بقلبها الكبير، وقدرتها على العطاء، استطاعت المحامية الأستاذة "خلود رجب" أن تسخر دراستها للحقوق في خدمة المجتمع، لتكون نموذجاً للمحامي غير التقليدي، والإنسان الفعال الذي يبذل قصارى جهده لنشر ثقافة التطوع، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للفئات المحتاجة، عبر العديد من المبادرات والمشاريع الهادفة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 20 تشرين الأول 2018، وعن دوافعها لدراسة الحقوق تقول: «دراسة القانون كانت رغبة واختياراً؛ لأنه علم فن إدارة الحياة؛ فمن لحظة ولادة الإنسان وحتى مماته والقانون يحكم حياته وينظمها، فهو الحاكم لكل الأمور، فما أجدر من شرف لمن ينتمي إليه للعمل في محرابه، والعمل على تنفيذه، وتحقيق العدل، وأهم دوافع دراسة القانون هو الحاجة إليه خصوصاً في ظل المشكلات وتضارب المصالح والأفكار حتى لا تكون المجتمعات هشة، فالتاريخ لا يزال يئنّ نتيجة الظلم المتراكم عبر تجاوزات اخترقها الطغيان البشري ليعتدي على حريات الآخرين، فكان لا بد من ضبط اجتماعي، وتنظيم الحريات عبر وجود القانون، والمختصون في هذا المجال مستأمنون على احتياجات أفراد المجتمع، وتحقيق العدالة، فعلينا إعداد شباب أكفاء قادرين على الحفاظ على شجرة العدالة في المجتمع ليستظل بها الجميع. وإلى جانب المحاماة أمارس العمل التطوعي لأنه من الأعمال التي تهذّب الشخصية، وترفع عنها عقلية الشحّ، وتحولها إلى الوفرة، وعليه تعزّز ثقافة العطاء وفعل الخير؛ فهو جهد يبذله الإنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للمساهمة في تحمل المسؤولية، وهو خدمة إنسانية ووطنية تهدف إلى حماية الوطن وأهله».

مشروع "سوسيت" خطوة مهمة نحو خطوات أكثر عمقاً، وهي تنمّ عن الجرأة وروح الشباب التي تتمتع بها "خلود"، وربما أختلف معها كاختصاصية فيما يتعلق بجوانب "الإعداد، والتمهيد، والجوانب الإجرائية"، لكنها مبادرة لفتت انتباه المجتمع، وتمّ التفاعل معها كثيراً في الواقع، وعبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأنتظر منها المزيد من المبادرات الجريئة، والتجذر أكثر في مجال الدعم النفسي الاجتماعي، وتنمية مهارات الشباب في هذا المجال

وعن تأسيسها جمعية "جذور"، تقول: «انطلاقاً من الظروف القاسية التي تعرض لها بلدنا الحبيب من الحرب ومخلفاتها التي طغت على الإنسان نفسياً، دفعني ذلك إلى إيجاد بصمة داعمة نفسياً لكثيرين، لتكون مساحة نور، واخترنا اسم "جذور" لأنه مرتبط بالأرض والثبات والنمو، لأن ما يميزنا كسوريين أصالة جذورنا الممتدة عبر التاريخ، والجذور الممتدة لا يصل إليها الصقيع، إضافةً إلى اختلاف آلية عمل الجمعيات خلال الأزمة، فكان لا بد من إعادة إعمار فكري للإنسان الذي هو عصب الحياة؛ أي إنني أسستها بدافع إنساني ووطني عام 2016 بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص المتضررين من الحرب، لدعمهم وإقامة المشاريع التنموية التي تدخل في صلب الدعم النفسي والتمكين، إلى جانب مشاركة المجتمع الأهلي كرديف للعمل المؤسساتي، وتكريس ثقافة العمل التطوعي الجاد، وكان للجمعية عدة مشاريع وفعاليات وحملات على مدار العام، ومنها المشاريع المستدامة، مثل معهد "التربية الخاصة للإعاقة الذهنية" التابع للجمعية بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث نقدم خدمات الرعاية الاجتماعية، إلى جانب مشاريع أخرى استهدفت المرأة الناجية من العنف، وتقديم التمكين والدعم النفسي لها، مع المشاركة في عدة معارض وبازارات ومهرجانات، التي تعدّ النافذة للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة، كان آخرها مهرجان "الشام بتجمعنا"، حيث كانت "جذور" الراعي الاجتماعي للمهرجان، والمشاركة في معرض "دمشق الدولي"، ومهرجان "قلعة حلب"، ومعرض "ديسنت" في "حمص" ضمن خطة توسيع عملنا للوصول إلى كافة المحافظات السورية».

