حتى الأطفال كان لهم نصيبهم من احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية /2008، التي استطاعت أن توجد لهم على برنامجها أنشطة غنية بالمتعة والفائدة ركّزت على استكشاف مكامن الإبداع في شخصية الطفل السوري.

الطفل الذي يمكن أن يبني عالمه شعراً، أو يكتب النصوص المسرحية، ويتذوق الفن الراقي للسيدة "فيروز"، ويرسل صوته وأصوات مدينته إلى العالم عبر البطاقات البريدية الصوتية، ويغرس الياسمين والنارنج باسمه أشجاراً للذكرى في حدائق "دمشق".

تجربتنا في احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية /2008/ تؤكد أنه بإمكاننا إقامة أنشطة ثقافية نوعية موجهة للأطفال، لكننا بحاجة إلى كادر يفكر في الطفل واهتماماته بطريقة صحيحة، وعندها سنخلق أنشطة جيدة ومركزة تستهدف الطفل، وبأقل ميزانية ممكنة..

الطفل الذي يقرأ و يلعب ويكتشف العالم في "صندوق الدنيا"، ويرسم أحلامه على الورق ويطيرها بعيداً إلى حدود السماء الزرقاء.

خلال ورشة تصنيع الطائرات الورقية خلال شهر /10/2008

هذا البرنامج الغني والمتنوع من الأنشطة ، والذي تم إعداده خصيصاً للطفل أعدته "رفيف الساجر" مبرمجة أنشطة الأطفال في احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية/2008.

"رفيف الساجر": خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الدراسات المسرحية، وخريجة قسم علم النفس في كلية التربية بجامعة "دمشق"، وتحضر لرسالة الماجستير في اختصاص تربية الأطفال.

موقع "eSyria" التقى "رفيف" في مقر فريق عمل الاحتفالية بمجمع "دمّر" الثقافي، وكان لنا معها الحديث التالي حول اختياراتها لأنشطة الأطفال خلال عام "دمشق" الثقافي، وعن ذلك قالت: «كانت أنشطة الأطفال كتلة قائمة بحد ذاتها ومرتبطة بكل أنشطة الاحتفالية، وأنطلقت من فكرةٍ أساسية هي التوجه لكل أطفال سورية من "دمشق" المدينة التي ستتركز فيها الأنشطة على مدى عامٍ كامل.

استهدفنا كل فئات الأطفال في المدارس الحكومية بالتعاون مع وزارة التربية، والمدارس الخاصة بما تملكه من إمكانيات، ودور الأيتام، وأطفال الرعاية البديلة، وذوي الاحتياجات الخاصة، وكنّا حريصين على إيجاد أنشطةٍ للطفل لم تكن موجودة سابقاً..»

خلال التحضير لآخر حملات "أهديك كتاباً" التي نظمتها الاحتفالية.

كما استعرضنا مع "رفيف" أهم أنشطة الأطفال على برنامج احتفالية "دمشق" /2008 :«كان لدينا نظام الأنشطة الثابتة الشهرية مثل "نادي القراءة للأطفال"- رابع أربعاء من كل شهر، بالإضافة لمجموعة من الأنشطة المتنوعة بمعدل نشاط كل شهر.

كانت فكرة "نادي القراءة للأطفال" أن تختار كتاباً للقراءة مخصصاّ للأطفال، يمتلك كل عناصر الجذب على صعيد الألوان والرسومات والإخراج، و يروي حكاية بسيطة ذات مغزى، وتتم قراءة هذا الكتاب بمساعدة ممثل يمتلك كل أدوات الروي الشعبي وهو "كفاح الخوص"، أما بالنسبة لاختيار مكان القراءة فكانت فكرة د. "حنان قصّاب حسن" هي التركيز على المراكز الثقافية العربية الأقل نشاطاً في "دمشق" وضواحيها.

كنّا نحكى قصة الكتاب وتتم قراءته في نفس الجلسة، وفي نهايتها نهدي كتاباً لكل من الأطفال المشاركين، وذلك في إطار توجهنا لتنمية علاقة الطفل بالكتاب، وفي كل منطقة استضافت "نادي القراءة للأطفال" على مدار العام الماضي كنا نتوجه لأطفال المدارس الحكومية بالتعاون مع وزارة التربية التي سهلت لنا الدخول إلى المدارس.

