بدافع كبير، وقدرة على ترجمة مخزونها الفكري إلى كتابات أدبية وسينمائية، استطاعت الكاتبة "اللوتس مسعود" أن تقدم من خلال أفلامها ومسرحياتها ولغتها الخاصة في الكتابة، رسائل إنسانية تحاكي الواقع.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 18 أيار 2017، مع "اللوتس مسعود" لتحدثنا عن كتاباتها الإبداعية للمسرح والسينما، فقالت: «بدأت كتابة السيناريو عام 2011، كأفلام قصيرة، وكتبت المسرحيات نتيجة قراءة مؤلفات الأديب المسرحي الروسي "أنطون تشيخوف"، حيث ساهمت كتاباته كثيراً في إعطائي دافعاً للكتابة، وامتلاك الشغف لهذه المهنة، ولمست موهبة الكتابة عندي مع أول قصة قصيرة كتبتها في العاشرة من عمري بعنوان: "القرية المفقودة"، التي نشرت حينئذٍ في صحيفة "تشرين"، حيث حظيت باستحسان من قرأها؛ وهذا دفعني إلى الخوض أكثر في هذا المجال مع تجارب عديدة جعلتني أكثر خبرة مع الوقت.

أحاول من خلال كتاباتي السينمائية، وصفحة "بالعامي الفصيح"، تقديم رسالة مفادها أننا كسوريين نعايش هذه المآسي التي نشهدها كل يوم على الشاشات، أو في حياتنا الفعلية، وربما لا يمكننا إيقاف الحرب والدم، لكن عندما نمتلك أدوات معينة كالكتابة مثلاً نعوض حالة الفقدان والخسارة التي نمر بها، فالتحدث عن الأوجاع ومشاركتها مع الآخر، إضافة إلى توثيق هذه المرحلة؛ أمر ضروري لمن سيأتي فيما بعد، من دون تقييم للظرف الحالي، بل بوصف إنساني بعيد عن الانتماءات السياسية

ومن الأفلام القصيرة التي كتبتها، وهي موجودة على "يوتيوب"، وقمت بإخراج بعضها: "حدوتة الربيع"، و"رافقتكم الذكريات"، و"التلاشي ألم أسود"، و"لحظة"، و"رومانس"، وفيلم "الكرامة" المأخوذ عن قصة حقيقية جرت في منطقة "عدرا" العمالية. وارتأيت مع أخي المخرج "السدير مسعود" ترجمتها إلى فيلم سينمائي، لنعرض قليلاً مما يحصل من قصص إنسانية على الأرض السورية، وفيلم "المخاض" فكرتي، حيث كتبته منذ ثلاث سنوات، وأعدت كتابة بعض المشاهد فيه لتخدم الفكرة أكثر، وهو من بطولة "جفرا يونس"، و"محمود نصر"، وعرض في 23 نيسان 2017 في "دار الأوبرا". أظنّ أن الحرب السورية أثرت كثيراً في كتاباتي وأفكاري وطريقة معالجتها، وبتّ عند العثور على فكرة أسوقها لظروف الحرب، وإن كان ذلك ليس بالأمر الصحي، لكننا محكومون بالظرف الذي نعيشه اليوم».

من فيلم "المخاض"

وعن صفحتها الخاصة بالمقالات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: «أحاول من خلال كتاباتي السينمائية، وصفحة "بالعامي الفصيح"، تقديم رسالة مفادها أننا كسوريين نعايش هذه المآسي التي نشهدها كل يوم على الشاشات، أو في حياتنا الفعلية، وربما لا يمكننا إيقاف الحرب والدم، لكن عندما نمتلك أدوات معينة كالكتابة مثلاً نعوض حالة الفقدان والخسارة التي نمر بها، فالتحدث عن الأوجاع ومشاركتها مع الآخر، إضافة إلى توثيق هذه المرحلة؛ أمر ضروري لمن سيأتي فيما بعد، من دون تقييم للظرف الحالي، بل بوصف إنساني بعيد عن الانتماءات السياسية».

وعن تأثير انتمائها إلى عائلة فنية، تضيف: «كان لذلك الأثر الكبير في ميولي الفنية والأدبية؛ إذ بدأت في سن النضج مراقبة ما حولي من تفاصيل تتعلق بالأدب والثقافة والفن، حيث كانت المكتبة تأخذ حيزاً كبيراً في المنزل، وتمثّل إغراءً بالنسبة لي بتصفح العناوين، وتلخيص المئات من صفحات الكتب؛ وهو ما جعل عندي ميلاً كبيراً إلى ترجمة الأفكار والخيالات التي كانت تراودني على الورق، خاصةً أنني مهتمة بالتفاصيل، وهو الفن الذي تحتاج إليه الكتابة بالدرجة الأولى، والتمثيل كان مغرياً بالنسبة لي لكوني وجدت في محيط مملوء بالممثلين والأحاديث المتعلقة بهذه المهنة، وأحاول إلى اليوم أن أطور نفسي في هذا المجال، وقد أخوضه عند توفر الفرصة المناسبة، لكنني حالياً أطمح أن أصنع اسماً نسائياً مؤثراً في مجال الكتابة الأدبية والمسرحية خصوصاً. وأعمل على ترك بصمة مختلفة نوعاً ما، تشبهني، وأن أتمكن من توفير مواد أدبية مغرية للجيل الذي لن يعايش الحرب مستقبلاً كي يشعر بما مررنا به من منطلق إنساني فقط لا غير».

المخرج المسرحي والممثل "عروة العربي"

"عروة العربي" المخرج المسرحي، يقول عنها: «أول ما قرأت لـ"لوتس" كانت الخواطر، وبعض القصص القصيرة، فشممت فيها رائحة المسرح ولغته، وأثرت بي كتاباتها. ثمة دراما (فعل) في خواطرها، ومسرح في سطورها ورؤيتها، وكانت بالنسبة لي ابنة المسرح، وهذا ليس غريباً؛ فوالدها الفنان الكبير "غسان مسعود".

ثم قرأت لها مشاهد مسرحية، فكانت خليطاً بين شخصيات مسرح الزمن الجميل بأسلوب حديث معاصر يعلن ولادة مشروع كاتبة، تاريخها ومخزونها مسرح، وحاضرها سينما، فكان فيلم "المخاض"، الذي تناقش من خلاله قضايا عقل بلغة ولسان القلب. وما يميزها ككاتبة بالنسبة لي الصدق والإنسانية، وأرى أنها تسير بخطى واثقة وثابتة، وإلى جانب موهبتها في الكتابة، تمتلك موهبة التمثيل بإحساس وعفوية، ولمست ذلك عندما خاضت دورة إعداد ممثل بإشرافي».

الجدير بالذكر، أن الكاتبة "اللوتس مسعود" من مواليد "دمشق" عام 1994، درست الحقوق في جامعة "دمشق" لمدة ثلاثة أشهر فقط، ثم انتقلت إلى "بيروت"، وحصلت منها على إجازة في "الصحافة التلفزيونية"، وتحضر حالياً لفيلم وثائقي عن نتائج الحرب النفسية على الأطفال في زمن الحرب.