و"العراق".

موقع eSyria جال عدداً من قرى وغابات الساحل السوري باحثاً عن ذكر أو أثر للـ"دب السوري"، والتقى بتاريخ "20/1/2011" الشيخ "علي عباس" من منطقة "القدموس" والذي تحدث بالقول: «كان "الدب السوري" يسكن المناطق الجبلية ذات الأحراش الكثيفة، التي كانت في الماضي منتشرة بكثرة في جبال الساحل السوري، وأذكر من كلام جدي أن المنطقة الممتدة بين جبال "القدموس" وجبال مدينة "جبلة" كانت موطنا لبعض الدببة وليس الكثير منها».

تعيش "ميلو" على الخضار واللحوم والتفاح والعسل والجزر وعلى النباتات العشبية، ومن المعروف القول إن الدب من أشرس الحيوانات الموجودة لدينا

وعن وصفه لهذا الدب يقول الشيخ "علي عباس": «يقول جدي إن "الدب" الذي كان موجودا في مناطقنا كان من النوع الصغير في حجمه أي بطول متر واحد، وهو الذي رآه؛ أما النوع متوسط الحجم فلم يره، وكان لونه بنيا فاتحا مع بعض السواد في عنقه ومع هذا كانت مشاهدته له محدودة جداً والكلام لجدي، ومنذ مئة عام مضت انقرض تماما بسبب صيده من أجل فروه ولأسباب أخرى».

السيد "عزام مصاصاتي" صاحب حديقة "عالم السحر"

أثناء بحث موقع "eSyria" عن "الدب السوري"، وجد أنثى لهذه السلالة في إحدى حدائق الحيوان في محافظة "حلب"، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير في السلوك بين الدب السوري البري الذي يقطن الغابة، وذاك الموجود في حدائق الحيوان، إلا أن كلاهما يعود لسلالة الدببة السورية، السيد "عزام مصاصاتي" مالك حديقة "عالم السحر" الخاصة تحدث عن الدبة "ميلو"- وهي أنثى دب سوري- بالقول: «على الرغم من أن "سورية" هي الموطن الأصلي لهذه السلالة، إلا أننا اضطررنا لإحضار "ميلو" من "العراق" وهي الآن بعمر /3/ سنوات، وأطمح لإكثار هذا النوع من الدببة في حديقتنا، لكن لن أزوجها حتى تبلغ سن /7/ سنوات وهو سن البلوغ عند الدببة، حيث سأجلب لها دبا ذكرا من دمشق إن وجد، وإلا فقد نضطر إلى القيام بهجونة بين "ميلو" ودب الهيمالايا المتوافر لدينا، عندها سيكون من المحتمل الحصول على أولاد تشبه الدب السوري الأصلي؛ نوعاً ما».

المربي "عمر خليفة" الذي يشرف على "ميلو" في حديقة "عالم السحر" حدثنا عن طباعها وغذائها بالقول: «تعيش "ميلو" على الخضار واللحوم والتفاح والعسل والجزر وعلى النباتات العشبية، ومن المعروف القول إن الدب من أشرس الحيوانات الموجودة لدينا».

الدكتور "دارم الطباع" مدير مشروع حماية الحيوان في سورية

وللدب السوري ميزات جمالية ربما كانت وبالاً عليه، وسببت في تهديده بالانقراض، حدثنا المربي "خليفة" عن صفات الدب السوري عموماً بالقول: «يبلغ حجم رأس الدب السوري بين /30/ و/40/ سنتمتراً وطوله نحو /150/ سنتمتراً، فهو دب صغير الحجم، جميل الطلة حيث يكون لون فرائه أسمر خفيفا إلى بني أو رمادي، كما أنه أقل شراسة من أنواع الدببة الأخرى، الأمر الذي جعله مرغوباً به للعمل في السيرك، وقد تعرض للاصطياد بشكل كبير من قبل الغجر الذين استخدموه لغرض الرقص في عروض السيرك المختلفة».