عدد الأطفال كان دائماً يتراوح بين /100/ إلى /250/ طفل، وإحدى فعاليات "نادي القراءة" التي أقمناها في "مكتبة الأسد" حضرها حوالي الــ /350/ طفل . وعندما قررنا التوجه إلى الفئات التي لا يمكن أن تأتي إلينا قررنا إقامة هذا النشاط في مشفى الأطفال (مرضى السرطان)، حكينا لهم قصة بعيدة عن أجواء المرض، وقدمنا لكل طفل /50/ قصة هدية..»

وتتابع " رفيف": «كان ذلك بخصوص أنشطة الأطفال الشهرية والثابتة على برنامج الاحتفالية، والتي رافقها مجموعة من الأنشطة المتنوعة على مدار العام، ففي بداية الاحتفالية تم تخصيص العرض الأخير من عروض مسرحية "صح النوم" للسيدة "فيروز" لأطفال "دمشق"، وشهد هذا العرض حضوراً لافتاً ومؤثراً كتبت عنه السيدة "فيروز" في سجل الشرف الخاص بدار "الأسد للثقافة والفنون".

كما قمنا بإنتاج تقويم للعام /2008/ من رسومات الأطفال السوريين، بالتعاون مع منظمة "اليونيسيف" التابعة للهيئة العامة للأمم المتحدة، هذا التقويم حمل /12/ بند يوصف المدينة الصديقة الطفولة، وتبنت "اليونيسيف" هذه البنود للعام /2008/.

وفي شهر "نيسان" أطلقنا حملة تنظيف ضريح الشهيد "يوسف العظمة" شارك فيها حوالي الـ /250/ طفل، وصولاً إلى يوم عيد "الجلاء": (17 نيسان) حيث أهدى أطفال مدرسة "الرعاية الخاصة" /450/ وردة بيضاء وضعت على ضريح الشهيد، بالإضافة إلى صورة كبيرة لــ "يوسف العظمة" كهدية من المدرسة، وحققنا من خلال هذه الفعالية بعداً إنسانياً ووطنياً، وشخصياً في حياة كل الأطفال المشاركين.

كما احتفلنا بيوم الطفل العالمي /25/ حزيران، بافتتاح مكتبة "صندوق الدنيا" في مجمع "دمّر" الثقافي، بحضور السيدة "أسماء الأسد"، وهذه المكتبة نموذجية، وصل أعداد مشتركيها منذ تاريخ الافتتاح إلى حوالي الـ /300/ مشترك، وتضم في حقيقة الأمر مكتبة للأطفال وأخرى لليافعين، ونحضر الآن لرفدها بكل إصدارات الأمانة العامة. وفي نفس اليوم أقامت الأوركسترا السيمفونية الوطنية أول حفل من نوعه للأطفال على المسرح المكشوف بمجمع "دمّر" الثقافي، حضره حوالي الــ /2000/ طفل، أهدينا كلاً منهم كتاباً يتلاءم مع عمرهم.

ثم احتفلنا بيوم الطفل العربي، في الأول من شهر "تشرين الأول" ، حيث خصصنا "نادي القراءة للأطفال" لعددٍ من دور الأيتام، وأقمنا ورشة خاصة بتصنيع الطائرات الورقية بأشراف الفنّان "توفيق شيّا"، حيث صنّع الأطفال طائراتهم الورقية بأنفسهم ورسموا عليها أحلامهم، وطيّروها في مهرجانٍ خاص على سفح جبل "قاسيون" في فعاليةٍ مميزة حملت عنوان " أرسم حلمي على ورق"..»

وأضافت "رفيف الساجر": «ترافقت كل تلك الأنشطة بعددٍ من ورشات العمل المخصصة للأطفال، حيث أقمنا ورشات عمل مهمة مثل ورشات كتابة الشعر للأطفال (أبني عالمي شعراً)، كانت موجهة لأطفال مكتبة صندوق الدنيا في شهري "نيسان وآب"، وكانت النتيجة ديوان شعر للأطفال المشاركين أصدرته الأمانة ضمن سلسلة إصداراتها يتضمن /32/ قصيدة، تمثل باكورة إنتاجهم الشعري..

