التعليم كان عند الكتّاب، فبدأ يتنقل بالتعليم من شيخٍ إلى آخر، وعندما سأل موقع eSyria الشيخ "أنيس حاج علي" عن تعلّمه أجاب: أنا شخصياً أكن للمشايخ والخطباء جميعاً كل الاحترام والتقدير، حتى أيامي الحاضرة، لفضلهم الكبير في تعليمنا وتنشئتنا النشأة الصالحة، فقد علمونا القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والنحو والصرف والأهم تلاوة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، كنا نشعر بالسعادة والفرح على مقاعد خشبية، حين كان يوضع المقعد الخشبي على حجرين ويتم صف الطلاب، ليبدأ الشيخ بتعليم القراءة والكتابة حتى عام 1948، حيث دخلت المدارس الحكومية وحصلت على الشهادة الابتدائية عام 1952.

وبين الشيخ "أبو ربيع أنيس حاج علي" قائلاً: لقد اضطررنا للعمل في المعامل القريبة إثر الجفاف، وبأجر يومي لا يزيد على /2.5/ ل س، هذا المبلغ كان يسد حاجتنا اليومية.

أما على صعيد العمل السياسي، فبعد قيام الوحدة بين سورية ومصر، وتفتح عيوني على الهم القومي، إذ كان نضالنا ينصب على هذا الهم، وكانت في تلك الأيام أحداث الجزائر، وكذلك في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م، برعمت بذور المقاومة آنذاك وحدث تواصل مع بعض المنظمات السياسية، فانتسبت إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في أواخر الخمسينيات، وبعد أن حل الحزب نفسه من قبل القيادة القومية آنذاك، تم تجديد الانتساب بعد الانفصال، كنت من الشباب الفاعلين في بيان قيام ثورة الثامن من آذار وكنا نحمل الهم القومي على أكتافنا وذلك بغية تجسيد تلك التطلعات، بعد قيام ثورة الثامن من آذار المجيدة عام 1963م وترجمة مقولة (الوحدة ـ والحرية ـ والاشتراكية) إلى واقع فعلي وعملي، بادرنا إلى توسيع قاعدة الحزب بين العناصر الفلاحية من جهة والعمالية من جهة ثانية، وكان لي الشرف أن أقوم بعدة مهام حزبية ابتداء من عام 1964م حتى أحلت إلى التقاعد عام 2000م، أي/40/ عاماً من العمل السياسي، تنقلت من قيادة فرقة إلى عضو قيادة فرع إلى عضو مؤتمر قطري.

وعن الوضع الاجتماعي أجاب الشيخ أنيس: تتميز الأشرفية بالزراعة إذ كانت مساحتها/33/ ألف دونم من القرى الكبيرة وهي مقسومة إلى قسمين بعل ومروي وهو يشكل ثلث الأراضي ومقسمة حسب طبيعة العمل إلى نظام الدورات الزراعية أي كان استخدام الأهالي لنظام الدورات الزراعية، وهي مقسمة بين الصيفي والشتوي وراحة الأرض، يعني الهم الأكبر هو خدمة الأرض لقلة الموارد، وانتشار أكثر من /150/ مزرعة حول البلدة بهدف التحويل من الزراعة البعلية والمروية السليخ إلى الأرض المشجرة إضافة إلى وجود قناة مياه للبلد والتي تسمى قناة "شواقة" كانت تصل من أراضي "صحنايا غربا" حتى أراضي "سبينة شرقا" واعتماد القرية على الزراعة ولم تكن تكفي لسد حاجة المواطنين إلا بعد وصول المكننة الزراعية والتطور الذي شمل معظم المحاصيل لتبدأ بزراعة القطن والشوندر السكري، عملنا بزراعة الخضار الصيفية والشتوية وتسويقها إلى المدينة لقربها من "دمشق"، وكنا نسوق بمئات الأطنان المنتجات الزراعية، ونتيجة تطور الحياة وقرب "أشرفية صحنايا" من مدينة "دمشق" التي توسعت وضمت أراضي كبيرة وزراعية من المحيط الزراعي لتصل إلى "القدم" و"كفرسوسة" و"المزة" و"القابون" المجاورة التي أصبحت ضواحي سكنية تابعة إلى مدينة دمشق، ونحن في"أشرفية صحنايا" التوسع العمراني بعد تأسيس البلدية وانفصالها عن بلدية "صحنايا" عام 1980 وأصبح لدينا بلدية ولديها مخطط تنظيمي يضم مساحة حوالي/5/ آلاف دونم، هذه الدونمات على حساب الأراضي الزراعية ونتيجة الجفاف فإن الحياة الزراعية زالت تقريباً ولم يبق منها سوى القليل تقدر ببضع مئات من الدونمات.

وعن تأثير البيئة الاجتماعية والتاريخية في شخصيته أجاب قائلاً: هذا السؤال كما يقال ذو شجون كبيرة، أولاً البلدة كانت مساحتها بحدود /100/ دونم فقط ولا تكاد تتسع لأكثر من /700/ نسمة أما الآن فأصبحت بعشرات الآلاف ونحن نلمس الفارق الكبير في المساحة. ونتيجة قرب القرية من المعامل تحولت من قرية زراعية إلى قرية خدمية، وتجارية، ولدينا أكثر من/1000/ محل تجاري تعمل، خلقت فرص عمل كثيرة، وأصبح الاعتماد على الأبنية الحديثة بعد توسع المخطط التنظيمي وهي تدر دخلاً معقولاً للأشخاص.

