تمتلك عشقاً كبيراً للعمل والإنجازات، اقتحمت الرواية من أوسع أبوابها، وكتبت للكبار والصغار في التاريخ والتراث، هي إعلاميةٌ ومعدةُ برامج اعتلت منصات التكريم، كأديبةٍ وكاتبةٍ في "الخليج العربي".

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الأديبة الإعلامية "مريم محيي الدين ملا"، بتاريخ 25 آذار 2020، لتحدثنا عن بداية انطلاقتها، قائلة: «بدأت المطالعة والقراءة بوقت مبكر من عمري، أذكر أنه كان لدينا في الحي مكتبة الطلبة، وكنت أذهب لتفقدها، فأقرأ عناوين الكتب والصحف والمجلات، ومنها "أسامة"، و"المكتبة الخضراء"، وهي قصص للأطفال، وبالصدفة وقعت بيدي مجلات مصرية مثل "حواء"، و"آخر ساعة"، وأيضاً الألغاز سلسلة بوليسية للأطفال كانت تأتي من "مصر"، من هنا بدأت القراءة بجدية قبل أن أبلغ الحادية عشرة من عمري، ثم انتقلت لقراءة الأدب الغربي المترجم، وما زلت أذكر أن أول رواية قرأتها، كان اسمها "الدون الهادئ" للكاتب الروسي "ميخائيل شولوخوف"، وكان لوالدي الفضل في دعمي، وتشجيعي للقراءة، وأنا في المرحلة الإعدادية. ثم حدث بعد ذلك نقلة في حياتي، عندما بدأ والدي يأخذنا في العطلة الصيفية إلى ريف "الزبداني"، حيث الطبيعة الخلابة، ليتشكل في روحي عالمٌ مغايرٌ يختلف عن عالمي في "دمشق"، لأنسج عالمي الخاص هناك.

أول جائزة دولية حصلت عليها من رواق "عوشة بنت حسين" الثقافي في "دبي" عن أول عمل أدبي عام 2013، وحصلت على "دبوس المرأة الفلسطينية" عام 2005. وكرمتني مؤسسة "زايد العليا للرعاية الإنسانية" تكريمان من الشيخ "هزاع بن حمدان بن زايد آل نهيان" لمنح كتبي لمطبعة المكفوفين لتحويلها إلى لغة برايل، وفي عام 2019 حصلت على تكريم من نادي "تراث الإمارات"

وكان ارتيادي لدور السينما دور في تكوين شخصيتي، فقد كان صديق والدي يمتلك سينما "بيبلوس"، الذي كان يدعونا لارتيادها، وكنت أطلب من والدي أن يحضر الأفلام التي تتناول أعمالاً روائية، كأفلام الحرب الروسية الألمانية التي أثرت في وجداني، لأكتب الأدب الإنساني فيما بعد.

الدكتور الناقد هيثم الخواجة

ومع بداية المرحلة الثانوية في "دمشق"، تبدل عالمي حيث أصبحنا نذهب صيفاً إلى "رأس البسيط" مع البحر والجبال، ليخلق في وجداني عالماً آخر، وفي عام 1983 تزوجت وسافرت مع زوجي إلى "الإمارات العربية المتحدة"، ليتشكل لدي عالم ثالث هو الصحراء، ومعها اطلعت على الأدب العربي بكل أشكاله وألوانه».

وتناولت مسيرة كفاحها، قائلة: «على الرغم من زواجي ومسؤولياتي العائلية لم تنطفئ الرغبة الجامحة للعلم والمعرفة، فحصلت على الثانوية العامة من دولة "الإمارات" عام 1985، لأكمل دراستي، وأحصل على دبلوم تربية رياضية عام 1988، بسبب عشقي للرياضة، حيث كنت أحب السباحة وركوب الخيل، ولم أمارس العمل بتدريسها إلا عاماً واحداً، أما بالنسبة للعمل الصحفي فلم أسعَ للعمل به ولم يكن حلمي، لأنني كنت شغوفة بالعمل أكثر من العلم، فهيأت لي فرصة للتدريب في الصحف الإماراتية، لأتقنه بوجود موهبتي بالكتابة، لكن شغفي الحقيقي، كان بالتراث الخليجي وتاريخه بشكل عام، لأنها مختلفة تماماً عن تراث وتاريخ "بلاد الشام" ككل، وكان للسفر والترحال الفضل الأكبر، الذي ساعدني على الاطلاع على الآداب والثقافات الأخرى للشعوب».

الليل الأبيض أحد كتبها

وعن عملها في الإعلام والإذاعة والتلفزيون، قالت: «كانت بداياتي بالعمل في "أبو ظبي"، حيث عملت مديرة قسم الإعلام في مكتب "حرم رئيس الدولة" عام 2001، ثم انتقلت للعمل كمستشارة ومنفذة إعلامية لمهرجان "الطفل العربي" وغيرها. وقبل الانتقال للإعلام المرئي، عملت في الصحف المحلية الرسمية كمحررة، وأخذت على عاتقي إظهار مواهب أصحاب الهمم.

