يعدّ مشروع الطالبة "راما الحمامي" بحسب مدرّسيها نقلة نوعية في مسيرة الإعلام السوري؛ فهو يحتضن الكوادر الإعلامية في موقع واحد، بهدف التحفيز على الإبداع في العمل وخلق جوّ تفاعلي مريح وممتع؛ وهو ما يساعد على خلق أجواء إبداعية وتنافسية بين الكوادر.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع المهندسة المعمارية "راما الحمامي" بتاريخ 30 آب 2016، لتحدثنا بالتفصيل عن مشروع تخرجها "المدينة الإعلامية السورية"، حيث بدأت حديثها بالقول: «جاءت فكرة مشروع تخرجي من واقع الأزمة السورية التي تعصف بنا، حيث تزامنت مدة دراستي الجامعية في كلية الهندسة المعمارية مع بداية الأزمة عام 2011، بعد تحقيق طموحي في الحياة بدراسة مجال فني أو معماري، فرغبت بتقديم مشروع يخدم بلدي، وأتت فكرة "المدينة الإعلامية السورية"؛ فخلال الأزمة كان لمجال الإعلام والصحافة تأثير كبير وغاية في الأهمية لنقل وتسليط الضوء على الأحداث والوقائع، إضافة إلى الدور المهم على المستوى المحلي والعالمي أيضاً، هذا الأمر كوّن لدي دافعاً كبيراً للغوص والتعمق بالمجال الإعلامي من خلال مقابلة العديد من الإعلاميين الكبار، والحديث مع الصحفيين الشباب، كما زرت مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون، وشاهدت هناك الحاجة الماسة لابتكار مشروع يحتضن كافة الكوادر الإعلامية، وتأمين الجوّ المناسب الخاص بهم، وبدأت الفكرة واضحة بأهمية وجود مدينة إعلامية سورية ضخمة تكريماً لجهود العاملين بالمجال الإعلامي، وتضم المدينة كافة العقول والشباب المبدعين من صحفيين ومهندسين وتقنيين أثبتوا جدارتهم وصمودهم، وقد استغرق المشروع نحو خمسة أشهر حتى اكتمل، والصعوبة التي واجهتني ضيق الوقت في العمل».

هي من الطالبات المتميزات في قسم العمارة منذ السنوات الأولى، تمتلك إحساساً عالياً وأفكاراً إبداعية وابتكارية ترقى من خلالها لتكون معمارية بكل جدارة وثقة، حيث انطلقت فكرة مشروعها من رغبتها في تجسيد فكرة الاحتواء والشفافية واستخدام مواد البناء الحديثة، فكانت الاستوديوهات عبارة عن مكعبات درست بحرفية كبيرة، وتحتوي فراغات مغلقة وأخرى مكشوفة لتلبي احتياجات كل قناة تلفزيونية. أما الفراغ العام، فيتصف بالبساطة والرقي، ووظفت الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، كما أن المدينة قابلة للتوسع أفقياً وشاقولياً

وتضيف: «يتألف المشروع من واجهة أساسية مأخوذة من روح "The Color Test Pattern"، وهو عبارة عن نموذج اختبار خاص بالألوان، واعتمدت فكرة الطوابق الأرضية لكامل الأبنية مفتوحة؛ لخلق تواصل بصري بين الجو الداخلي والخارجي للمشروع والمحافظة على الشفافية.

أثناء مناقشة المشروع

أما الأقسام، فهي: القسم الإعلامي ويضم ست محطات تلفزيونية مع محطات إذاعية، وللمحطات ثلاثة نماذج، وذلك تبعاً لمقدرة كل شركة وعدد الاستوديوهات التي تحتاج إليها، حيث ركزت في بناء الاستديوهات على معالجة المشكلات المتعددة التي شاهدتها في جولتي على الاستوديوهات الموجودة في البلد، ومنها ضيق المساحات؛ وهو ما أدى إلى صعوبة كبيرة في التعامل مع الديكورات وشبكات الإضاءة بسبب عدم توفر مساحات كافية، وارتفاعات السقوف المنخفضة جداً، إضافة إلى مشكلة انعدام الفراغات "التعايشية"، والاستراحات، وتقاطع الوظائف الخدمية مع الاستديوهات بطرائق مزعجة. ولحلّ المشكلات الموجودة صمّمت الاستديوهات الداخلية بمقاييس مريحة وفقاً للمواصفات العالمية، فراوحت ارتفاعات الاستديوهات الداخلية ما بين (9.5-10) أمتار، إضافة إلى وجود استديوهات خارجية، والاعتناء بها من ناحية الديكورات والتجهيزات والمعدّات الخاصة.

