بدافع كبير لدعم المرأة، وبإحساس عالٍ بالمسؤولية تجاهها، كي تكون قادرةً على مواجهة صعوبات الحياة وتكون عنصراً فعالاً في خدمة المجتمع، استطاعت الدكتورة "سحر البصير" أن تقوم بتأسيس العديد من المشاريع الإنسانية والتنموية لهذا الهدف.

الملخص: بدافع كبير لدعم المرأة، وبإحساس عالٍ بالمسؤولية تجاهها، كي تكون قادرةً على مواجهة صعوبات الحياة وتكون عنصراً فعالاً في خدمة المجتمع، استطاعت الدكتورة "سحر البصير" أن تقوم بتأسيس العديد من المشاريع الإنسانية والتنموية لهذا الهدف.

قمنا بإنشاء جوقة غنائية نسائية بإشراف "حسام الدين بريمو"، كما أننا نقوم بالتدريب المجاني للسيدات في مجمع "دمر الثقافي" حتى الآن، ولتسويق منتجات الحرف اليدوية والتراثية التي تنتجها السيدات خلال التدريب أقمنا مشروع "سوق الفصول الأربعة لشغل الأيدي" الذي يقام كل عدة أشهر، كما ابتكرنا سوقاً عتيقاً للبيع الذي يقام شهرياً بـ"مشروع دمر" لتحقيق فرصة تبادل الأغراض الفائضة في المنازل وبيعها بأسعار رمزية، وقد لاقت الفكرة نجاحاً وتشجيعاً كبيراً من المجتمع النسائي السوري بكافة أطيافه

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 كانون الأول 2019، الدكتورة "سحر البصير" وقالت عن مسيرتها: «تعلمت حرفة تدوير الأقمشة عندما كنت بعمر السابعة، فقد كانت جدتي تصنع سجادات صلاة من المربعات، وتطلب مني خياطة القطع مع بعضها حتى أساعدها، فتعلمت الأسس القديمة لصناعتها بالطريقة الصحيحة منذ الصغر، وتابعت العمل في هذا المجال كهواية لي، وصنعت العديد من المنتجات من تدوير الأقمشة القديمة لنفسي ولمنزلي، كما أنني أتقنت حياكة الكروشيه، وقمت بتطوير البساط القديم، وصنعت البسط من الخيوط المستعملة وثبتها على القماش، وصارت حرفة جديدة تعتمد على التدوير. عندما بدأت الحرب وضعت منهجاً لتدريب الحرفة وإنعاشها من جديد، وبدأت بتدريب النساء بمراكز الإيواء، وكانت هذه الخطوة البداية لاستعادة حرفة جداتنا التراثية بتدوير الأقمشة وحمايتها من الزوال.

غطاء وسادة بالتراث التدمري

في عام 2011 بدأت بتجهيز أسواق "لاورا" لشغل الأيد لتسويق الأعمال اليدوية من كروشيه ومشغولات من الأقمشة المستعملة والألعاب القماشية والصوفية، وعرضها من خلال المعارض والفعاليات الثقافية لتقديم الدعم المادي لهم، كما أشرفت على العمل اليدوي لفعالية "جدايل سورية" عام 2011، وكنا نصنع لوحات جماعية بالإبرة والخيط وشعر النساء المقصوص، وقد لاقت أعمالنا الإقبال والتشجيع، وبدأت أتلمس موجودات الشارع السوري على المستوى النسائي، فقد كانت لدينا مواجهة خطرة ومستقبل مجهول ومرحلة تغيير كبيرة تحتاج لاستعدادات كبيرة لإنجاح عملنا ومشروعنا لإنهاض المرأة السورية ومساعدتها لإيجاد حلول لتحصل على قوت عيشها في ظل سنوات الأزمة».

