بعد اثنين وثلاثين عاماً تعود تلك الشابة التي رحلت من دمشق الفيحاء إلى بريطانيا لتتعرف على العالم مع زوجها، فكان الاجتهاد جزءاً من عملها لتدرس "التطوير الذاتي" وتصبح إحدى المستشارات، وتجتهد أكثر لتؤسس شركة عبر الخليج للاستشارات الإدارية في الإمارات العربية المتحدة، ثم تعود باحثة ومتخصصة. إنها الباحثة المغتربة "سحر الحفار الموصلي" التي تقوم بتدريب كوادر كمستشارين في التنمية البشرية تعود إلى دمشق لنلتقي بها في السويداء.

البداية كانت من النشأة لتصل إلى شؤون وشجون الغربة، تقول الباحثة "سحر الحفار الموصلي" لموقع eSwueda: «نشأت في عائلة دمشقية محافظة مترابطة تحافظ على العلاقات مع العائلة الأكبر مما كان يشعرنا نحن كمراهقين ومتمردين بالضغط والضيق ويدفعنا إلى التذمر من الواجبات العائلية والتدخلات في كل صغيرة وكبيرة من جميع أفراد العائلة تمنح الفرد كثيراً من الشعور بالأمان والانتماء، ولم نكن ندرك أن كثيراً من القيم تعلمناها كانت بفضل وجودنا في هذا المجتمع الدمشقي المترابط والمحب، قرأت عن الغرب وافتتنت بحضارتهم والحرية التي يتمتع بها الأفراد، لكن تعاظم حرية الفرد والانفرادية في المجتمع الغربي تؤكد استقلاليته، والتي بدورها أدت عبر السنين إلى البعد عن العائلة الكبيرة التي لم يعد لها وجود، ومن ثم تحلل حتى وحدة العائلة الواحدة، ليصبح الفرد وحيداً في عالم قاس يلهث فيه الجميع لتحقيق التحصيل العلمي والربح المادي واقتناء الأشياء الحسية والتفرد باتخاذ القرارات، وهذا كله مع الابتعاد عن العائلة وفقدان المجتمع لروابطه الحميمة بحيث أصبح الواحد منا لا يعرف من يعيش في الشقة المجاورة له، اكتشفت أثناء اغترابي أن مفهوم العائلة بمثابة الكنز المفقود هناك.

تعد المدربة "سحر الحفار الموصلي" من أوائل السيدات السوريات الحاصلات على أرفع شهادات التدريب، في مجال التنمية الذاتية والتطوير الشخصي، من أشهر المعاهد البريطانية، وتتميز السيدة "الموصلي" بخبرتها الكبيرة في مجال تقديم الاستشارات والحلول والمعالجة للمشاكل الشخصية سواء في الفردي الشخصي، أو الأسري، أو العملي، ويشهد لها بأنها أول من ترجم وقدم أحد أهم البرامج التدريبية العالمية، إلى اللغة العربية، والجمهور العربي

مرت السنوات ملأى بالتجارب والأحداث، ثم قررنا الانتقال مرة ثانية وتغيير الموقع والعودة إلى الشرق رغبة منا بتعريف أبنائنا بالعلاقات المترابطة وبأهمية حرارة القلوب في العالم العربي وبالخليج حصراً لأبدأ بمرحلة جديدة في تأسيس شركة عبر الخليج للاستشارات الإدارية في الإمارات، وأنطلق في المجال الذي درسته التطوير الذاتي، بإقامة الدورات التأهيلية للعديد من المدربين ليكونوا مستشارين».

بيير إيليا البازي

وعن مسيرتها العلمية قالت: «بعد أن درست الأدب الانكليزي في جامعة "دمشق"، حصلت على الدبلوم في الترجمة الفورية من المملكة المتحدة، ثم الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة "واشنطن"، نلت دبلوماً آخر في "التطوير الذاتي"، وأصبحت عضواً في المعهد القانوني للغويين في "لندن"، وعضواً في جمعية شركات الترجمة في "لندن"، لأعمل في مجال الترجمة الكتابية والفورية في المملكة المتحدة وقبرص والإمارات العربية المتحدة، وأسس شركة عبر الخليج للاستشارات الإدارية في الإمارات عام 1997، المتخصصة بتقديم خدمات الترجمة الفورية والاستشارات الإدارية والتطوير الذاتي للأفراد والمديرين التنفيذيين، وعبر دراساتها في مجال "التطوير الذاتي" عمدت أن تصبح مستشارة لتصدر في العام الجاري كتابها "أهلا بكم في الغد"، وتبدأ بإعطاء دورات تأهيلية في دمشق ومحافظات وطنها الأم سورية بعد اثنين وثلاثين عاماً في الغربة».

