لم تتوقف الفنّانةُ "ذكرى علي" عن البحث في عوالم الأيقونة البيزنطية التي لها خصوصية بحتة، ونجحت في وضع أسلوبها الخاص فيها، من أجل تعريف الناس على ثقافة الأيقونات وأهمية الحفاظ عليها كفن جمالي ورسالة روحية ثمينة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الفنانة "ذكرى العلي" بتاريخ 2 حزيران 2020 لتتحدث عن موهبتها الفنية وفكرة كتابة الأيقونات البيزنطية بالقول: «منذ صغري خلقت معي الموهبة الفنية وحبي للرسم والألوان فمارستها كهواية وكنت أتطلع إليها لتصبح مستقبلاً فنياً، أمارس حالياً فني في الرموز والأيقونة ككل ضمن مساحتها وعبر الألوان الخاصة التي استخدمها مع إيمان عميق نابع عن أهمية المحافظة على الأيقونة التي أعتبرها كنزاً حضارياً وثقافياً ثميناً في "سورية"، خصوصاً بعد الأحداث التي حصلت في مدينتي "دير الزور" خلال فترة الحرب التي عرقلت دراستي في علم الفيزياء كلياً وعليه أخذت حياتي منحىً جديداً وهي كتابة الأيقونات البيزنطية فيما بعد والتخصص بها كفن ورسالة مهمة في الحياة.

شاركت بـ"معرض دمشق الدولي" بدوراته الثلاث الأخيرة وحصلت على شهادات تقدير من "المؤسسة العامة لمدينة المعارض" ومن الاتحاد العام للحرفيين، كما شاركت في مهرجان "تحت سماء دمشق" في خان "أسعد باشا" 2019، وكانت لي مشاركة في فعالية "أيام التراث السوري" بكلية الآداب جامعة "دمشق" 2019، وعندي الكثير من المشاركات في معارض للحرف التراثية وفي اليوم العالمي للبيئة 2019 وجميع الفعاليات الخاصة بالجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية

البداية العملية كانت من إعلان دورات تدريبية للحرف التراثية والفنون اليدوية في خان "الزجاج" وهو مقر "الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية" بـ"دمشق" عام 2017، التحقت بدورة لفن الأيقونة البيزنطية بعد أن بحثت عنها وتعرفت على هذا النوع من الفن التشكيلي العميق والقريب جداً من الإنسان، تعلمت قواعد الكتابة والرسم على يد الفنانة المحترفة "آني غريبيان" لكن مدة الدورة لم تكف طموحي في صقل موهبتي ومعرفة المزيد عن عالم الأيقونات، لذلك التحقت بمشروع التعليم الحرفي والفني أكاديمياً في خان "الزجاج" أيضاً وقوبلت بالترحيب والتشجيع من قبل القائمين على المشروع ووسعت معارفي أكثر فيه من خلال دارسة مناهجه وبمشاركتي في ورشات عمل وفعاليات فردية لي وأخرى مشتركة مع زملاء فنانين لأكثر من 20 حرفة يدوية تراثية وإبداعية».

مع أدواتها الفنية

وعن ارتباط الأيقونة بالإبداع بشكل عام وانعكاس ذلك عليها كفنانة لديها بصمة متميزة، تابعت "ذكرى" حديثها قائلة: «الفن البيزنطي عموماً جذاب بشكل قوي سواء كان زخرفةً بالفسيفساء أم نحتاً أم عمارة، لكن الأيقونة البيزنطية مجال الإبداع فيها محدود كونها تابعة لقواعد أساسية لا يمكن تجاوزها لما فيها من رمزية وقدسية هامة لكن الفنان بطبيعته يتوق للإبداع ويتطلع إليه، تمكنت من إيجاد فسحة لأنطلق منها نحو التميز دون أن أمس بالأساسيات الخاصة بالأيقونة على مختلف مدارسها وذلك عبر إخراج الأيقونة بروح وهوية "سورية" بعد بحثي ودراستي المعمقة التي أجريتها عن تاريخ المدرستين الدمشقية والحلبية، حيث كانتا من أهم المدارس العالمية في مجال البحث عن الأيقونة البيزنطية التي نرى فيها الزي الشرقي والكتابات العربية وبحيث تكون الشخوص بملامح تنتمي لهذه الأرض وناسها ذوي البشرة السمراء المعبرة عن الحضارة السورية وتاريخها القديم لأنّ بلدي هي مصدر إلهامي الأساسي والواقعي في كل خطوة من خطواتي الفنية».