موقع "eSyria" التقى الدكتور "دارم طباع" مدير مشروع حماية الحيوان في سورية "سبانا"؛ والذي أوضح إمكانية إكثار الدب السوري البري بالاعتماد على بعض أفراده الموجودين في حدائق الحيوان بالقول: «إن هذه الإمكانية متاحة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك لا يتم بإكثار هذه الدببة وإطلاق أبنائها في البرية مباشرة، مدعين أننا قد استرجعنا الدب السوري البري، لأن الوقت الطويل الذي أمضاه الدب في الأسر أفقده الكثير من خواصه وسلوكياته البرية التي تعد سبباً في حفاظه على بقائه في الغابة كطريقة الصيد مثلاً، فنحن بحاجة إلى ثلاثة أجيال لنعيده تدريجياً للحياة البرية، ففي الجيل الأول نكاثره ونقدم له بعض الطعام لأنه قد يعجز عن الحصول عليه بالاعتماد على الصيد وحده، وهنا نحصل على دب نصف بري، ثم في الجيل الثالث يمكن أن يكون استعاد سلوكه البري الذي يساعده على العيش في الغابة كما في السابق».

الدب السوري

وعن البيئات البرية التي تواجد فيها الدب السوري وأسباب انحسار عدده فيها، حدثنا الدكتور "طباع" بالقول: «عموماً تقطن الدببة الغابات، وفي "سورية" تواجد الدب السوري في جبال "القلمون" و"الحرمون" و"اللاذقية"، إلا أن أعداده تراجعت بسبب التخريب الذي طرأ على بيئته نتيجة النشاط الاقتصادي المتزايد الذي لا يراعى الحياة البرية في كثير من الأحيان، أو الصيد الجائر له، سواء لاستخدامه في السيرك أو للحصول على الصفراء التي تعتبر في مناطق كثيرة من آسيا سلعة ثمينة لاستخدامها في الطب الشعبي الصيني رغم أن لا شيء مثبت طبياً حول فائدتها لكنه شيء من الفلكلور».

وعن دور الدب السوري في التوازن البيئي يقول الدكتور "طباع": «الدب السوري يعتبر من أعلى الثديات الموجودة في الغابة، فوجوده يحمي كل الحياة البرية للحيوانات الأصغر والأقل تطوراً منه، فوجود المفترسات الكبيرة في الغابة يحمي الحياة البرية من الصيادين الذين سيسهل عليهم أمر اصطياد الحيوانات البرية الأخرى والطيور في حال غياب المفترسات الكبيرة الشرسة التي تخيف الصيادين».

اختير "الدب السوري" كحيوان عام /2010/ من قبل "مشروع حماية الحيوان في سورية"، الدكتور "دارم طباع" "مدير مشروع" تحدث عن الأسباب التي دعتهم لاختيارهم الدب السوري بالقول: «في كل عام يتم اختيار حيوان معين مهدد بالانقراض، شريطة أن يكون موجودا في الأراضي السورية، وتم هذا عام /2010/ اختيار الدب البني السوري نتيجة مشاهدة آثار أقدامه عام /2004/ في قمة جبل الحرمون بأعالي منطقة بلودان، مما نفى الفكرة السائدة حول انقراضه في "سورية"، وقد وجدت آثاره تلك أثناء قيام الباحث "عصام حجار" بالعمل على تدوين التاريخ الطبيعي لـ"سورية".

فاتخذنا قراراً في مشروع حماية الحيوان في سورية "سبانا" بالتعاون مع وزارة الثقافة خلال الاحتفالية الرابعة لليوم العالمي للحيوان باعتبار الدب البني السوري حيوان عام /2010/ بهدف لفت النظر إليه وإلى تنوع البيئة البرية في "سورية"، التي لاتزال غنية بأنواع برية عديدة تستحق الدراسة ودعم الأبحاث المتعلقة بها».

وعن الدور الذي قام به مشروع حماية الحيوان في سورية "سبانا" يتابع الدكتور "طباع بالقول: «بعد الحصول على آثار للدب السوري شمال بلودان انتعشت الأبحاث حول الدب السوري، وقمنا بدعم جهود الأستاذ "عصام حجار" في بحثه من خلال مساعدته على الاتصال بـ"جمعية الدب البني العالمية" التي لها فرع موجود في "تركيا" يختص بدراسة سلالة الدب البني السوري تحديداً.

وتواصلنا مع السيد "لينسي" خبير الدببة البرية السورية والذي أشرف على المحميات في كل من "اليونان" و"تركيا" ما حمى الدب السوري من الانقراض في هذه البلدان، وقدمنا دراسات حول الدب السوري في سورية ومتطلباته واحتياجاته وتقدمنا بطلب تمويل لدعم مشروعنا في إكثاره، خاصة أن سورية هي البلد الأم له، وقد قمنا بنشر بعض الأبحاث عنه في المجلة التي تصدرها الجمعية وهي مجلة خاصة بالدب البني الذي يعتبر الدب السوري أحد سلالاته المميزة».