القيمة الإنسانية في العطاء هي الدافع الأساسي للمربي "جورج حداد" لتوظيف مهاراته وما نتج عنها من حالات اجتماعية في التعليم من دون مقابل، حتى إنه توجه إلى نشر هذه القيمة كحالة إنسانية واجبة على كل ذي قدر.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 أيلول 2015، المربي الفاضل "جورج حداد" ليطلعنا عن بداياته مع التدريس، خاصة أن هذه المهنة لديه اتسمت بأغلبها بالعطاء من دون مقابل: «البدايات كانت قبل التخرج في حالة كنت شغوفاً بها وتبلورت بعد أن تخرجت في جامعة "دمشق" كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية عام 1972، حيث إنني ومنذ كنت طالباً في الجامعة اتجهت إلى مهنة التدريس لأنني أعشق العطاء، وهذا من دون مبالغة أو مواربة، وهذا شيء في داخلي أستمتع به لأنه يمنحني شعوراً آخر قد أبحث عنه في بعض الأحيان وأجده في هذا المجال، فهو بالنسبة لي حالة إنسانية، وقد تبلورت هذه الحالة بعد التخرج والتخصص باللغة الإنكليزية؛ وكأنني وجدت ضالتي في مهنة التعليم أو ما يمكن القول عنه تحقيق رغبة إنسانية جامحة».

الأستاذ "جورج" رائع ومعطاء محبّ للعلم وطالبيه، وله فضل عليّ أنا شخصياً، حيث قدم لي المساعدة ومنحني باقة رائعة من المعلومات كانت لي عوناً لاستكمال دراستي الجامعية، والمعلومات القيمة التي قدمها لي كانت سبب تخرجي في الجامعة، وعلى الرغم من عدم معرفته بي ساعدني ولايزال حتى اللحظة يقدم لي العون والمساعدة

يؤكد المربي الفاضل "جورج" أن في العطاء قيمة إنسانية تشعره بقيمته كإنسان، وهنا قال: «لم أنتظر يوماً من أحد رداً على شيء أعطيه، لأن ما أعطيه يمنحني شعور الإنسان، لذلك تراني أندفع بلا شعور عندما أدرك أنني قادر على منح شيء فكري تنويري لغيري، وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها مجتمعنا، والتي تكاد تفقد الإنسانية قيمتها، حتى إنني في بعض الأحيان أنتظر طلباً من أحد، بل أكون مبادراً من ذاتي تجاه العطاء، لأن منهم من يعتريه شعور ما، يمنعه من الطلب على الرغم من الحاجة، وهذا يمكن أن يكون في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية الفكرية».

المدرسة نعمى سليمان

لقد كان لما يقدمه في المجال التعليمي انعكاسات اجتماعية، فكانت هذه الانعكاسات ركيزة بالنسبة له، على الرغم من أن أغلبها ضمن العالم الافتراضي، وهنا قال: «اجتمعنا مجموعة من المدرّسين والمدرّسات الاختصاصيين باللغة الإنكليزية وطلبة العلم والمعرفة بهذا الاختصاص، ضمن العالم الافتراضي عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكنت مشرفاً على الصفحة مع المدرسة "نعمى سليمان"، وقدمنا جلّ وعصارة تجربتنا التدريسية للأعضاء الطلبة من مختلف الأعمال والمراحل التعليمية، وهذا خلق حالة اجتماعية متميزة فيما بيننا أساسها العطاء من دون مقابل.

وإن طبيعة العطاء كوّنت حالة إنسانية ساهمت في تضاعف أعضاء الصفحة، إلى جانب الخبرات التدريسية المساهمة التي تقدم الخدمات التعليمية للأعضاء من دون مقابل أيضاً، وبهذا نكون جسدنا حالة اجتماعية ضمن هذا العالم الافتراضي وكأننا أسرة واحدة.

المدرس جورج حداد

فالطلبة مثلاً وجدوا من يمدّ لهم يد العون، ويعطيهم خبرة سنوات طويلة من العمل التربوي، وكأنه أب يقدم العطاء لأفراد أسرته من دون تقصير، ودوري هنا يتجسد بمنحي الإحساس بالعائلة الواحدة، حصدت نتائجه عبر العلاقات الشخصية التي كوّنتها، والتي أدخلتني في صلب حياة كل طالب تقريباً، بهمومها ومشكلاتها وفرحها وسعادتها، حتى إنني أساهم بالنصح والحل».

ويتابع المدرّس "جورج": «كان لدي طالبة جامعية تحمل مادة تخرج منذ ثلاث سنوات، لم تجد من يزودها بمراجع الأدب العالمي، فطلبت مني ذلك لكوني لم أعلم مشكلتها سابقاً، فقمت بإرسال عدة مراجع إليها عن المادة، وهو ما مكنها من التخرج بسهولة، وهنا تعزز الرابط الإنساني والوطني بيني وبين هذه الابنة الشابة. وهناك حالة أخرى وهي غيض من فيض بدأت بعد تحدث والد أحد طلابي إلي شارحاً خجل وانطوائية ورهبة ولده طالب المرحلة الإعدادية من المدرسة وبعض مدرسيها الذين يظهرون الشدة في التعليم، وأنه يريد التخلي عن التحصيل العلمي نتيجة ذلك، فسارعت حينها وتوجهت إلى زملائي بوجه خاص شارحاً الأمر لهم، ورجوت منهم بروح الصداقة الاهتمام به ورفع روحه المعنوية، ثم كلفته بعمل قيادي بالمدرسة كمسؤول انضباط ومراقب وما إلى ذلك، لاستعادة ثقته بنفسه ونجحت بذلك وأعدته إلى الحياة، وهو حالياً طبيب أسنان يختص في الخارج».

وفي لقاء مع المدرسة "نعمى سليمان" قالت: «تضم مجموعتنا الافتراضية نخبة من المدرّسين الاختصاصيين؛ ومنهم المدرّس "جورج حداد"، الذي لم يوفر جهداً إنسانياً إلا وقدمه من دون مقابل وخاصة فيما يتعلق بالمراحل التعليمية العليا، فهو إنسان بعطائه وحديثه وهدوئه، ولا أنكر أنه ساهم بما تمتع به من عطاء وإنسانية وعلاقات اجتماعية بجذب الكثيرين من الطلاب والمدرّسين أيضاً».

وفي لقاء مع "ياسمين اسماعيل" طالبة سابقة حققت الفائدة من خبرات ومهارات المدرّس "جورج حداد"؛ حيث كانت له بصمة جميلة بالنسبة لها، وهنا قالت: «الأستاذ "جورج" رائع ومعطاء محبّ للعلم وطالبيه، وله فضل عليّ أنا شخصياً، حيث قدم لي المساعدة ومنحني باقة رائعة من المعلومات كانت لي عوناً لاستكمال دراستي الجامعية، والمعلومات القيمة التي قدمها لي كانت سبب تخرجي في الجامعة، وعلى الرغم من عدم معرفته بي ساعدني ولايزال حتى اللحظة يقدم لي العون والمساعدة».

يشار إلى أن المربي "جورج حداد" من أهالي وسكان مدينة "دمشق"، وهو من مواليد عام 1948.