"يوسف البوشي" من الفنانين السوريين الذين عاشروا جيل "المدرس" واستمدوا من ريشته الكثير ليبدعوا ويستمروا في مسيرتهم التشكيلية، هو فنان تشكيلي تربى في ريف "دمشق" وكتب عنها الكثير بريشته الواقعية التي استفادت من مدارس فنية عديدة.

موقع "eSyria" بتاريخ 15/9/2009 التقى بالفنان التشكيلي "يوسف البوشي" بمرسمه في منطقة "قدسيا" الخضراء التي مازالت تمده بالكثير من الألوان ليبدع أكثر، وعن بداياته قال: «في بداياتي خضعت لدروس في مركز "أدهم إسماعيل"، وبعدها قدمت على مسابقة في كلية الفنون ودخلت الكلية سنة 1981 وتخرجت منها في عام 1985وكنت الأول على الكلية وتعينت معيد فيها، ذهبت بعدها بفترة إلى "مصر" وذلك في عام 1992 فأخذت الماجستير في 1995 والدكتوراه في 1998، خلال فترة دراستي كان هناك بعض النشاطات كالمعارض».

شاركت بأعمالي في نادي "القاهرة" الدولي الرابع ونادي "القاهرة" الدولي الخامس، وأخذت في نادي "القاهرة" الرابع جائزة شرفية جائزة أولى، وأقمت عدة معارض فردية هناك، وفي عام 1998 رجعت إلى كلية الفنون الجميلة بدمشق وتعينت عضو هيئة تدريسية فيها

يتابع "البوشي": «شاركت بأعمالي في نادي "القاهرة" الدولي الرابع ونادي "القاهرة" الدولي الخامس، وأخذت في نادي "القاهرة" الرابع جائزة شرفية جائزة أولى، وأقمت عدة معارض فردية هناك، وفي عام 1998 رجعت إلى كلية الفنون الجميلة بدمشق وتعينت عضو هيئة تدريسية فيها».

أما عن طبيعة أعماله يقول: «بعد أن تخرجت كانت أعمالي عن الواقع الانطباعي وأغلب موضوعاتي كانت عن المناظر الطبيعية باعتباري ابن منطقة ريفية هي "قدسيا"، أغلب لوحاتي كانت تحمل السمة الواقعية الانطباعية إلى أن سافرت إلى "مصر" فلم أجد في "القاهرة" سوى الأبنية والأضواء وصخب وحركة المدينة، أصبحت هناك أؤلف من مخيلتي مواضيع تعبيرية أسترجعها من الذاكرة من بعض المناظر التي رسمتها فيها، كنت أرسمها بحيث تحمل سمة تعبيرية وفي مرحلة أخرى أدخلت إليها الشخوص، وتوافق هذا الشيء مع موضوع الدكتوراه التي أخدتها فقد كانت عن التعبيرية، هذا الشيء دفعني أكثر لأبحث في الجانب التعبيري فتخلل أغلب لوحاتي، وكانت أغلبها عن الإنسانية والوجود، فالوجود أحمّلها معاني الحزن والقلق والفرح والألم، والإنسانية تتحدث عن الواقع الإجتماعي وضغوطات الحياة».

وعن رحلة ريشته بعد عودته من "القاهرة" إلى "دمشق" العاصمة السورية يقول: «بعد أن عدت إلى سورية استمريت بالعمل في الجانب التعبيري، فأنا من النوع الذي لا يحب القولبة، وريشتي دائماً تتمركز مع التجدد والاستمرار، فبدأت منذ ذلك أعمل على موضوع التراث والأعمال الشعبية، كـ"قطع الأقمشة، اللحف، البقج، الحصيرة والرموز"، وكل ذلك كان مستمداً من الذكريات التي قضيتها مع جدتي التي كانت تعمل في الخياطة وكنت أرافقها في جميع أعمالها».

في مرسمه

يتابع "البوشي": «هذه الأشياء مازالت في ذاكرتي وحاولت أن أرجع إليها واستفدت منها في لوحات جديدة، وإلى الآن أعمل في هذا الجانب ومن الممكن أن أتوقف إن ظهرت فكرة جديدة فأنا لست مع الأسلوب الواحد، ففي البصمة الفنية الإبداعية يجب أن يكون هناك تجديد ضمن الإطار نفسه، وبالتالي أن لايوجد هناك تكرار في اللوحات».

وعن المدارس الفنية التي يتبع إليها التشكيليين يقول "البوشي": «الفنان يميل لمدرسة ما حسب رؤيته للأمور أو تكوينه في البداية، وبمحبته للريشة واللون يكتشف أي جانب أقرب إليه ويحاول أن ينميه، لا توجد هناك مدارس حالياً، فاللوحة الآن تحمل أكثر من مدرسة برأي، وأهم شيء أن يكون لدى الفنان الصدق فأكثر شخص يعرف بأن اللوحة تحمل شيء جديد هو الفنان نفسه، هو وحده الذي يعرف إن كانت صادقة أم لا، وطالما أن اللوحة فيها صدق فستصل إلى الجمهور بكل بساطة وصدق، بعض الهواة يستخدمون التجريد لأن الأسس ضائعة عن الناس الغير مختصة، بينما الواقعي واضح فالشخص يمكن أن يقرأها المتلقي أكثر من التجريدي، فطريقة التجريد هو أسهل للناس الغير متمكنة واقعياً، فهو طريق سهل للهروب».