أثناء التكريم

وفيما يتعلق بمشروع "سوسيت"، تقول: «هو مشروع رائد على مستوى "سورية" ضمن خطة الدمج الاجتماعي والتعرّف إلى قدرات وامتيازات أصحاب الاحتياجات الخاصة، وكان عبارة عن مقهى، يتألف كادر العمل فيه بالكامل من أصحاب متلازمة "داون"؛ بهدف إدخالهم إلى سوق العمل، والقياس النفسي على اليافعين وذويهم قبل وبعد التجربة، ومشروع "حكاية حلم" المتخصص بتنمية مواهب الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ من خلال التعريف بأهمية تلك الشريحة القادرة على إثبات نفسها بالقليل من الرعاية والاهتمام، واستنتجنا تغير نظرة المجتمع إلى تلك الشريحة، وقدم "سوسيت" اليوم في ثلاث محافظات سورية هي: "دمشق"، "حلب"، "حمص"، وعدد المستفيدين كبير جداً، ويهدف إلى إدخالهم ضمن سوق العمل، من نافذة "سوسيت" خرجنا بأكثر من 70 تقريراً "متلفزاً" من محطات عربية ومحلية وعالمية، وعدد كبير من الإذاعات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تحدثت عن المشروع، وهذا يؤكد نجاح الفكرة والوصول إلى الهدف المرجو منها، إلى جانب الراغبين الكثر بالانضمام إليه، واخترنا اسم "سوسيت" لأنه إسقاط لكل ما هو جميل وطيب ومفعم بالبراءة والطفولة، وعلى الرغم من الصعوبات التي نواجهها خاصةً في ظل الظروف الحالية، نحاول أن نوصل رسالتنا بكافة الوسائل، لنكون صوتاً حقيقياً لكافة الشرائح المهمشة؛ وذلك بالمحبة».

وعن الخدمات التي تقدمها الجمعية، تقول: «ضمن مركز "الإعاقة الذهنية لمجهولي النسب" نتكفل بتقديم كافة خدمات الرعاية الاجتماعية، داخل المركز (طبابة، إطعام، لباس، معالجة فيزيائية، دعم نفسي، تأمين كوادر ومشرفات)، ونحن بصدد فتح صفوف تعليمية ومهنية داخله، وهناك أيضاً مشروع "حضنك عافية"، الذي يقدم الدعم النفسي للأم وطفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحصلت في سياق العمل الإنساني على عدة شهادات تكريم منها تكريمي في "يوم الشباب العالمي" عن مشروع "سوسيت"، ومن قبل "غرفة التجارة" ولجنة "سيدات الأعمال" عن مشاركة الجمعية في ماراثون "الشام بتجمعنا"، ومن قبل "الغرفة الفتية الدولية" في مسابقة "الشباب العشرة الأكثر تميزاً حول العالم" مطلع شهر تشرين الأول 2018، عن فئة "العمل مع الأطفال وحقوق الإنسان"، "السلام العالمي"».

مع فريق مشروع "سوسيت"

من جهتها الدكتورة "فاديا بله" المتخصصة في علم نفس النمو، والأستاذة في كلية "التربية" بجامعة "دمشق"، تقول عنها: «منذ سنة تقريباً تعرّفت إلى المحامية الأستاذة "خلود رجب" رئيسة مجلس إدارة جمعية "جذور"، وكنت قد سمعت في السابق عن نشاطات الجمعية عن طريق طلابي؛ وهو ما أثار فضولي لمعرفة المزيد عنها، وتواصلت مع أحد الأعضاء المؤسسين في الجمعية، وتطوعت مع مجموعة من الطلاب للمساهمة في نشاطاتها بما يتفق مع تخصصي في الإعداد والتدريب، وعندها قابلتها، فوجدت إنسانة نذرت نفسها باختصاصها وإنسانيتها وروحها لخدمة الدعم النفسي الاجتماعي، فهي محامية غير تقليدية توجهت بروح القانون نحو الفئات المستضعفة، والناجين من العنف، وذوي الإعاقة العقلية، ومجهولي النسب، ودافعت عنهم، هي إنسانة معطاءة، طموحة، توجهت من خلال مبادرات متنوعة، منها مبادرة "حبة بركة" في شهر "رمضان" المبارك، وهي مبادرة متميزة خلال الأزمة، قدمت من خلالها الطعام عبر المتطوعين، وذكرتني بموائد الرحمن في "القاهرة"، إلى جانب المبادرات المتنوعة التي حققت العديد من الأهداف، كنشر ثقافة التطوع بين الشباب، ومنحهم الفرصة الحقيقية لخدمة وطنهم، وبلورة الشعور بالإنتماء والقدرة على العطاء».

وتتابع حديثها قائلة: «مشروع "سوسيت" خطوة مهمة نحو خطوات أكثر عمقاً، وهي تنمّ عن الجرأة وروح الشباب التي تتمتع بها "خلود"، وربما أختلف معها كاختصاصية فيما يتعلق بجوانب "الإعداد، والتمهيد، والجوانب الإجرائية"، لكنها مبادرة لفتت انتباه المجتمع، وتمّ التفاعل معها كثيراً في الواقع، وعبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأنتظر منها المزيد من المبادرات الجريئة، والتجذر أكثر في مجال الدعم النفسي الاجتماعي، وتنمية مهارات الشباب في هذا المجال».

من مبادرة حكاية حلم

الجدير بالذكر، أن "خلود رجب" من مواليد "دمشق" عام 1985، حاصلة على إجازة في الحقوق من جامعة "دمشق" عام 2008، درست إدارة الأعمال والتدريب على الملاحة الجوية في معهد متخصص، وحصلت على شهادة "آياتا للطيران" عام 2005، تعمل حالياً محامية إلى جانب رئاسة مجلس إدارة جمعية "جذور".