كما كان لدينا أربع ورشات للتصوير الضوئي، تم اختتامها بمعرض تجلت فيه قدرة الأطفال على التقاط ملامح مدينتهم، وتوثيقها بصورٍ تميزت بالجمال والبساطة، والعفوية. .

يضاف إلى تلك الورشات ورشتين لتصنيع الطائرات الورقية مع الفنان "توفيق شيا"، وثلاث ورشات للبطاقات البريدية السمعية، وهي شبكة الكترونية عالمية، لها موقع على شبكة الإنترنت: "www. Sonic post card. com"، والزائر لهذا الموقع اليوم يمكن أن يجد ثلاث مواقع مخصصة لـ"دمشق"، يسمع من خلالها أصواتاً اختارها الأطفال المشاركون في هذه الورشات للتعبير عن مدينتهم، وقد تزامنت ورشات العمل تلك مع مشروع نفّذه أطفال بريطانيون في نفس الوقت، وكانت فرصة للتبادل الثقافي بين الأطفال السوريين والبريطانيين، الذين تبادلوا عناوين بعضهن البعض بهذه المناسبة..»

وختمت "رفيف" بالقول: «لم نكتفي فقط بإقامة ورشة كتابة الشعر للأطفال، بل كان لدنيا، ورشة لليافعين "أقلام من دمشق" التزموا معنا على مدى شهرين، ونتج عن هذه الورشة /23/ نص مسرحي ملفت للانتباه، وتمت قراءة تلك النصوص في آخر نادي قراءة للأطفال..

كما أطلقنا مسابقة تصميم الكمبيوتر بــ "دمشق، وطرطوس، واللاذقية، والرقة، وحمص، وحلب، وكان ختامها في مجمع "دمّر" الثقافي.

تلك كانت جولة على أهم أنشطة الأطفال التي وضعتها الاحتفالية على برنامجها للعام /2008/، والتي نختتمها بحملة "أهديك كتاباً" التي تهدف إلى تمكين دور الأيتام في "دمشق" من امتلاك نواة مكتبة صغيرة بحدود الـ /80/ كتاب مخصص للطفل».

وعندما سألنا " رفيف الساجر" عن مدى تقاطع ما قدمته لاحتفالية "دمشق" مع مشروعها الشخصي؟ أجابت:«كل ما قدمته يتقاطع مع مشروعي الشخصي، وفي كثير من الأنشطة كانت تقدم لي الأفكار من د. "حنان قصّاب حسن" والاستشاريين والزملاء، بينما كنت أنا أكمل الملف. أما فيما يتعلق بمشروعي الخاص للطفل فهو أن أجعل المسرح أداة لتربية وتعليم وخلق عالم أفضل للأطفال، وأن أبني علاقة خاصة مع الطفل لتعليمه عبر خلق حالةٍ من التواصل مع الآخر، وعملي في الاحتفالية مكنني من رؤية مدى تفاعل الأطفال مع نوعيات مختلفة من الأنشطة..»

وعن أهم ذكرياتها عن الاحتفالية قالت "رفيف": «أكثر ما أتذكره عن العمل في الاحتفالية هو التعب والتوتر المستمر‘ فإقامة نشاط للأطفال ترتب على المنظمين له مسؤولية كبيرة لا تنتهي بانتهاء النشاط، بل بوصول كل طفل سالماً إلى أهله، أومدرسته، أو دار الأيتام أو الرعاية الخاصة به ، أي أننا كنا نعيش النشاط لآخر لحظة..

وأجمل ما أتذكره هذه الحالة من النشاط التي كنّا نعيشها مع فريق الاحتفالية عند إقامة كل فعالية.. لقد كانت أياماً جميلة..»

وختمت "رفيف الساجر" حديثها إلينا بالقول: «تجربتنا في احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية /2008/ تؤكد أنه بإمكاننا إقامة أنشطة ثقافية نوعية موجهة للأطفال، لكننا بحاجة إلى كادر يفكر في الطفل واهتماماته بطريقة صحيحة، وعندها سنخلق أنشطة جيدة ومركزة تستهدف الطفل، وبأقل ميزانية ممكنة.. ».