بعدها عملت معدة ومنتجة منفذة للعديد من البرامج التلفزيونية، وعلى عدة محطات أهمها برنامج "يا هلا" على قناة "روتانا خليجية"، وبرنامج "رحلة عمر" على قناة "أبو ظبي"، وبرنامج "محلاها بلادي" الذي نفذ في "بيروت"».

من إصداراتها

وتناولت إصداراتها الأدبية، قائلة: «صدر لي العديد من الأعمال الأدبية هي رواية "أمومة وغربة" عن تجربة لأم وطفلها عام 2001، و"الليل الأبيض" رصدت فيها العلاقات الاجتماعية والإنسانية عام 2002، و"شجرة التين" التي رصدت فيها الجانب الاجتماعي للقضية الفلسطينية عام 2003، و"زمن الصبر" عن تاريخ وتراث حياة الشيخ "زايد" عام 2005. وفي عام 2008 صدرت لي مجموعة قصائد نثرية بعنوان "شظايا نافذة"، ثم رواية بعنوان "حدائق النار" عام 2010، ورواية بعنوان "رسائل بحار فلسطيني" عام 2014، وفي عام 2017 توجهت للأطفال بقصة تعليم صيد الصقور من التراث الإماراتي والخليجي بعنوان "عوشة والجد مطر"، ثم صدرت لي السيرة الذاتية لوالدي بعنوان "الثلج الحزين" عام 2017، وفي عام 2020 كتبت ديواناً شعرياً ثانياً بعنوان "أوديل هي القصيدة" وهي قيد الطباعة».

وعن التكريم والجوائز التي حصلت عليها، قالت: «أول جائزة دولية حصلت عليها من رواق "عوشة بنت حسين" الثقافي في "دبي" عن أول عمل أدبي عام 2013، وحصلت على "دبوس المرأة الفلسطينية" عام 2005. وكرمتني مؤسسة "زايد العليا للرعاية الإنسانية" تكريمان من الشيخ "هزاع بن حمدان بن زايد آل نهيان" لمنح كتبي لمطبعة المكفوفين لتحويلها إلى لغة برايل، وفي عام 2019 حصلت على تكريم من نادي "تراث الإمارات"».

وتحدث عن مسيرتها الدكتور الأديب "هيثم الخواجة"، قائلاً: «الكاتبة "مريم محيي الدين ملا" من المبدعات النشيطات في الحراكين الثقافي والإبداعي في "الإمارات العربية المتحدة"، بالإضافة إلى غزارة إنتاجها في المجالين السابقين، فقد تركت أثراً واضحاً في العمل الإعلامي بمختلف أنواعه، وتعدد اتجاهاته مثل إنتاج وتنفيذ وتنسيق وإعداد برامج وأعمال درامية، وكتابة المقالات والعمود الصحفي، والعمل كمسؤولة في العلاقات العامة.

ومن أهم توجهات "ملا" التأريخ للتراث الإماراتي والخليجي، حيث أصدرت مجموعة من الكتب التراثية النوعية، التي تؤرخ لفترات مهمة تحتاج إلى الإنارة لغناها، من منطلق الدراية المعمقة بجغرافية وتاريخ الخليج العربي، وعلى الأخص دولة "الإمارات العربية المتحدة".

لقد كتبت في هذا المجال السيرة الغيرية الموضوعية، كما كتبت الدراسات والبحوث الاجتماعية، وكتبت الدراسات التراثية، وكل ما تقدم يضيء على المجتمع الخليجي قديماً وحديثاً، وعلى بعض الشخصيات التي كان لها دور كبير في تقدم هذا المجتمع.

ومن أهم إنجازات "ملا" كتابة مجموعة روايات تميزت بالاهتمام بالتفاصيل، التي ترسم خريطة الأبعاد الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية في العالم العربي و"الخليج العربي"، أما عن شعر "مريم"، فقد أصدرت مجموعة شعرية تتسم بالدفق الشعوري، والعاطفة الجياشة، والفكرة المبتكرة، والأسلوب السهل الممتنع، واللغة الشفيفة الرهيفة. لقد سجلت "مريم ملا" في الصحافة والتلفزيون والإبداع الروائي والشعري والبحث والتراث، صفحاتٍ مضيئةً لها أهميتها وأثرها، ولا بدّ من التوقف عند هذا النتاج لإبراز ما فيه من كنوز».

يذكر أن الأديبة الإعلامية "مريم ملا" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1963، مقيمة في "أبو ظبي".