من ذكرياته

وعما إذا تأثر بأحد من الفنانين المعروفين العالميين منهم والسوريين يقول: «تأثرت ببعض الأساتذة في الكلية كالأستاذ "نصير شورى" الذي كان له تأثير كبير علي خاصة في المرحلة الأولى التي عملت فيها بالمجال الانطباعي فهو كان كان يشجعني كثيراً، ولا أنسى هنا الفنان السوري العظيم "فاتح المدرس" الذي كان له دور كبير في بعض أعمالي أثناء الدراسة في الكلية، كانت ريشته تحمل ملامح التجديد كنت أخرج خلالها عن الإطار الواقعي فكان يشجعني عليها ويمدني بالكثير».

عن الفرق بين الرسم والفن يخبرنا "البوشي" وهو يرجع بذكرياته أيام "المدرس" و"شورى": «بالنسبة لتدريس الفن هنا ليس كل فنان مدرس، المفروض على الطالب أن يسعى باتجاه الأستاذ أو المدرس خاصة في موضوع الفن، فالرسم يمكن أن يتعلمه الطالب أما الفن ليس له تعلم، الرسم يعتبر أبجدية للفن يمكن لأي شخص أن يتعلم الرسم ولكن ليس كل من يرسم فنان، من المفروض على المدرس أن يأخذ بيد الطالب أي لا يقولبه بأسلوبه، يجب أن يعطي للطالب شخصيته أن يرفعه خطوة خطوة ولا يبدأ فوراً بالعقل لأن الطالب ممكن أن لا يستوعب ذلك ومنذ البداية».

يتابع "البوشي": «إنني أرسم لكل شيء أستمتع أنا فيه، أرسم للمتعة للفرح وللطبيعة، فليس همي موضوع البيع، ريشتي تفوق تلك الحواجز وترحل متحلقة بألوانها عالياً لترسم وتبدع ما في مخيلة "البوشي" وتجسدها على تلك اللوحة، فكل فنان يطمح أن يكون الأفضل والفنان يعرف إن كان صادق مع عمله أو لا، فأنا أسعى دائماً إلى تقديم ما أقتنع به، لدي أعمال كثيرة لا أستطيع بيعها لأنها قطعة مني ومن ريشتي».

أما عن فكرة المشاركة في المعارض الفردية والجماعية يقول "البوشي": «أشارك في المعارض من فترة إلى أخرى، وأنا هنا مع فكرة المعارض الجماعية أكثر من المعارض الفردية، لأنه وللأسف الشديد المعارض الفردية مكلفة لدينا، ومالعارض الجماعية تمنحك لأن تقارن لوحتك وفكرتها باللوحات الأخرى بجانبك وتجعلك تبدع أكثر في المرات القادمة».

أما عن الحركة التشكيلية السورية ووضع كلية الفنون الجميلة في دمشق برأيه يقول الفنان "يوسف البوشي": «الفن التشكيلي السوري يقدم نتاج من أهم النتاجات في الوطن العربي، و"دمشق" هي محطة جميلة لمعظم الفنانين السورين والعرب منهم، أما عن مسألة العقود التشكيلية التي دخلت الساحة التشكيلية في الفترة الأخيرة، فأنا هنا ضد الاحتكار ومع العقد بحيث يكون هنالك حرية للفنان، المناخ لو كان مناسب كفترة السبيعنات كانت هذه العقود ممتازة، لأنه في هذا الوقت تقتصر الفائدة على بعض الأشخاص كما أن الوضع الاقتصادي لايساعد أغلبية الفنانين ليصلوا إلى هذه المرحلة، فتقتصر على بعض الأشخاص فقط».

يكمل "البوشي": «كلية الفنون الجميلة بـ"دمشق" تحتاج إلى مخابر أكثر، كما أنها صغيرة ولاتوجد أماكن لإحداث شعب أكثر، كل سنة يتخرج في دمشق 200 فنان وهذا ليس لصالح رقي الفن التشكيلي يجب أن يتقلص العدد إلى النصف، ففي دول أوربا العدد محدود وخلال دخولك لإحدى الأقسام تلاحظ أن عددهم لا يتجاوز العشرين، أما عندنا فللأسف علامة البكلوريا هي التي تقرر فتضيع الموهبة، وهنا يجب أن نتوجه إلى النوع قبل الكم لنبدع بريشتنا ونرتقي بلوحة "المدرس" و"شورى" إلى مراحل أفضل، فهم وضعوا الأساسات وعلينا أن لا نهملها ونبدع ببنائها».