وعن دعمها للمرأة السورية تابعت: «من خلال عملي كطبيبة أسنان شاركت بمؤتمر" الطبيبات النساء" في "إيطاليا" عام 1998 بمحاضرة عن المرأة السورية بين المعاصرة والحداثة، وفي المعهد العالي بـ"جنوة" وغيرها، فاكتشفت شغفي باكتشاف ومتابعة أمور المرأة في زمن الحداثة من خلال نفسي وكل النساء من حولي بمجتمعنا، وخصوصاً أنني خلال مسيرة حياتي مررت بتجارب زواج وطلاق متعددة، وكان لمكانتي الاجتماعية كطبيبة أثر كبير لحمايتي النفسية من الأذى، واستطعت الخروج من المرحلة في بدايات الحرب على "سورية"، وكنت بكامل الصحة والتوازن لأحصل على قرار واضح عن حقيقة واقع المرأة الذي ازداد سوءاً بعد الحرب، وكان لا بدّ من التعمق بمفهوم الفكر الاجتماعي السائد ودراسة الفكر الديني، وكذلك بذلت جهداً كبيراً لفهم أشكال العلاقة بين الريف والمدينة وأزمة الهوية وإثبات الذات عند المرأة في بلدنا في زمن الحداثة، فقمت بدعم النساء بأكثر من مجال؛ وخصوصاً السيدات المهجرات بمختلف مراكز الإيواء في "دمشق" وريفها، من خلال تحديد الإمكانيات التي من الممكن تجميعها لانطلاقة نسائية واعية ولها عنوان ومنهجية واضحة تحت عنوان "خلايا النحل"، وبدأت تجاربي التدريبية مجاناً للنساء لتعليمهم حرفة إعادة تدوير الأقمشة باستعمال الإبرة والخيط لربط المعاصرة مع التراث بمعادلة قوية وجميلة لإنتاج قطعة تراثية في كل مناطق "سورية"، كان لها اسم مختلف، ويحمل في طياته أحلام وآمال كل النساء؛ بضم كل شرائح المجتمع تحت بند "ثقافة المرأة السورية"، وتلقينا دعم وزارة الثقافة بإقامة معارضنا في مراكزها، وشاركنا في فعاليات "أيام التراث"، واستطعنا الانتساب للجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية بـ"دمشق"».

قصاصات من الأقمشة المختلفة

وتتابع: «قمنا بإنشاء جوقة غنائية نسائية بإشراف "حسام الدين بريمو"، كما أننا نقوم بالتدريب المجاني للسيدات في مجمع "دمر الثقافي" حتى الآن، ولتسويق منتجات الحرف اليدوية والتراثية التي تنتجها السيدات خلال التدريب أقمنا مشروع "سوق الفصول الأربعة لشغل الأيدي" الذي يقام كل عدة أشهر، كما ابتكرنا سوقاً عتيقاً للبيع الذي يقام شهرياً بـ"مشروع دمر" لتحقيق فرصة تبادل الأغراض الفائضة في المنازل وبيعها بأسعار رمزية، وقد لاقت الفكرة نجاحاً وتشجيعاً كبيراً من المجتمع النسائي السوري بكافة أطيافه».

وفي حديث مع "جاكلين فرح" المسؤولة عن مجموعة "إبرة وخيط" في "دمشق"، قالت: «تعرفت على الدكتورة "سحر" بكورال "النهضة" سابقاً، وقد زارتني بمنزلي عندما فقدت زوجي، وكان وضعي النفسي سيئاً، فلها دور كبير في خروجي من حزني وألمي، حيث بدأت بتدريبي وصديقتي "جمانة نعمة" بمنزلي في "مشروع دمر" على إعادة تدوير الأقمشة وابتكار مشغولات قماشية في غاية الروعة والجمال، كبداية لمشروع نسائي لإحياء حرفة الجدات، وبدأت نساء الفئة المثقفة من المجتمع السوري بتأكيد أهمية الفكرة، وتهافتن على تعلم الحرفة في الوقت الأصعب الذي كانت تمر فيه البلاد نتيجة ويلات الحرب وضغوطاتها، وقد كبر المشروع ولم يعد منزلي يستطيع استيعاب الأعداد المتزايدة من المشاركات ، فبدأت د." سحر" بخطوة جديدة لنقل المشروع إلى مجمع "دمر الثقافي".

بعض التصاميم من الأقمشة المستعملة

تعتبر واحدة من النساء اللواتي سعين بكل حب وود لتمكين المرأة من صنع الجمال من أشياء بسيطة بمتناول كل واحد فينا، وبالوقت نفسه هو حماية للاقتصاد المنزلي ومشاركتها في حماية البيئة بهدف إحياء الذاكرة السورية للحرف التراثية القديمة وتقديمها بقالب عصري».

يذكر أن د. "سحر البصير" مواليد "دمشق" 1961، وهي طبيبة أسنان تخرجت عام 1983، وعملت في جامعة "دمشق" كمشرفة على الشؤون التطبيقية خلال فترة الدبلوم، شاركت بالعديد من المعارض والفعاليات الثقافية.