بين دراسته لهندسة الزراعة ومواهبه الأدبية والفنية استطاع أن يحجز لنفسه مكاناً بين صفوف الشباب الموهوبين المثقفين؛ من خلال نشاطاته المتنوعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت المهندس الزراعي والشاعر "معتز النابلسي" في منزله بـ"دمشق" منطقة "ركن الدين" بتاريخ 10 كانون الثاني 2016؛ حيث تحدث عن حياته قائلاً: «ولدت عام 1980، ونشأت في حي "الصالحية" الدمشقي ضمن بيئة محافظة، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية دخلت كلية الهندسة الزراعية بجامعة "دمشق"، وكان اختياري لهذا الفرع عن قناعة لأنه يلامس شيئاً من شخصيتي المحبة للطبيعة، نلت الماجستير سنة 2007، وحالياً أعمل بدور الرقابة على الغذاء واللحوم ومؤسساتها المختلفة من معامل غذائية ومصانع الكونسروة والمطاعم، وغيرها من مسالخ اللحوم الحكومية والخاصة، إضافة إلى مواهبي التي أوظفها في الشعر والتلحين».

أؤمن بالعمل التطوعي وأحبه كثيراً، ولا يُشترط بالعمل التطوعي أن يكون في مجال هواياتنا ودراستنا، وبالتأكيد يمكن للشخص الجمع بين الدراسة والموهبة إذا كان مؤمناً بذاته وإمكانياته وعمله

وعن مواهبه يتابع: «بدأت موهبة الشعر عندي بعمر السابعة، وكنت أميل إلى الشعر الصوفي بمدارسه ومذاهبه، إضافة إلى الشعر الوطني والشعر الملتزم بالقضية الفلسطينية، لكنني لم ألتزم بنوع محدد وجربت الكتابة بما يتعلق بمدارس الشعر الأندلسي الملتزم، والغزل العذري، وكان لأهلي دور كبير بتشجيع موهبتي، وأول شيء كتبته قصيدة عن هجرة النبي "محمد" للمدينة أذكر مطلعها: "يا يومَ هجرةِ أحمدٍ لمَّا غَدَتْ... أمُّ القُرى للمؤمنين مَخاوفا".

خلال إحدى مشاركاته الأدبية

وقصيدة عن القدس كتبتها في الثامنة من العمر منها: "أنا يا قدسُ ما أصبحتُ إنساناً... بلا أُذُنِ

شراييني وأوردتي... وكلُّ عروقي في بدنيْ... تحاولُ أنْ تهيّجنيْ".

معتز النابلسي العازف.

ومن قصائدي الوطنية قصيدة "أوا وطني"، ومنها: "أنا السوريُّ فلتعلم جراحي ليس تؤلمني

فإن رمت المزيد أنا... سليلُ اللحدِ والكفنِ".

الباحث مروان مراد.

والحقيقة ليس لدي إصدارات أدبية لأنني بصراحة لا أسعى إلى ذلك في الوقت الحالي؛ على الرغم من الكم الكبير من الأشعار التي كتبتها وعرفها الناس».

عن نشاطاته ومشاركاته يضيف: «بداية مشاركاتي الأدبية كانت خلال المراحل الدراسية، وبعد ذلك بدأت مشاركاتي ونشاطاتي الأدبية بأمسيات شعرية في المراكز الثقافية، إلى جانب المشاركة بعدد من المنتديات الخاصة وبعض الصالونات الأدبية، وكان أهمها في "دار الأوبرا"، وقد قدمت هذه المشاركات الكثير لي من قوة الحضور على المنبر ومقابلة الجمهور والاستماع إلى آرائهم بما أقول، وقد نلت إثرها الكثير من القبول والمعارف والأصدقاء».

تعلق بالموسيقا واكتشف موهبته بالتلحين فطوّرها بالعلم وامتلك أدواتها واستثمرها ليرى الجمهور أعماله، حيث قال: «بدأت موهبة التلحين في سن الثانية عشرة، فأنا أكتب الشعر الوطني والصوفي وأقوم بتلحينه على آلة العود وفق النوتة الموسيقية؛ لأنني درست الموسيقا أكاديمياً، وأحمل ماجستيراً في التلحين، ومن أهم أعمالي أغنية "سينجلي الغسق"، و"الوصلة الأندلسية الصوفية في حب طه"، وقد قمت بتسجيلهما وتقديمهما للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ولم يقتصر عملي فقط على التلحين حالياً؛ حيث أقوم بتدريب وقيادة فرقة "أتار" الموسيقية للغناء الوطني والصوفي، وأقوم بالكتابة والتلحين والتوزيع لجميع أعمال هذه الفرقة».

وعن رأيه بالأعمال التطوعية والجمع ما بين الدراسة والموهبة يقول: «أؤمن بالعمل التطوعي وأحبه كثيراً، ولا يُشترط بالعمل التطوعي أن يكون في مجال هواياتنا ودراستنا، وبالتأكيد يمكن للشخص الجمع بين الدراسة والموهبة إذا كان مؤمناً بذاته وإمكانياته وعمله».

تم تكريمه في عدد من الدول العربية، لكن التكريم الذي يناله في وطنه هو الأساس برأيه؛ حيث يعرّفه مؤكداً: «هو بادرة لطيفة تنم عن اللطف والذوق، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله، لأن التكريم له دور بدفع المتميزين إلى الأمام واستفزاز مواهبهم، واستنهاض هممهم للرقي بالمجتمع نحو الأفضل، وقد تم تكريمي بعدد من المهرجانات في "سورية"، وفي مهرجانين صوفيين في "المملكة الأردنية"، ومهرجان وطني في عاصمة الفن العربي "القاهرة"».

يبقى الكتاب الجليس الذي لا غنى عنه؛ فهو الونيس المعلم الصديق في كل زمان ومكان، يقول عن تلك العلاقة: «الكتاب حالة رائعة من الانفراد مع الذات لتعليمها وتثقيفها، وعلاقتي معه متوسطة الدرجة؛ على الرغم من حبي له، وذلك بسبب الانشغال الدائم بالعمل، وبوجود المعلوماتية ضعف الارتباط بالكتاب وأصبح فكر الجيل الشاب متأثراً بصفحات "الفيسبوك" ومعلوماته ذات المصداقية المعدومة، ومن هنا أوجه رسالة إلى جيل الشباب أن عليه النهوض بأخلاقه حتى يستطيع أن ينهض بثقافته وفكره؛ لأن الثقافة والأدب والعلم مرآة الأخلاق».

عنه قال الباحث "مروان مراد": «اسم لامع في موكب العطاء الفكري، احتل مكانة مرموقة في السنوات القليلة الماضية كواحد من جيل الشعراء الشباب الذين أغنوا ساحة الشعر بعطاء متميز في الشعر الوطني والوجداني والصوفي، معبراً بذلك كله عن روح شفافة، وفكر متسام، إضافة إلى تمكنه من مخاطبة الجمهور بإلقاء حار، وحضور مبهر، ولهذا حظي بتقدير الآخرين واعتزازهم بهذا الصوت القوي المبشر بعطاء خير».

بدوره الدكتور "خالد العسس" أستاذ بكلية الهندسة الزراعية - قسم الوقاية، قال: «هو من المهندسين الأكفاء الذين تخرجوا في جامعة "دمشق" وعملوا بمجال دراستهم، عرفته في الكلية طالباً مهذباً ومجداً في دراسته، كنت مشرفاً على مشروع تخرجه، وأعرف الكثير عن مواهبه المتعددة».