مشروع علمي مبتكر سيغير كثيراً في تاريخ البشرية، تقوده مهندسة سورية في أرقى جامعة للتكنولوجيا في العالم، قيادية ناجحة تسعى ليكون عملها علامة فارقة تفيد بها كل الناس.

هذا المشروع هو التكنولوجيا اللاسلكية، وقد ظهرت محاولات كثيرة لتحويله إلى حقيقة علمية منذ مطلع القرن/ يقول الدكتور "محي الدين فاضل" من كلية العلوم قسم الفيزياء بجامعة "تشرين" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 كانون الثاني 2015 إن أولى المحاولات في الأمر بدأت مع الكهرباء اللاسلكية نهاية القرن التاسع عشر من قبل العالم "تسلا"، ولم يقيض للمشروع وقتها النجاح، يضيف الدكتور "فاضل" في حديثه: «تطورت التكنولوجيا المساعدة، وهذا المشروع يمثل ذروة هامة جداً في تحقيق انتقال علمي كبير للفائدة البشرية فيه، ونفخر أن هناك مهندسة سورية تقود هذا المشروع في أرقى جامعات العالم».

لقد حظيتُ بمدرسين متميزين أثناء دراستي في الجامعة، ولكن الفضل في تشجيعي على البحث العلمي يعود لوالدي، فعائلتي كلها تقدر البحث العلمي والعلم والمعرفة

المهندسة السورية "دينا قتابي" خريجة جامعة "دمشق" كلية الهندسة الكهربائية، هي من يقود هذا المشروع، فقد شقت طريقها لإكمال الماجستير والدكتوراه في جامعة " ماساتشوستس" الأميركية العريقة، فانضمت إلى الجامعة عام 2000، لتنال في نفس العام جائزة أفضل ورقة بحثية للطلاب، وأصبحت عضواً في هيئة التدريس في "كامبريدج" العام 2003، لتفوز في العام 2013 بمنحة "ماك آرثر" العريقة التي تمنح الفائز مبلغ 625.000 دولاراً يمكن للباحث استخدامها في أي مشروع مناسب، وتسمى هذه المنحة عادة "منحة العباقرة"، كما حازت العام الحالي على منحة Sloan أيضاً، وتم التنويه على مشروعها لحل خوارزميات فورييه كأحد أهم المشاريع العشرة التكنولوجية المقدمة للجامعة في العام 2012، وغيرها كثير من الجوائز العلمية المرموقة.

أحد اختبارات الموجات

تسعى "دينا قتابي" إلى "إيجاد وسيلة لقياس الحركة والتنفس ونبض القلب عن بعد بدقة تضاهي الوسائل المستخدمة اليوم في عالم الطب"، فبعد أن قضت عقداً في دراستها البحثية كعضو في هيئة التدريس، قاربت إنتاج تقنية تمكن الأطباء من مراقبة معدلات النبض والتنفس لأي مريض دون الحاجة إلى ربطه مع أية وصلات أو أجهزة قياس. وتأمل "دينا" أن يستفيد من الأمر المرضى الأكثر عرضة للخطر، خاصة من يجب أن يظلوا تحت متابعة دقيقة من قبل أطبائهم ووالديهم، كحال الأطفال المبتسرين، كما يمكن استخدام التكنولوجيا اللاسلكية هذه لتحويل البيوت بأكملها إلى بيئات للألعاب، ولتنبيه مقدمي خدمات الرعاية عند سقوط كبار السن، ولتشغيل الأجهزة والأضواء وإطفائها بمجرد تلويح اليد.

يقوم المشروع الطموح الذي تقوده "دينا" ويسمى WiTrack، على كشف الحركة عبر نقل موجات لاسلكية منخفضة الطاقة والاستماع عبر الأجهزة إلى الإشارات المرتدة، مع التقاط أية انعكاسات عشوائية من أي جسم داخل الحيز المحدد، ويمكن لهذا النظام بالتالي، كما تقول "دينا"، "تسجيل الحركة على الموجات اللاسلكية، وباستخدام حلول حسابية منقحة، يمكن للنظام أن يكشف الحركات الدقيقة مثل التنفس أو النبض. كما يتسم نظام WiTrack بقدرته على التمييز بين مختلف الأشخاص داخل نفس الغرفة".

تشرح في الصف مشروعها

رأت مؤسسة "ماك آرثر" في "دينا" صفة الباحثة العنيدة كما يصفها أصدقاؤها. تقول عنها المؤسسة واصفة أسباب منحها هذه المنحة "تتميز دينا بقدرتها على ترجمة النظريات المعروفة سلفًا إلى حلول عملية". تضيف "دينا" في حديث لها أن الأمر يعني لها الكثير على المستويين المهني والشخصي. مع أنها لم تصدق فوزها بهذه المنحة عندما اتصلت بها المؤسسة، واعتقدت أنها مجرد مزحة: "لدي أصدقاء قد يمزحون معي بهذا الشكل".

لا تنسى دينا أساتذتها في جامعة "دمشق"، تقول في حديث لها: «لقد حظيتُ بمدرسين متميزين أثناء دراستي في الجامعة، ولكن الفضل في تشجيعي على البحث العلمي يعود لوالدي، فعائلتي كلها تقدر البحث العلمي والعلم والمعرفة»، نشأت "دينا" ودرست يفاعتها والثانوية في حي "المالكي" في "دمشق"، تقول متذكرةً أيامها هناك: «يتسم الناس في بلدي بالطيبة والمحبة، ودمشق مدينة شديدة القدم، وتعتبر واحدة من أقدم البلدان التي عاش الناس فيها على مستوى العالم. وهناك الكثير من الحضارات التي تعاقبت على النمو فيها».

مع فريق العمل

يحترم أساتذة المعهد عمل دينا كثيراً، أحد المشتغلين معها بشكل غير مباشر في نفس القسم، الشاب "مارتن رينارد" يقول عنها: "دينا إنسانه غير عادية، يمكن القول إنها مثابرة وعنيدة، فهي تستخدم التكنولوجيا الأساسية وتعيد تطبيقها بطريقة جديدة ومبتكرة تماماً".

تتوقع الباحثة أن يكون اختراعها جاهزاً في غضون عامين، حيث سيطرح في الأسواق التجارية، بعد هذه المهمة تطمح إلى الانتقال إلى بحث آخر، هو أيضاً من البحوث المهمة، وهو المساعدة في الحد من آلام الآباء بسبب الموت المفاجئ لأطفالهم الرضع. تقول "يوجد حالياً الكثير من الشاشات التي تتابع حالات الرضع، فتعرض فيديو عن الطفل وهو نائم، ولكن الكثير من الآباء يخافون من توقف أطفالهم عن التنفس".

أخيراً، كان توقع والدها أن تكون طبيبة، لكنها غيرت رأيها بعد عام من دراسة الطب، تقول في تبرير تحولها: "في كلية الطب، تدرس الجسم البشري، وهو ثابت في تكوينه، ولكن في الهندسة يمكنك أن تتخيل نظاماً كاملاً جديداً تماماً".

ملاحظة: تمت الاستفادة من عدة أحاديث إعلامية للمهندسة "قنابي" مع الصحافة الأميركية والبريطانية.