وعن موضوع "التطوير الذاتي" ورؤيتها أوضحت الباحثة "الموصلي" قائلة: «رؤيتنا تتركز على أن نكون المكان الذي يقصده كل من يبحث عن تحقيق النجاح ليلتقي بالآخرين، وأسلوبنا يتمحور حول تقديم المساعدة لتحديد معنى النجاح بالنسبة لك ومن ثم رسم خطة تساعد على تحقيق الهدف خطوة بخطوة، ومهمتنا في أن نساعدك لتركز على الإيجابيات في الحياة على الرغم من وجود العناصر السلبية حولنا والعمل دون كلل لإيجاد الحلول للتحديات والمشاكل التي تواجهنا للسير على طريق السعادة والنجاح، لأن تقديم الاستشارة هو فن مساعدة الآخرين لتحديد وتوضيح أهدافهم والناتج المطلوب، ولوضع خارطة طريق ذاتية لتحقيق هذه الأهداف ومن ثم تقديم الدعم اللازم ومواجهة التحديات لضمان الوصول إلى ما هو هام في الحياة، ومستشار التطوير يهدف إلى التشجيع والتعرف على القدرات الكامنة داخل كل إنسان، وهو يساعد على التطوير دون أن يفرض عليه، ومهمته التشجيع والتحفيز ويأخذ باليد لتمكين النفس عوضاً عن المدرب، ويشمل جميع مجالات الحياة، ويمكن لمستشار التطوير الذاتي أن يساعدك في عديد من النواحي بما في ذلك تطوير العمل المهني وإيجاد التوجه الذي يتناسب المؤهلات بشكل أفضل، والعلاقات العامة والخاصة، وإدارة الوقت والزمن، والتواصل مع الذات ومع الآخرين، والتعامل مع الضغط النفسي والشعور بالقلق والمخاوف، ومهارات الإدارة والقيادة، والبدء بعمل حر، وإيجاد التوازن في الحياة، والحصول على مهارات معينة أو معرفة محددة، وبالنهاية أن يحقق المتدرب كما يرغب أن يكون».

من مؤلفاتها

الإعلامي "بيير إيليا البازي" الذي رافق الباحثة إلى السويداء حدثنا عنها قائلاً: «من خلال معرفتي بالباحثة "سحر الموصلي" لمست بها قدرتها على التعامل مع الآخرين، وثقافتها الواسعة في الولوج بالطباع والأخلاق الإنسانية، وهذا نابع من دراستها لعلم "التطوير الذاتي"، التي بلغت به شأناً كبيراً لتكون مستشارة وتقدم المشورة لمن يحتاج، وهي التي عملت على نشر أهم برامج التدريب الشخصي أو الذاتي وعربته إلى العربية، وتقوم بتدريب وتأهيل الكوادر في محافظات القطر بكل تفان ومصداقية، ومن يقترب منها يكتشف شخصيتها المنفتحة على المجتمع لتحقيق التوازن والتجانس بطريقة تحديد الأهداف ومعرفة الآخر وتذليل الصعوبات التي تعترضه، فالهدوء الذي يكتنف أداءها هو العامل الذي يوصلها إلى ما تريد، فهي بلا شك مدربة ناجحة في إيصال المعلومة والدخول في عالم الآخر باقتدار وثقة».

المهندس "أسامة جناد" أحد المدربين في مجال البرمجة اللغوية أوضح قائلاً: «تعد المدربة "سحر الحفار الموصلي" من أوائل السيدات السوريات الحاصلات على أرفع شهادات التدريب، في مجال التنمية الذاتية والتطوير الشخصي، من أشهر المعاهد البريطانية، وتتميز السيدة "الموصلي" بخبرتها الكبيرة في مجال تقديم الاستشارات والحلول والمعالجة للمشاكل الشخصية سواء في الفردي الشخصي، أو الأسري، أو العملي، ويشهد لها بأنها أول من ترجم وقدم أحد أهم البرامج التدريبية العالمية، إلى اللغة العربية، والجمهور العربي».

الباحثة سحر الحفار الموصلي

يذكر أن السيدة الباحثة "سحر الحفار الموصلي" متزوجة ولها ثلاثة أبناء.