غياث

أما التأثير على الشخصية: فأقول ما قالته امرأة "معاوية بن أبي سفيان":

لبيت تخفق الأرياح فيه / أحب إلي من قصر منيف

ربيع

ولبس عباءة وتقرّ عيني / أحب إليّ من لبس الشفوف

إلى آخر المقولة، رغم التطور والتوسع العمراني إلا أنني أحن إلى الماضي كثيراً، أحن إلى حب الناس وتآلفهم مع بعضهم بعضاً، لأننا كنا نعيش كمنزل واحد، لأن الناس اليوم جميعها مستقلة والتطور العمراني لا يرافقه تطور اجتماعي بحيث لم يبق أبناء القرية من مقام واحد ومستوى واحد نتيجة تطور القرية وتوسع الخدمات وبالتالي أصبحت مناحي الحياة متغيرة مع تغير الطبيعة.

وعن تاريخ وأعلام بلدة الأشرفية أفاد لموقع eSyria بقوله: تعود بلدة الأشرفية في القدم حسب المصادر التاريخية إلى الملك الأشرف الأيوبي في عهد الأيوبيين، وبنيت هذه القرية كشبه معسكر ثم توسعت لقربها من "داريا" بحدود/2/كم و"صحنايا" /2/كم وقد سكنتها عائلات عربية ما زالت حتى الآن بالإضافة إلى هجرة بعض من عائلات أخرى إليها من سكان المنطقة الشمالية كبعض قرى "حلب" والتي أصبحت اليوم تتبع إلى محافظة "ادلب"، ومن لبنان الشقيق.

ومن أهم أعلامها، وأول علم من علماء الأدب المرحوم الشيخ "محمد الأشرفاني" وذلك قبل /500-600/ عام من الآن وهو أحد المعاصرين للأمير "عبد الله التنوخي"، عرف بالفقه واللغة في دمشق حتى أصبح مفتي الديار الشامية، وأقيم له مقام تكريمي وصدر عنه كتاب حول شخصيته وفضائله وشوامله الإنسانية والدينية، وهناك الشيخ "أبو احمد مسعود الحاج علي" الأول الذي عمل خطيباً يعلم أبناء البلدة العلوم الدينية والعلمية، وكذلك قائم مقام منطقة "وادي العجم" الذي ترك مآثر كبيرة وهو "محمد الحاج علي"، وقد سكن البلدة الأمير"عبد القادر الجزائري" بعد نفيه من قبل السلطات الفرنسية، ليختار الأشرفية مقراً له وبنى قصراً فيها هو وأبناؤه، حيث اشترك واحداً من أبنائه وهو الأمير"عز الدين الجزائري" في معارك الثورة السورية الكبرى مع عناصر من أهل الأشرفية حينما كانوا ينضالون في "الغوطة" واستشهد معه /7/ مناضلين في منطقة "الدريج"، كما سكن البلدة مجموعة من الإقطاعيين منهم على سبيل: "اسماعيل المالكي"، و"د.أحمد الشريف"، و"فؤاد حمزة" الذي عمل مستشاراً للملك "عبد العزيز آل سعود"، و"فؤاد" هو من قام ببناء أول مدرسة نموذجية عام 1950 تقريباً من الحجر والأسمنت.

والأشرفية قدمت باقة من شبابها شهداء للوطن في حرب تشرين نذكر منهم على سبيل المثال: "عبدو سليمان عبد الله، رأفت الهناوي، حسين بدران، زيد بدران، حسين زين، مصطفى الهناوي" وغيرهم الكثير...

الطبيب البيطري "غياث الحاج علي" أشار إلى أن والده الشيخ أنيس الحاج علي كان خلال عمله في المنظمات الشعبية من الأعضاء المناضلين والمؤسسين، وخاصة في منظمة اتحاد الفلاحين إذ كان واحداً ممن شاركوا في تأسيس اتحاد فلاحي ريف دمشق، وكذلك في تأسيس /332/ جمعية فلاحية والإشراف عليها.

الأستاذ "ربيع أنيس الحاج علي" أوضح قائلاً: لقد اتبع الوالد دورات في الأعمال الفدائية بعد حرب حزيران إذ تأثر بها كثيراً للحس والفكر القومي الذي يحمله، واشترك في عدة عمليات فدائية داخل الأراضي العربية المحتلة، وقد استشهد معه في إحدى العمليات "يوسف الأزروني" وهو شهيد بعثي عمل إلى جانب رفيقه "وجيه الحسن" و"محمد مزعل" في "مجدل شمس" بتاريخ 27/10/1969، فهو دائماً يشعرك بالهم القومي ويحثك على العمل الوطني، لأن العمل لديه ثقافة استمدها من تاريخه النضالي ومقاومته للاحتلال الصهيوني.

الشيخ "أبو ربيع أنيس الحاج علي" المولود في بلدة "أشرفية صحنايا" عام 1940 من أبوين فلاحين، والده متعلم والأم شبه أمية، عملا جنباً إلى جنب بالأعمال الزراعية.