أنهى دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، بموهبة شابة امتزجت بالتدريب الأكاديمي، فأبى إلا أن يكون لتخرجه تميز تمثَّل بثلاثة مشاريع تخرج ملأها أسلوباً خاصاً من تجاربه.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "ريمي سرميني" بتاريخ 10 تشرين الأول 2014، حيث تحدث عن مرحلة التخرج: «جميع مشاريع التخرج في السنين الماضية كانت تضم مشروعين، حيث لكل فصل دراسي مشروع خاص به، أما ما ميّزنا أنا وزملائي في فترة التخرج فهو أننا -ولأول مرة- نقوم بتقديم ثلاثة مشاريع للسنة الأخيرة، بدأت بمشروع "رماد البنفسج" سينوغرافيا إخراج الدكتور "سامر عمران"، ثم مشروع "هستيريا" سينوغرافيا إخراج "جهاد سعد"، وختاماً كان المشروع الأخير "خارج السيطرة" تأليف "وائل قدّور"، ومن إعداد وإخراج الدكتور "سامر عمران"».

أنا مؤمن بهم كلّهم، ولا شكّ أن هناك تبايناً بينهم، لكن في الحقيقة المجموعة كاملةً جيدة جداً، وسيكون لهم شأن مهم في مجال التمثيل، ولبعضهم مشروعه الخاصّ، وأدواتهم متطورة جداً، ولديهم عالم نفسي غني، وقد اختبروا مشاريع كثيرة ليبدؤوا الآن التفكير بالانطلاق نحو الحياة، ومعرفة ما هي الرسالة الخاصّة لكلٍّ منهم

وعن دوره في العرض الأخير "خارج السيطرة" يقول: «شخصية "أبو هيثم" التي وبشكل أدق كانت "كاركتر" ضمن العرض، سائق الباص المسيطر على تصرفاته عقدة من بنات هذا الزمن اللواتي واكبن تكنولوجيا الإنترنت بأخلاق معدومة، والمنادي بالعودة إلى الزمن القديم الخالي من أي وسائل تواصل إلكترونية، رغم أن حديثه ضمن العرض يظهر لك مدى تشابه علاقاته وتصرفاته في أيام شبابه، بتصرفات هؤلاء الفتيات».

فريق عمل Test2

لم يكتفِ "سرميني" بالتعلم والتدريب من خلال الدروس في المعهد العالي وحسب، بل استثمر الوقت خلال سنوات الدراسة بتطوير موهبته بشكل عملي؛ فكان النتاج فرقة "Test" مع نهاية السنة الدراسية الأولى في المعهد، فكرت أنا وأحد زملائي في "الدفعة" بالاستفادة من فترة العطلة بدعم الموهبة بشكل عملي من خلال تطوير أدواتنا كممثلين، والخوض في غمار التجربة، ومن هنا انطلق اسم الفرقة "Test"؛ التي كان الهدف الأساسي منها هو التجربة العملية بنتائجها والخبرات المكتسبة منها، وليس العرض المسرحي بحد ذاته، فالتجربة هي الطريق الصحيح لمعرفة الأدوات الصحيحة للممثل، ولتفادي الممارسة الخاطئة، إضافة إلى اكتساب الخبرة».

وعن بدايات تأليف الأعمال يقول: «كانت البدايات مع مجموعة من القصص القصيرة للكاتب الروسي "أنطون تشيخوف"، حيث تدربنا على خمس قصص ضمن استديوهات المعهد، وكانت النتائج تتلخص بالخوض في الشخصيات أو الأنماط، والتعامل مع نصوص بلغة عربية فصحى، وبتجربتنا هذه تعاملنا بشكل عملي مسبقاً مع مواد تدرس في السنة الثانية، تطورت التجربة الأولى لتبدأ عناصر جديدة بالدخول إليها، منها الرقص والإضاءة، إضافة إلى الصوت حيث انضم إلينا طلّاب من قسم الرقص وقسم التقنيات في المعهد، والهدف المشترك هو تطوير الأدوات، وجميع التجارب التي قمنا بها كانت لمعرفة الجوانب الصحيحة ضمن التطبيق العملي، وكشف الجوانب الخاطئة حتى لا نكررها مستقبلاً، وقد استعنّا بخريجين ونخبة من أساتذتنا من المعهد لمشاهدة التجربة، فحملت تعليقاتهم الملاحظات المختلفة والتشجيع على إكمال ما بدأناه بنفس الروح والهمة العالية، فكنا نستمع إلى ما يقولون، ونختار الملاحظات التي تهمّ صميم تجربتنا».

