«صبيحة يوم "حزيراني" ساخن لعام يشكل عام الولادة ليس بالنسبة لي كفتاة بكر لأسرة صغيرة بل عام الولادة لبلد طالما عانى الظلمة ليبقى عام 1970 شارة نصر ووساماً يشعرني بالزهو كلما سألت عن مواليدي لأقول: دمشق 6/6/1970»

بهذه الكلمات ابتدأت حديث الأديبة "ليلى صعب" لموقع eSyria بتاريخ 17/9/2009 وتابعت تقول : «سماني والدي " ليلي " يتمناً بحبها لأول وبقى الحب يقطر من فمه كلما ناداني فكنت باكورة الحلم لزوجين غادرا القرية النائية في جنوب "سورية" بحثاً عن سبيل العيش وسعياً وراء الطموح لرب الأسرة ذي الثالثة والعشرين وأم ذات عشرين ربيعاً في أكناف منزل من المنازل التي تتسلق سفح "قاسيون" نشأت، فانطبعت صورة "دمشق" مدينة خالدة في بالي، وحامت أعيني الصغيرة تبحث عن حمائم الأموي في سمائها، وتحصي مآذنها الخضراء المضاءة ليلاً، كنت حلم والدي وكان قدوتي وأنا أراه يغادر قريته بشهادة ابتدائية ليثابر على الدراسة فينال الاعدادية والثانوية والجامعية والعليا وهو أب لستة أطفال ومقاتل في الجيش العربي السوري يخوض ثلاث معارك حاسمة في تاريخ وطنه، ثم يفيء مساءً إلى دفاتره يكتب الشعر، ويلمّ أولاده الستة تحت جناحيه ويحلم بغد أجمل».

قد يتخلل الحياة الكثير من المعاناة من فقر واضطهاد اجتماعي، لكن الأهم في الحياة هو الحب الصادق والمصداقية في التعامل إذ عندما يكون الزوجين في اتفاق كامل يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة الكثير من معوقات الحياة، وهذا كنا أنا و"ليلى" فقد واجهنا ظلمات العادة بإضاءة شمعة الحب وإذا تم نجاح في حياتنا فهو ناتج عن توافق القلوب والعقول، لأنها شاعرة وأديبة وتعي البعد الثقافي بإدراك قل نظيره لامرأة عانت ما عانته من مرارة المجتمع، الذي يتمتع بالمحافظة على منظومة القيم والأعراف

وتابعت السيدة "ليلى صعب" بالقول: «درست في مدارس "دمشق" الابتدائية وانتقلت الأسرة إلى منطقة "قطنا" فمن كنف "قاسيون" إلى كنف "جبل الشيخ" حيث أكملت الدراسة الاعدادية ثم الثانوية التي كانت نقطة انعطاف حاد في حياتي كانت الخطوة الأولى وأنا اجتاز أعتاب كلية الآدب لأدخل إلى قسم اللغة العربية التي طالما كانت حلمي الوحيد وكلمات والدي ترن في أذاني ولم أتجاوز الثاني وهو يداعبني على حضنه "غدا ستكبرين ياليلي، وتدخلين الجامعة لتدرسي اللغة العربي فتصححي لوالدك قصائده"، لتزامن هذه الخطوة مع انتقالي إلى مرحلة جديدة من حياتي نقلتني بالزواج من المدينة إلى الريف، فتحولت الفتاة الصغيرة بين ليلة وضحاها إلى سيدة تدخل أجواء اجتماعية وحياتية جديدة في بيئة لا تعرف شيء، عند هذه النقطة بدأت شخصية جديدة بالتأثير في حياتي هو الزوج شاب مثقف ابن أسرة فلاحية واعية قياساً بمجتمعها يستند إلى إرث من المكانة الاجتماعية التي بنتها أسرته من خلال النضال وخدمة الناس، معا اتفقنا على مفردات الحياة وبدأت المعركة على جبهات عدة أولها متابعة الدراسة في ظل بيئة تعتبر المرأة مكانها المنزل وتربية الأطفال وثانيها، بناء الأسرة ومتطلبات منزل واسع بما يحتاجه من تدبير، أما المعركة الأهم فهي إثبات الوجود في مواجهة مجتمع ريفي، فعملت على مدى سنوات على التغيير في نسيج المجتمع فكنت أول امرأة عضو عامل في الحزب تحضر الاجتماع الحزبي منفردة بين الرجال، أعدت إحياء وحدة الاتحاد النسائي في القرية فكانت نواة لحالة من الوعي الاجتماعي أدى على مدى سنوات إلى تغيير في نظرة المجتمع للمرأة، ففتحت أول دورة لتعليم كبيرات السن ومحو الأمية وعدد كبير من الندوات الصحية والقانونية التي ساعدت على نشر الوعي، لنقوم بعدد من النشاطات النوعية الترفيهة كالرحلات والحفلات الفينة التي أقيمت للمرة الأولى بمشاركة النساء، ومن خلال العمل النسائي في القرية والحراك الاجتماعي وصلت إلى قيادة رابطة "قطنا" للاتحاد النسائي فرئيسة رابطة "قطنا" لينتقل هذا النشاط من القرية ليعم قري المنطقة ويعتبر الإنجاز الأهم في حياتي على مستوى القرية هو "روضة الأطفال" التي تستوعب ما يزيد عن 150 طفل».

