استطاع أن يسلط الضوء على الجانب المبهم من الموسيقا الشرقية، وأصر أن يغير مفهوم العزف الإيقاعي في المجتمع العربي، حيث تمكن خلال فترة وجيزة أن يعرف الغرب على الكنز الشرقي الذي يجهله الكثيرون، وقدم معزوفات إيقاعية لاقت أصداء واسعة عند الأجانب فصنع لآلته الموسيقية روحاً جديدة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 22 أيلول 2019 مع "عمر مفلح" ليحدثنا عن مسيرته فجاء في حديثه: «تخرجت من المعهد التقاني الهندسي قسم "المساحة" في جامعة "دمشق" عام 2012، ثم عملت لمدة سنة في وظيفة بحسب اختصاصي، ولكنني بدأت العزف عندما كنت في الخامسة من عمري حيث نشأت في عائلة موسيقية، الأمر الذي أثر إيجاباً في موهبتي الفطرية، وكون والدي وأخي كانا عازفي إيقاع، ساعدني الأمر في تنمية هذه الموهبة، ففي كل أسبوع كنا نقيم اجتماعاً موسيقياً طربياً وكنت أصغي وأشعر أن الموسيقا تعيش بروحي وخاصةً أن الموسيقا الطربية تبعث الهدوء في نفسي، وتولد لدي أفكاراً جديدة في كافة مناحي حياتي، وهنا شعر أهلي أن لدي شيئاً مختلفاً عن الجميع فرحبوا بفكرة إتقاني للعزف الإيقاعي مع التشجيع على البدء بدروس مكثفة، لكن الصعوبات التي واجهتني عندما كبرت هي الفكرة الخاطئة لدى مجتمعنا عن العزف الإيقاعي، وأيضاً رفضي بالمعهد العالي للموسيقا بداعي الطبلة آلة غير أساسية في العزف الذي يقدم في دار الأوبرا، فتمسكت بآلتي أكثر لأنني لم أخترها إنما هي التي اختارتني وأينما جلست كنت أبدأ بالنقر على ما يقع أمامي، وباعتقادي أن الإيقاع هو العمود الفقري للموسيقا ما جعل المسؤولية التي تقع على عاتقي كبيرة لأبرهن للجميع أن منظورهم خاطئ، وأن الطبلة قادرة على تغيير المحتوى الموسيقي للأفضل دوماً»

رسالتي واضحة وسامية جداً وما زلت أحملها وأحاول إيصالها لأكبر عدد ممكن من الناس العرب والأجانب، بأن الإيقاع مهم كأي نوع آخر من الموسيقا وأن هذه الآلة بحاجة لرعاية أكبر من جهة وبأن "سورية" بلد السلام تحمل حباً وإبداعاً في طياتها ولديها الكثير من الموهوبين بكل المجالات، ومن واجبي أن أنوه على أن أي ملحن يقيس سرعة الإيقاع لأي عمل يريد تلحينه، فهي مثل دقات القلب عليها أن تكون منتظمة ومدروسة، واكتشفت من خلال تجربتي وغربتي التأثير الكبير للموسيقا العربية على الأجانب الذين يصغون وينصتون للنوتات التي يتم عزفها من قبل العازفين العرب في "الدانمارك" و"السويد" وأصبحوا مشهورين جداً بالمحتوى المختلف الذي يخصهم

تابع "مفلح": «تغربت عن "سورية" أواخر عام 2015 وتعرفت على عالم جديد وثقافة ولغة مختلفتين تماماً عن بيئتي، وكان من الصعب أن أتوقف عن التمرين والتدريب ولكن الأصعب هو الاستمرار بثقافة يجهلها محيطك بالمطلق، وهذا ما دفعني للنزول إلى الشارع والعزف أمام المارة أصحاب الوجوه الغريبة، كما اصطحبت آلتي إلى مدرسة اللغة وعزفت لهم ولاقى عزفي استحساناً ودهشة لجمال الألحان التي قدمتها فشجعني زملائي على الاستمرار، ثم قمت بتصوير فيديو لي وأنا أعزف مقطوعات موسيقية في ليلة الميلاد على قارعة الطريق، وهنا تمت مشاهدة هذا الفيديو من قبل جهات موسيقية في "السويد" وتواصلوا معي للتعاقد معهم وتمثيل الإيقاع العربي في مشروع ضخم ضم تجمعاً كبيراً للإيقاعات حول العالم، وافقت مباشرةً وزاد فخري ومسؤوليتي لأقدم العالم العربي بالعموم و"سورية" بالخصوص للغرب الذي يعتقد أننا لا نملك سوى الحروب، فاهتمت الصحف ونشرت أخبار تتحدث عن الموسيقا السورية والعربية والعظيم هو شعورك بأنك قدمت شيئاً ما لوطنك، وبالطبع هناك جانب آخر لتعلقي بالموسيقا وهو أنها ترافقنا بالأحزان والأفراح وتعبر عن شخصيتنا رغم صمتنا فهي لغة الصامتين».

