كشفت دراسة علمية حديثة جرت في قسم الفيزياء بجامعة دمشق عن إمكانية معالجة سرطان القولون باستخدام الفضة النانوية بطريق خضراء وحيوية، جرت مقالةٌ بحثيةٌ عنها في إحدى المجلات العالمية العلمية المرموقة (Heliyon).

وأثبتت نتائج الدراسة فعالية استخدام الاصطناع الحيوي لجسيمات الفضة النانوية بواسطة المستخلص المائي لأوراق اليوكاليبتوس (الكينا) كعامل إرجاع وتغطية وتطبيقها في معالجة سرطان الكولون وكذلك طفيليات الليشمانيا بعد إجراء عدة تجارب مخبرية ناجحة.

تركّز بحثي في مرحلة الدكتوراه على الفضة النانوية وكان التطبيق الأساسي في البداية على خلايا الليشمانيا حيث أظهرت فعالية كبيرة، ومن خلال تراكيز منخفضة لهذه المادة تم القضاء على الليشمانيا، وبتطبيقها بتراكيز خفيفة أيضاً على الخلايا السرطانية (سرطان الكولون) كانت النتائج مبهرة أيضا بالنسبة للفريق البحثي بإشراف الدكتور إبراهيم الغريبي بالتعاون مع الدكتور شادي سكرية رئيس مركز الليشمانيا

الباحثة رغد الزين التي قضت ست سنوات في البحث بمجال الفضة النانوية نظراً لتعدد تطبيقاتها في جميع المجالات وخاصة في المجال الحيوي الطبي، تؤكد من خلال تجربتها البحثية في هذا المجال، فعالية ونجاعة الفضة النانوية التي تم تحضيرها بطريقة خضراء ضد البكتيريا والفطريات والخلايا السرطانية والليشمانيا، وهو ما أثبتته نتائج الدراسات التي قامت بها في مخبر النانو في قسم الفيزياء بكلية العلوم، الأمر الذي دفعها للاهتمام بهذه المادة السحرية بوصفها مادة العصر لتكون مجال بحثها في مرحلة الدكتوراه كما أفادت.

الدكتور إبراهيم الغريبي

وفي حديثها لـ"مدوّنة وطن" تقول الباحثة الزين : «تركّز بحثي في مرحلة الدكتوراه على الفضة النانوية وكان التطبيق الأساسي في البداية على خلايا الليشمانيا حيث أظهرت فعالية كبيرة، ومن خلال تراكيز منخفضة لهذه المادة تم القضاء على الليشمانيا، وبتطبيقها بتراكيز خفيفة أيضاً على الخلايا السرطانية (سرطان الكولون) كانت النتائج مبهرة أيضا بالنسبة للفريق البحثي بإشراف الدكتور إبراهيم الغريبي بالتعاون مع الدكتور شادي سكرية رئيس مركز الليشمانيا».

وتوضح الباحثة الزين أنّ أهم ميزة لهذا البحث أن تصنيع المادة النانوية تم بطريقة سهلة وبسيطة غير مكلفة، لا تحتاج الى التجهيزات المعقدة، وذلك بالاعتماد على الطريقة الكيميائية المتمثلة بالاصطناع الحيوي الأخضر، بعيداً عن المواد الكيميائية المضرّة، وهذه الطريقة على بساطتها غير سهلة لاستخلاص المواصفات الخاصة بهذه المادة بأحجام صغيرة لا تتجاوز 10 نانو.

أعضاء فريق وحدة المبادرة السورية للتقانة النانوية

وتعمل الباحثة حالياً مع فريقها البحثي على مشروع لتطبيق الفضة النانوية كمبيد حشري ومضاد فطري لاستخدامها في المجال الزراعي والأسمدة من أجل تنمية الجذور، وخاصة أنّ الفضة النانوية تمتلك هذه الخاصية، وهي ماضية في البحث بمجال الفضة النانوية التي وصفتها بالمادة السحرية، ومن خلال عملها الطويل في الفضة النانوية بات لديها شغف كبير لمواصلة البحث على أمل أن تستطيع تحويل مستحضرات الفضة النانوية إلى منتجات، داعية جميع الجهات المعنية للتعاون لتحويل المنتجات النانوية التي يتم تصنيعها في المخبر الى منتج نهائي وتسويقه بدلاً من استيرادها من الخارج، وخاصة أنّ العالم كله متجه نحو النانو تكنولوجي الذي بات أمراً حيوياً في كل دول العالم وفق ما أفادت به.