أما القسم الإداري، فهو برج بارتفاع (80) متراً، يحتوي مكاتب إدارية ومكاتب للشركات والصحفيين، وخدمات خاصة بالمنطقة، وقسماً إسعافياً لتقديم وتوفير الخدمات الطبية والإسعافية، يليها قسم خدمي وآخر ترفيهي يضم مبنى خدمياً بارتفاع (82) متراً، وما يميزه الأسلوب الإنشائي والفراغات المفتوحة، وتخترق المبنى بالكامل ثلاث إسطوانات نوع "RGB" لها وظائف نواة للمصاعد، يستفاد من واجهة المبنى للعروض الجدارية، كما يضم المبنى مجموعة مطاعم و"كافيهات"، ومعارض للإعلام السوري والعالمي، ومنتدى خاصاً للصحفيين، ويلحق بالمنطقة الخدمية والترفيهية فندق أربعة نجوم وقاعة احتفالات، مع مدرج بالهواء الطلق.

المتميزة راما حمامي

وقد صمّمت موقع المدينة ليكون على طريق المطار مقابل "مدينة المعارض" و"قصر المؤتمرات"».

وفيما يتعلق بالمحور الداخلي للمشروع والموقع العام، قالت: «تتوزع على أطراف المحور الأساسي المحطات لخلق جوّ خاص ومتميز، وتوجد فراغات خضراء، وساحات للتصوير الخارجي للبرامج، المحور مغطى بمظلات ملونة "RGB" بطريقة بسيطة، يبدأ المحور بساحة مع مدرج وبحيرة يطل عليها البرج الإداري، وينتهي بساحة أيضاً مغطاة بجسرين ومدرج مخصص للحفلات والعروض الجدارية، وأيضاً يوجد جدار شبكي تشكيلي ملون موزع بـ"تكنيك" معين، وفي نقاط معينة على طول المحور في ارتفاعات مختلفة، وهو عنصر مهم. أما الجوّ الداخلي للمشروع، فقد قمت بالاعتناء به لإضفاء أجواء جميلة للتصوير وعدم الحاجة إلى الديكورات، والاستفادة من أجواء الطبيعة قدر المستطاع. أما المشروع من الناحية الإنشائية، فهو منشأة معدنية، وكان الاعتماد الكبير على الإطارات المعدنية لميزاتها، حيث تفي بغرض ووظيفة المشروع من ناحية المساحات الواسعة والفراغات النظيفة، فهي سهلة الفك والتركيب، ويمكن التوسع في المستقبل، ولهذا السبب يغلب اللون المعدني على المشروع، ونجد الألوان في التشكيلات الجدارية الخارجية فقط».

راما مع الدكتورة ريدا

الدكتورة المشرفة على المشروع "ريدا ديب" أبدت رأيها بالمشروع، وقالت: «يعدّ من المشاريع المهمة والضرورية بالمرحلة القادمة في "سورية"؛ فهو منارة لإعادة الإعمار التي من خلالها ستنطلق الرؤية الجديدة لسورية الحديثة، نسعى في كلية العمارة إلى تشجيع الطلاب على التصدي لهذه النوعية من المشاريع التي يمكن استثمارها في مرحلة إعادة الإعمار، فالمعماريون والمخططون يرسمون الحياة في المجتمع، لذلك فالمشاريع التي نصمّمها ونخططها يجب أن تلبي الاحتياجات الفعلية لفئات المجتمع المختلفة، وفي جميع نواحي الحياة، وليس الاحتياجات الوهمية، ولذلك لا بد من استبيان ذوي الخبرة وأصحاب العلاقة، إضافة إلى الاطلاع على المشاريع العالمية المشابهة؛ وهذا ما فعلته المبدعة "راما"، وبناء على هذا أتوقع أن المشروع المقدم يرقى للتنفيذ بكل سهولة، وستكون هذه المدينة إحدى أهمّ المدن الإعلامية العالمية».

وتابعت: «هي من الطالبات المتميزات في قسم العمارة منذ السنوات الأولى، تمتلك إحساساً عالياً وأفكاراً إبداعية وابتكارية ترقى من خلالها لتكون معمارية بكل جدارة وثقة، حيث انطلقت فكرة مشروعها من رغبتها في تجسيد فكرة الاحتواء والشفافية واستخدام مواد البناء الحديثة، فكانت الاستوديوهات عبارة عن مكعبات درست بحرفية كبيرة، وتحتوي فراغات مغلقة وأخرى مكشوفة لتلبي احتياجات كل قناة تلفزيونية. أما الفراغ العام، فيتصف بالبساطة والرقي، ووظفت الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، كما أن المدينة قابلة للتوسع أفقياً وشاقولياً».

يذكر أن "راما الحمامي" من مواليد مدينة "دمشق"، عام 1993.