بإحدى حفلاته

أضاف "عمر": «رسالتي واضحة وسامية جداً وما زلت أحملها وأحاول إيصالها لأكبر عدد ممكن من الناس العرب والأجانب، بأن الإيقاع مهم كأي نوع آخر من الموسيقا وأن هذه الآلة بحاجة لرعاية أكبر من جهة وبأن "سورية" بلد السلام تحمل حباً وإبداعاً في طياتها ولديها الكثير من الموهوبين بكل المجالات، ومن واجبي أن أنوه على أن أي ملحن يقيس سرعة الإيقاع لأي عمل يريد تلحينه، فهي مثل دقات القلب عليها أن تكون منتظمة ومدروسة، واكتشفت من خلال تجربتي وغربتي التأثير الكبير للموسيقا العربية على الأجانب الذين يصغون وينصتون للنوتات التي يتم عزفها من قبل العازفين العرب في "الدانمارك" و"السويد" وأصبحوا مشهورين جداً بالمحتوى المختلف الذي يخصهم».

"نور عمورة" عازف غيتار مغترب في "الدانمارك" قال: «"عمر مفلح" جاء من حوالي أربع سنوات إلى "السويد" محملاً بحب كبير لآلته وللموسيقا الشرقية، واستطاع أن يترك بصمة بأي حفل يعزف به مقطوعات من وحي الموسيقا الشرقية، لديه قدرة كبيرة على التأثير بالحضور وجعلهم يتفاعلون مع ما يسمعون بشكل مفاجئ ومدهش، حتى إذا ما طُلبت لحفل يطلبون مني إحضاره لوقعه المميز على الحضور، وهو أيضاً يقدم حفلات خارج "السويد" ما يجعله يوسع انتشاره وانتشار هذه الثقافة التي حملها معه لأشخاص لا يفهم لغتهم لكنه قادر على التواصل معهم بلغة الموسيقا، أعده موهوباً جداً ومهذباً ولديه قلب طيب وابتسامة لطيفة تعطي قيمة مضافة للمحتوى الذي يطرحه ويسعدني وجودنا على مسرح واحد للجمال الذي أسمعه من "عمر"».

برفقة عازفة دف إيرانية

"عبد جريدة" عازف إيقاع قال: «تعرفت على "عمر" من خلال فرقة "جوى" في "سورية" حيث لاحظ الجميع تميزه بأسلوبه ولباقته وتعامله مع الآخرين وأكثر ما ميزه هو عزفه المثير للاهتمام، تفوق على الجميع بالتكنيك والأذن الموسيقية وصمم عالمه الخاص بالإيقاع، ثم قررنا تأسيس فرقة "أدونيا" بوجود شباب عازفين ومغنيات سوريات وبالفعل نجحنا وحققنا انتشاراً بفترة صغيرة، ولا أحد يستطيع إنكار فضل "عمر" بنجاحنا حيث كان له تأثير على الجميع بأهمية الالتزام وأخذ الفرقة على محمل الجدية، ومن خلال تطور صداقتنا والانسجام الموسيقي الذي حصل بيني وبينه كثفنا ساعات التدريب وابتكار الأفكار الجديدة وبدأنا العمل كثنائي ولا أنسى بالطبع وقوفه بجانبي في الكثير من الأحيان ومساعدتي في الموسيقا، وعلى الرغم من تغربه وصعوبة التأقلم إلا أنه ظل ملفتاً للأنظار واستطاع أن يثبت نفسه في "سورية" والمغترب».

يذكر أن "عمر مفلح" من مواليد "دمشق القديمة" عام 1992، مقيم في "السويد".

خلال العرض الذي جمع عازفي إيقاع من حول العالم