ومن ميزات البحث وفق ما ذكره الباحث الدكتور إبراهيم الغريبي رئيس مخبر النانو في كلية العلوم، المشرف العلمي على البحث بأنه من الأبحاث النوعية والنادرة، نافياً وجود أي دراسة سابقة عن تصنيع الفضة النانوية بواسطة المستخلص المائي لأوراق اليوكالبتوس (الكينا) على مستوى المنطقة، وكان الهدف الأساسي من الدراسة اختبار مدى فعالية المستخلص المائي لأوراق اليوكالبتوس كمادة مرجعة لشوارد الفضة وتطبيقها كمادة فعالة حيوياً ضد سرطان الكولون واللشمانيا وطيف واسع من البكتيريا، وهذا ما أثبتته نتائج الأبحاث التي أجريت في المخبر.

وأوضح الغريبي بأن المقالة الأولى من الدراسة والتي تم نشرها في إحدى المجلات العلمية العالمية المرموقة ركزت على تصنيع الفضة النانوية الغروية بالطريقة الخضراء، وأكدت النتائج بأن مواصفات الحبيبات جيدة من حيث توزع الأبعاد وتم الحصول على 18nm وهو رقم صغير جداً بالنسبة لما نشر في المقالات الخارجية، كما أنّ جميع الاختبارات التي جرت على التوصيف أثبتت أيضاً وجود حبيبات فضة نانوية بأبعاد متناهية الصغر، ويضيف الدكتور الغريبي: «المقالة الثانية من البحث تم نشرها في دورية (Heliyon) العلمية العالمية وتناولت اختبار مدى فعالية المادة ضد خلايا سرطان الكولون Caco-2 cell في الزجاج وبتركيز منخفض يقدر بـ 5m/μ وتعدُّ تلك القيمة مرجعية وأدنى بكثير من حد السمّية للفضة النانوية للخلايا السليمة، ويعتقد الباحث الغريبي بأن النتيجة التي توصل اليها البحث ستفتح آفاقاً واسعة لاستخدام الفضة النانوية كعلاج لسرطان الكولون في الأوساط الحية، علماً بأن هناك مقالتين بحثيتين لتطبيق الفضة النانوية في معالجة اللشمانيا وطيف واسع من البكتيريا، وهما قيد النشر في مجلات علمية عالمية.

ويؤكد الدكتور الغريبي بأن الفضة النانوية التي تمّ استخلاصها بالطريقة الخضراء في مخبر النانو لها صفة تطبيقية قابلة للتنفيذ، فمن الناحية البحثية تمّ تطبيقها على سرطان القولون والليشمانيا والبكتيريا، ولكن من الناحية الاقتصادية يمكن أن يخرج منها منتج مثل معقمات السطوح بكافة أشكالها والمنظفات والدهانات كاشفاً عن وجود استمارة بحث تقدم بها الى الهيئة العليا للبحث العلمي من أجل اعتماد الفضة النانوية التي تم تصنيعها في مخبر النانو بالطريقة الخضراء كمعقم للسطوح وفيروس كورونا، بدلاً من شراء معقمات وخاصة أن تصنيعها غير مكلف وصحي خالٍ من أي سمّية، ويمكن طرحه في الأسواق بكل سهولة وأمان.

يذكر بأنّ الدراسة أجريت في مخبر النانو بالتعاون مع بعض المخابر في علم الأحياء بكلية العلوم ومركز الليشمانيا وتمّت الاستعانة بهيئة الطاقة الذرية في توصيف العينات كما تمّ إرسال بعض العينات إلى جامعة هنوفر في ألمانيا لتوصيفها في من خلال طالب ماجستير يحضر الدكتوراه في الفضة النانوية لأنّ بعض التجهيزات الخاصة في هذا المجال غير موجودة في سورية.