من مشروع هيستريا

أبصرت التجربة الأولى النور، بظهورها على خشبة المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية، أمام الجمهور، وعن ذلك يتحدث "سرميني": «بعد تعب أربعة أشهر، وتشجيع من شاهد تجربتنا، قررنا عرض التجربة الأولى "Test1" أمام الجمهور في المعهد العالي في استديو رقم 4، فقمنا بحملة إعلانية عبر صفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكان إقبال المهتمّين كثيفاً، لدرجة أن عدد الحضور في اليوم الثاني كان أكثر مقارنة باليوم الأول من العرض، وكانت الافتتاحية عبارة عن رقصة، ولم تكن عن عبث بل كانت تروى قصّة سباق بيني وبين زميلي للوصول إلى كتاب وُضِعَ في مقدمة العرض لـ"تشيخوف"، ولم نستطع كلانا الوصول إليه، تعبيراً عن الخبرة الأكاديمية المتواضعة التي قدمنا خلالها تجربتنا، لاقت التجربة الاستحسان لدى من شاهدها، فكانت تلاحقنا دائماً أسئلة المتابعين حول موعد التجربة التالية، فعرض التجربة هذه من قِبَل طلّاب سنة ثانية هو أمر مميز، ولاقت التجربة الأولى النجاح».

لم تتوقف التجربة بل استمرت عبر "Test2"، وعنها يقول "سرميني": «توقفنا في عام 2012، حيث كنّا بحاجة إلى فترة راحة لإغناء المخزون الأكاديمي لدينا، وعدنا في سنتنا الرابعة في عام 2013 لنقوم بتجربتنا الثانية "Test2"؛ التي حملت عنوان "الدانائيات"، وهي ارتجال عن نص "الزنزانة" للكاتب "هرلود كمل"، حيث قرأنا العديد من النصوص، وبعد اختيارنا لتلك الفرضية، بدأنا البناء عليها، حتى وصلنا إلى تجربتنا الثانية، التي أضيف إليها اختصاص "السينوغرافيا" أي فن تصميم المناظر المادية للمسرحية، وتعاونا مع طلّاب جدد من قسم التقنيات، كل ذلك كان بغياب عنصر مهم وهو "الدراماتورج"؛ وهو المعالج للنص الذي يطرح العديد من الأسئلة للنص كي يجيب عنها الممثل أو المخرج، بدأنا ورشة التحضير ضمن قبوٍ منزلي، وبعد العمل المكثف والمستمر طوال فترة أربعة أشهر وأكثر، كانت تجربتنا الثانية جاهزة ضمن قاعة سينوغرافيا، فيشعر من يشاهد التجربة وكأنه ضمن الزنزانة، بعد حضور عدد من أساتذتنا وبالأخص رئيس قسم التمثيل في المعهد الدكتور "سمير عثّمان" ومشاهدته للتجربة، أصّر أن ينقل العرض إلى المعهد، وكنّا على موعد مع عدد كبير من الحضور في الأيام الثلاثة للعرض، وكانت ردود الفعل إيجابية تجاه تجربتنا».

"سرميني" وبعد التخرج يحضّر للتجربة الثالثة وفي رصيده عدد من الأدوار التمثيلية التي لعبها مؤخراً، ويقول: «شاركت مؤخراً مع المخرج الصاعد "ميار النوري" في فيلم "طابة أمل"، وفي مسلسل "عناية مشدّدة" مع المخرج "أحمد إبراهيم أحمد"، وأيضاً شاركت ضمن عرض "هستيريا" إعداد وإخراج الأستاذ "جهاد سعد" على خشبة مسرح "المدينة" في "بيروت" ضمن مهرجان "مشكال"، وأستعد للوقوف أمام كاميرا المخرج "ناجي طعمي" في مسلسل "حارة المشرقة"، والمخرج "تامر إسحق" في مسلسل "صرخة روح" في جزئه الثالث، كما أنني أحضِّر للتجربة الثالثة "Test3" مع خريجة قسم الرّقص "نغم معلا"، وفي تلك التجربة الجديدة ورشة عمل بين الراقص والممثل، تتحدث في مضمونها عن الحب».

الدكتور "سامر عمران" يقول عن الأعمال في لقاء صحفي: «أنا مؤمن بهم كلّهم، ولا شكّ أن هناك تبايناً بينهم، لكن في الحقيقة المجموعة كاملةً جيدة جداً، وسيكون لهم شأن مهم في مجال التمثيل، ولبعضهم مشروعه الخاصّ، وأدواتهم متطورة جداً، ولديهم عالم نفسي غني، وقد اختبروا مشاريع كثيرة ليبدؤوا الآن التفكير بالانطلاق نحو الحياة، ومعرفة ما هي الرسالة الخاصّة لكلٍّ منهم».