الأستاذ محمد الحجلي

وأوضح الأستاذ "محمد حسين الحجلي" زوج السيدة "ليلى صعب" قائلاً: «قد يتخلل الحياة الكثير من المعاناة من فقر واضطهاد اجتماعي، لكن الأهم في الحياة هو الحب الصادق والمصداقية في التعامل إذ عندما يكون الزوجين في اتفاق كامل يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة الكثير من معوقات الحياة، وهذا كنا أنا و"ليلى" فقد واجهنا ظلمات العادة بإضاءة شمعة الحب وإذا تم نجاح في حياتنا فهو ناتج عن توافق القلوب والعقول، لأنها شاعرة وأديبة وتعي البعد الثقافي بإدراك قل نظيره لامرأة عانت ما عانته من مرارة المجتمع، الذي يتمتع بالمحافظة على منظومة القيم والأعراف».

ثم تابعت الأديبة "ليلى صعب" قائلة: «في مواجهة هذه الظروف لم أكن لأتمكن من شق طريقي وتحقيق ذاتي بإنهاء دراستي الجامعية رغم بعد المكان والواقع الاجتماعي الصعب الذي مازال يحدد من حرية المرأة لولا وجود زوجي بجانبي يحثني على العمل ويدفعني للدراسة والتحصيل والمشاركة في النشاطات على مستوى القطر ومن الشخصيات المحورية التي أعانتني في هذه المرحلة. هو عمى والد زوجي "حسين فارس الحجلي" الذي يتمتع رغم تقدمه بالسن بدرجة من الوعي الاجتماعي جعلته لا يعير انتباهاً لما يعتقده المجتمع من تهميش لدور المرأة فيقف إلى جانبي ويشجعني يشد من أزري كلما اشتدت الضغوط حولي فيفرح لفرحي عند كل انجاز ويقوي من عزائمي لحظات الضعف وما أكثر ما أثار هذا الإنسان دهشتي وإعجابي بوعيه وبما يقصه علي في ليالي الشتاء من قصص النضال التي عاشها بين أكناف قريته وقصص الثورة السورية وحكايا الحياة الاجتماعية التي مرت على هذه القرية الوادعة ولازال حتى الآن قدوة بكرمه الشديد فلا يمر بالقرية بائع جوال أو عابر سبيل إلا ويذوق طعامه».

شهادة الشكر والعرفان

يذكر أن أن أسرتها تتكون من ثلاث فتيات بأعمار 13-15-20 يمارسن هوايات موسيقية وفنية من رسم وفسيفساء، وهي أيضاً تمارس هواية الأعمال الفنية وتدوير النفايات، والإكسسوار المنزلي، ولها فقرة تلفزيونية تتعلق بالأشغال اليدوية موجهة لربات المنازل على الفضائية السورية، تكتب المقالة والقصيدة ولها بعض المنشورات حول مواضيع تتعلق بالمرأة والطفل في مجلة المرأة العربية وقصائد شعرية في ملحق الثورة والثقافة الأسبوعية للأستاذ "مدحت عكاش"، وعدد من المشاركات الثقافية في المراكز الثفافية في "سورية" وقد حازت على جائزة ميسلون للإبداع الأدبي لعام2001، شكر وعرفان من الاتحاد العام للمرأة "السودانية"والمركز الإقليمي للتدريب النسائي.

الشيخ حسين الحجلي