وعن نقاط التقاطع بين دراستها لعلم الفيزياء وسمات الأيقونة حسب رأيها تقول: «دراسة الفيزياء البحتة كانت منعطفاً هاماً في تكوين شخصيتي، ومن خلالها أدركت أن الكون يتبع لنظم وقوانين ولا مكان فيه للفوضى والعشوائية وأن هناك حاجة دائماً للبحث والتحليل للوصول إلى الحقيقة المطلقة، كذلك بالنسبة للأيقونات التي تشبه لحد ما الفيزياء لأنها تتبع لأساسيات ورمزيات خاصة بها، وعند البحث عنها وتحليلها نصل إلى جوهرها وحقيقة قدسيتها ومنها انطلقت رسالة الأيقونة إلى كل العالم لأنها أسمى بكثير من رؤية فنان، مجال دراستي للفيزياء مع عملي كرسامة خلق نوعاً من التوازن في الحياة ونقاط تقاطع بين العلم والفن لكن متعة العمل والانغماس به أعطياني بعداً آخر من الحب والتعلق فيه خصوصاً بعد مساعدة الفنان "طلال بيطار" نائب رئيس الاتحاد العام للفن التشكيلي والذي انضم إلى مشروع الأيقونة البيزنطية فاكتسبت خبرة إضافية جديدة مؤخراً على يده».

أثناء العمل على الأيقونة

وتحدثت "ذكرى" بدورها عن أهم الفعاليات الفنية والمعارض المشاركة فيها قائلة: «شاركت بـ"معرض دمشق الدولي" بدوراته الثلاث الأخيرة وحصلت على شهادات تقدير من "المؤسسة العامة لمدينة المعارض" ومن الاتحاد العام للحرفيين، كما شاركت في مهرجان "تحت سماء دمشق" في خان "أسعد باشا" 2019، وكانت لي مشاركة في فعالية "أيام التراث السوري" بكلية الآداب جامعة "دمشق" 2019، وعندي الكثير من المشاركات في معارض للحرف التراثية وفي اليوم العالمي للبيئة 2019 وجميع الفعاليات الخاصة بالجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية».

"فؤاد عربش" رئيس "الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية" التقليدية بـ"دمشق" تحدث عن رأيه بالفنانة "ذكرى العلي" وحرفيتها التي اكتسبتها خلال فترة تدريبها وتعلمها رسم الأيقونات البيزنطية بالقول: «بدايات "ذكرى" بالفن التشكيلي كانت عام 2015 حيث قدمنا فعالية فنية في محطة "الحجاز" بـ"دمشق" بإشراف وزير السياحة وكانت من ضمن المشاركين، ذكية وموهوبة بفن الأيقونة الدمشقية شاركت في "معرض دمشق الدولي" التاسع والخمسين كمتدربة ولفتت حينها أنظار العديد من المهتمين وأعجبوا بموهبتها المبدعة، ثم شاركت أيضاً في المعرض ذاته في دورته الأخيرة الحادية والستين كمدربة للفنانين الموهوبين، أهم ما ميزها أنها تجتهد في عملها وتدرك أهمية الغرض من رسم الأيقونة بشكل صحيح ومدروس، هي فعلاً إنسانة وفنانة تستحق كل الدعم والتميز».

يذكر أنّ الفنانة "ذكرى العلي" من مواليد محافظة "دير الزور" عام 1989 مقيمة في "دمشق" منذ عام 2012.